إعادة الاقتراض يفاقم أعباء الموازنة المصرية

تقترض الحكومة المصرية أكثر من أربعة أضعاف ما تحتاجه لسداد عجز الموازنة.

ويرجع السبب في ذلك إلى عجز الحكومة عن توفير مصادر تمويل طويلة الأجل لسداد ديونها، فتلجأ إلى أدوات الدين قصيرة الأجل (الأذون) لسداد التزامات طويلة الأجل (الدين العام) مع ما يحمله ذلك من مخاطر ارتفاع تكلفة الدين بسبب التقلب المستمر في أسعار الفائدة، وعدم توافر السيولة لمواجهة سداد دفعات الأقساط والفائدة، وهكذا دخلت الحكومة المصرية ما يسمى بـ “الدائرة الجهنمية”، الاقتراض من أجل سداد أعباء الاقتراض.

فبحسب البيان المالي للموازنة العامة للدولة، يبلغ صافي اقتراض الحكومة للعام المالي الحالي مبلغ 370.25 مليار جنيه، بينما اقترضت الحكومة مبلغ 1614 مليار جنيه (91.5 مليار دولار)، أي أكبر من أربعة أضعاف المبلغ المطلوب.

فقد بلغ عجز الموازنة المتوقع للعام المالي الحالي 370 مليار جنيه، وبلغت قيمة أقساط سداد الديون الداخلية والخارجية مبلغ 265.39 مليار جنيه، وحيث إن المسدد من أقساط يخصم من قيمة إجمالي الدين العام، يكون صافي مبلغ الاقتراض 370 مليار جنيه، وهو المبلغ الذي يفترض أن تقترضه الحكومة خلال العام، ليضاف إلى إجمالي قيمة الدين العام.

إلا أن الحكومة وبحسب الجداول الزمنية لإصدار أذون وسندات الخزانة، اقترضت في الربع الأول (يوليو/تموز-_سبتمبر/أيلول 2017) مبلغ 371 مليار جنيه، وفي الربع الثاني (أكتوبر/تشرين أول-ديسمبر/كانون أول 2017) مبلغ 389.25 مليار جنيه، وفي الربع الثالث (يناير/كانون ثاني-مارس/آذار 2018) مبلغ 415 مليار جنيه، وفي الربع الرابع (أبريل/نيسان_- يونيو/حزيران 2018) ستقترض 438.75 مليار جنيه، ليبلغ إجمالي الاقتراض خلال العام المالي الحالي 2017-2018 مبلغ 1614مليار جنيه.

وبالنظر إلى تركيبة هذا الاقتراض نجد أنه يشمل أدوات دين (أذون خزانة) أجل 91 يوما (ثلاثة أشهر) بمبلغ 358 مليار جنيه، تمثل 22.2% من إجمالي الاقتراض، ما يعني إعادة تدويرها أربع مرات خلال العام، بفائدة تتراوح بين 7.85% و 5.15%، وتحميل الموازنة بفائدة تصل إلى 26% على هذه السندات.

كما تشمل أذون لمدة 182 يوما (6 شهور) بمبلغ 358.5 مليار جنيه، بنسبة 22.2% من إجمالي الاقتراض، يتم تدويرها مرتين، وأذون أجل 273 يوما (9أشهر) بمبلغ 384.75 مليار جنيه تمثل 23.8% من إجمالي الاقتراض، يتم تدويرها مرة ونصف، وأذون أجل 364 يوما بمبلغ 391 مليار جنيه، تمثل 24.2% من إجمالي الاقتراض.

وتبلغ قيمة السندات أجل 3 سنوات مبلغ 37.75 مليار جنيه، تمثل 2.34% من إجمالي الاقتراض، والسندات أجل 5 سنوات مبلغ 31 مليار جنيه تمثل 1.9%، والسندات أجل 7 سنوات مبلغ 27 مليار جنيه تمثل 1.7%، والسندات أجل 10 سنوات مبلغ 26 مليار جنيه تمثل 1.6 % من إجمالي الاقتراض، وبهذا تمثل أدوات الدين قصيرة الأجل نسبة 92.4% من إجمالي الاقتراض، ما يحمله ذلك من مخاطر.

لهذا حذر وزير المالية المصري عمرو الجارحي من أن تنامي مؤشرات عجز الموازنة وتزايد الديون سيكون أمرا يصعب التعامل معه.

وقال “الجارحي”، في تصريحات لصحيفة “فايننشال تايمز” معلقا على مؤشرات عجز الموازنة والديون: “لا يمكننا التعايش مع مثل هذه الأرقام”.

وكشف الوزير، عن توقعات بوصول الدين العام المصري إلى 108% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الجاري، ووصول عجز الموازنة لـ 9.8% من الناتج، مضيفا: “إذا تركناها على هذا الوضع سيزيد الدين ومستوى العجز سيرتفع والوضع سيكون أكثر صعوبة”.

يذكر أن نشرة الطرح الخاصة بالسندات الدولارية، التي طُرحت في فبراير/شباط الماضي، أشارت إلى أن الدين العام الخارجي المصري ارتفع ليصل إلى 82.9 مليار دولار، وسط توقعات بتخطيه حاجز الـ 100 مليار دولار نهاية العام الجاري.

وفي حين يتخطى الدين الداخلي حاجز الـ 3.4 تريليون جنيه نهاية العام المالي الماضي، فإنه من المتوقع وصوله إلى 4.8 تريليونات جنيه نهاية العام المالي الحالي نهاية يونيو/حزيران القادم.

ووفق بيانات وزارة المالية، فإن إجمالي الدين العام المحلي والخارجي تجاوز 4 تريليونات جنيه -226 مليار دولار- نهاية العام المالي الماضي فقط 2016 /2017، كان نصيب سنوات حكم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي منها 2.3 تريليون جنيه، بعد أن قاد انقلابا عسكريا في يوليو 2013، وكانت ديون مصر تبلغ آنذاك 1.7 تريليون جنيه.

وبحسب البيان المالي التمهيدي للموازنة العامة للدولة للعام المالي القادم 2018-2019 تبلغ قيمة فوائد الدين العام 541 مليار جنيه تمثل أكبر باب على جانب المصروفات في الموازنة العامة للدولة.

المصدر: الجزيرة مباشر + صحف أجنبية

إعلان