خفض الواردات.. أحد أسرار ارتفاع الاحتياطي المصري

يوما بعد يوم تتكشف الأسباب وراء إعلان البنك المركزي المصري عن زيادة الاحتياطي الأجنبي في يوليو/ تموز ليسجل 36.036 مليار دولار، بزيادة نحو 4.731 مليار دولار عن الشهر السابق
فعدد كبير من الخبراء والمحللين الاقتصاديين يرون أن هذه الزيادة وهمية وغير منطقية، وليست دليلا على تعافي الاقتصاد المصري، بل ربما تخفي وراءها كوارث اقتصادية، إذ إن مصدرها عبارة عن ديون وقروض مستحقة للغير، وليست من موارد عادية كالصادرات، والسياحة، وقناة السويس، والاستثمار الأجنبى المباشر.
وقد كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن أحد الأسباب الهامة والخطيرة وراء ارتفاع الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي.
فقد جاء في النشرة الشهرية لبيانات التجارة الخارجية التي أصدرها الجهاز عن شهر مايو/أيار 2017، أن العجز في الميزان التجاري قد انخفض لتبلغ قيمته 2.32 مليار دولار مقابل 4.14 مليار دولار عن نفس الشهر من العام السابق بنسبة انخفاض بلغت 43.8%.
وكان من أهم المؤشرات ارتفاع قيمة الصادرات بنسبة 8.8% إذ بلغت 2.28 مليار دولار خلال مايو 2017 مقابل 2.09 مليار دولار لنفس الشهر من العام السابق ويرجع ذلك إلى ارتفاع قيمة صادرات بعض السلع وأهمها، بترول خام بنسبة 53.7%، وأسمدة بنسبة 82.6%
بينما انخفضت صادرات العجائن والمحضرات الغذائية بنسبة 10.7% والفواكه الطازجة بنسبة 53.3% والأثاث بنسبة 7.3%.
في الوقت نفسه انخفضت قيمة الواردات بنسبة 26.1% إذ بلغت 4.6 مليار دولار خلال شهر مايو 2017 مقابل 6.23 مليار دولار لنفس الشهر من العام السابق ويرجع ذلك إلى انخفاض منتجات البترول بنسبة 12.1% والمواد الأولية من حديد أو صلب بنسبة 39.8% ولدائن بلاستيك بنسبة 25.7% وأدوية ومحضرات صيدلية بنسبة 15.2%
بينما ارتفعت واردات بعض السلع خلال مايو مقارنة بنفس الشهر من العام السابق ومنها القمح بنسبة 19%
يقول الخبير الاقتصادي عبدالحافظ الصاوي إنه رغم ما يبدو من تحسن في العجز التجاري خلال مايو مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، إلا أنه بالنظر إلى هيكل الصادرات والواردات نجد أن الأمر يحمل في طياته مخاطر وسلبيات كثيرة، حيث إن الارتفاع في قيمة الصادرات يعود إلى تصدير البترول الخام والأسمدة، رغم أن مصر تقوم باستيراد المنتجات البترولية ما يدل على عدم وجود طاقة إنتاجية كافية في معامل التكرير المصرية، ما يفقد مصر كثيرا من القيمة المضافة.
كما أن الأسمدة المصدرة تحصل مصانعها على مبالغ كبيرة من دعم الطاقة مايعد إهدارا للمال العام، في الوقت الذي يعاني فيه الفلاح المصري من نقص كبير في الأسمدة وارتفاع أسعارها.
على جانب الواردات نجد أن انخفاضها يعود بالأساس إلى انخفاض كبير في واردات المواد الأولية والصلب واللدائن الأولية كالبلاستيك وهذه أهم مدخلات الصناعات المختلفة في مصر ما يدل على انخفاض كبير في إنتاج الصناعات التحويلية أو توقف العديد من المصانع.
تشير بيانات وزارة التجارة والصناعة إلى انخفاض كبير في حجم الواردات ما بين عامي 2015، 2016 حيث انخفضت الواردات من مبلغ 74.37 مليار دولار عام 2015 إلى 59.9 مليار دولار عام 2016 بنسبة انخفاض بلغت 20%.
وهذا الانخفاض الكبير في الواردات خلال عام واحد يدل على تراجع كبير في حركة الاستيراد، وهو ما ظهر في الزيادة الوهمية في حجم الاحتياطي النقدي الذي أعلن عنه البنك المركزي مؤخرا.
يذكر أن زيادة الاحتياطي اقترنت بزيادة غير مسبوقة في حجم الدين الخارجي الذي أصبح يمثل أكثر من ضعف الاحتياطى فى يوليو/ تموز الماضى.
فقد قفز مستوى الدين الخارجي لمصر إلى 73.888 مليار دولار بنهاية مارس/آذار – أي قبل أربعة أشهر من الآن- مقابل 53.444 مليار دولار على أساس سنوي، بمعدل زيادة سنوية بلغت 38%.
و اقترضت مصر منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي 11 مليار دولار عبر طرح سندات دولية، منها 4 مليارات في نوفمبر 2016 و4 مليارات دولار في يناير/كانون الثاني 2017 و3 مليارات في مايو/أيار.
كما حصلت الحكومة المصرية على القسط الثانى لقرض صندوق النقد الدولى خلال يوليو الحالى بنحو 250ر1 مليار دولار ، ليصل إجمالى الدين الخارجي إلى 139ر78 مليار دولار .
وكان الدين الخارجى بنهاية عام تولى الرئيس المعزول محمد مرسى قد بلغ 23ر43 مليار دولار، لتبلغ زيادة القروض فى عهد نظام ما بعد الانقلاب العسكري حوالى 35 مليار دولار .
في الوقت نفسه قفز الدين المحلي إلى 3.073 تريليون جنيه في نهاية مارس/ آذار من 2.496 تريليون قبل عام، رغم المعونات النقدية والبترولية التي تدفقت على النظام المصري بعد الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب والتي قدرها البعض بما يزيد عن 50 مليار دولار.