“عذاب ومعاناة” الموظفين بعد الانقلاب العسكري في مصر

تعددت الآثار الاقتصادية السلبية للانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في مصر عام 2013، وكانت الطبقة المتوسطة أكثر الفئات تضررا بعد الانقلاب.
يمثل الموظفون الغالبية العظمى لهذه الطبقة، وقد ساءت أحوالهم المعيشية بشكل كبير، وانتقل الكثير منهم إلى شريحة الفقراء، مع ثبات الرواتب، وانخفاض القيمة الشرائية للجنيه خاصة بعد التعويم، ووصول معدلات التضخم إلى أرقام قياسية غير معهودة منذ عقود.
وبالرجوع إلى أرقام الموازنة العامة للدولة قبل وبعد ثورة يناير، نجد أن الباب الأول في المصروفات بالموازنة الخاص بأجور وتعويضات العاملين، في موازنة عام 2010-2011 -آخر أعوام حكم الرئيس المخلوع مبارك- بلغ 96.3 مليار جنيه بما يمثل 7% من الناتج المحلي الإجمالي، مع معدل تضخم بلغ 11% في يناير 2011.
وبعد ثورة يناير التي كان أحد مطالبها الأساسية العدالة الاجتماعية، بدأت حكومات ما بعد الثورة في تحسين أوضاع العاملين وزيادة رواتبهم، حتى ارتفعت مبالغ الأجور في موازنة العام 2013-2014 وهي آخر موازنة أقرها مجلس الشورى قبل الانقلاب، إلى 178.6 مليار جنيه تمثل 9% من الناتج المحلي الإجمالي، وبنسبة زيادة بلغت 85.5% مقارنة بآخر موازنة قبل الثورة، بمتوسط زيادة سنوية بلغت 28.5%.
تزامن هذا مع انخفاض معدل التضخم السنوي ليصل إلى 6.6% في يناير 2013، وكان العاملون في الإدارة المحلية الذين يمثلون غالبية العاملين في الحكومة، أكثر المستفيدين من هذه الزيادات، حيث ارتفعت نسبة الحوافز الشهرية التي يحصلون عليها من 25% من الراتب الأساسي، إلى 200% من الراتب، تدل على ذلك أرقام بند المكافآت في الموازنة التي ارتفعت من مبلغ 35.1 مليار جنيه قبل الثورة في موازنة العام 2010-2011، إلى 75.3 مليار جنيه في موازنة العام 2013-2014 بنسبة زيادة بلغت 115%.
لكن أحوال الموظفين تدهورت بشكل سريع بعد الانقلاب العسكري إذ انخفضت نسبة الباب الأول وهو: الأجور وتعويضات العاملين إلى ما نسبته 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي، إذ بلغت 239.6 مليار جنيه، بمتوسط زيادة سنوية بلغ 8.5% فقط، بينما ارتفعت معدلات التضخم إلى معدلات غير مسبوقة منذ عقود ووصل معدل التضخم السنوي إلى 29.6% في يناير/كانون ثاني 2017 و31.7% في الشهر التالي له.
لم تقف معاناة الموظفين بعد الانقلاب عند هذا الحد، بل زادت قيمة الضرائب التى تحصلها الدولة على رواتبهم، وبالعودة إلى أرقام الموازنة نجد أن قيمة الضرائب على الدخول من التوظف ارتفعت من مبلغ 22.3 مليار جنيه في موازنة العام 2013-2014 إلى مبلغ 37.4 مليار جنيه في موازنة العام الحالي بنسبة زيادة بلغت 68%.
ومع تطبيق الحكومة المصرية تدابير اقتصادية، ذات تأثير تضخمي خلال الشهور الماضية مثل تعويم الجنيه وتطبيق ضريبة القيمة المضافة ورفع أسعار المواد البترولية والكهرباء والغاز، تآكلت القيمة الشرائية لرواتب الموظفين المحدودة وازدادت معاناتهم تحقيقا لما وعد به قائد الانقلاب.
ففي يناير 2104 نشرت فضائية “الجزيرة مباشر مصر” مقطع فيديو للمشير عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي في حينه، يتحدث فيه عن إمكانية ترشحه للرئاسة.
وقال السيسي، أثناء حواره مع ياسر رزق، رئيس تحرير صحيفة المصري اليوم:”المشروع عندكم أنتم .. أنتم عايزين أمة تبقى ليكوا شأن. أنا عارف سكتي بس هتمشوا معايا تستحملوا.. تستحملوا أمشيكو على رجليكم .. تستحملوا أصحيكوا الساعة 5 الصبح كل يوم .. تستحملوا إن الأكل ننكمش فيه .. تستحملوا التكييف ننكمش فيه .. تستحملوا إن أنا أشيل الدعم مرة واحدة .. تستحملوا ده مني“. وأضاف السيسي: “العقد اللي بيني وبين الناس علشان اتولى مسؤوليتكم .. العقد ده ممكن يبقي لأى حد ييجي يمسك الرئاسة .. إلا السيسي .. السيسي ده عذاب ومعاناة“.