مصر: صراع الأجهزة السيادية فوق أجساد المتظاهرين
25/9/2019-|آخر تحديث: 4/11/202401:47 PM (بتوقيت مكة المكرمة)
ذهبت غالبية التحليلات السياسية حول الأحداث الأخيرة في مصر إلى صراع سياسي بين مراكز القوى داخل الأجهزة السيادية في مصر أو ما يُعرف بصراع الأجنحة.
محمد علي يحرك المشهد
- من شواهد هذا الصراع تضارب بعض التصرفات وردود الفعل تجاه الأحداث، إلا أن ثمن الصراع دفعه المئات من الناس والشباب الذين طمحوا في تغيير سياسي ينتشلهم من حقبة الفقر والديكتاتورية والظلم التي أغرقهم فيها عبد الفتاح السيسي.
- البداية من محمد عليّ، الرجل الذي فاجأ الجميع في مصر، الشعب وأجهزة السلطة، والذي أحدث رجة كبيرة في الماء السياسي الراكد منذ سنوات بسبب عمله مع المؤسسة العسكرية في مجال المقاولات المليء بالفساد، والذي تحوم حوله الشكوك في اتصاله ببعض أجنحة السلطة.
- بعض المصادر قالت إن جهاز المخابرات العامة يُجري تحقيقا كبيرا في أجواء سرية شديدة لمعرفة الأشخاص الذين يساعدون محمد علي بإمداده بالمعلومات.
- المصادر قالت بأن هناك شكوكا تحوم حول بعض قيادات الجهاز المشكوك في اتفاقها مع محمود نجل السيسي وعباس كامل الذيّن يُديران الجهاز، وأن هؤلاء هم من سهلوا لعلي نقل أمواله للخارج وهم من يدعمونه حالياً، في الوقت الذين كانت قيادات الجهاز وقيادات الأجهزة والهيئات الأخرى المتعاونة معه في غاية الاطمئنان له ولم يتوقعوا هروبه أو فضح تفاصيل عمله معهم.
صراع الأجنحة
- المصادر المقربة من جهاز المخابرات العامة قالت إن هناك خلافات ضخمة داخل الجهاز لعدة أسباب.
- عدم الرضا عن طريقة إدارة الجهاز من قبل عباس كامل ومحمود عبد الفتاح السيسي ومحاولتهما تغيير عقيدة وطريقة عمل الجهاز وتصفية الكثير من قياداته العليا والوسطى بدعوى الشك في ولائهم لرئيس الجمهورية.
- عدم الرضا عن كيفية إدارة ملف الإعلام وسخطهم من الضابط أحمد شعبان الذي يُسيطر على الملف بأكمله والذين يروا فشله منقطع النظير سواء على مستوى الوجوه المتصدرة فيه أو طريقة تناول الملفات.
- هناك سخط عام من المبالغ التي تربحها بعض اللواءات والتي تصل إلى مئات الملايين، خاصة بعد مقطع الفيديو الذي سأل فيه السيسي اللواء أركان حرب محمد عبد الحي محمود، رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للزراعة المحمية، عن راتبه ورد عليه بأنه 14 ألفا و200 جنيه، في الوقت الذي يتربح فيه بعض اللواءات الملايين أمثال اللواء كامل الوزير سواء أثناء توليه رئاسة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أو وزارة النقل، هو ومعاونيه.
- غضب قيادات الأجهزة من قول السيسي في مؤتمر الشباب بأن الأجهزة قامت بتقبيل يديه، وهو ما اعتبروه إهانة لهم.
خلافات خارجية أيضاً
- على الصعيد الخارجي، أشارت المصادر إلى وجود خلافات بين السيسي ودول الخليج.
- يأتي الخلاف مع الامارات على خلفية غضب جهاز المخابرات العامة من توغل أبو ظبي في السياسة المصرية وملف الاقتصاد الخاصة بالاستثمارات والمشاريع داخل مصر والتي يحوم حول بعضها فساد كبير، ومحاولته الحد من ذلك التوغل وهو ما أغضب مراكز قوى هناك.
- كذلك الخلاف مع السعودية على خلفية الأحدث الأخيرة ودور مصر الذي تراه الرياض ضعيفاً سواء في اليمن أو ضد إيران، حيث كان بن سلمان يتوقع موقفا أشد تعاونا من قبل السيسي تجاه طهران.
ارتباك شديد
- في وسط تلك الاضطرابات، كان هناك ارتباك شديد داخل الأجهزة والجهات الأمنية في مصر، فمن ناحية كانت هناك تعليمات من وزير الداخلية بعدم تسليح القوات المواجهة للمظاهرات بالذخيرة الحية مع قلق شديد من تكرار سيناريو ثورة يناير وخوف كثير من الضباط من تحمل المسؤولية، وفق مصدر من الوزارة وحديث بعض الضباط.
- كذلك داخل القوات المسلحة، والتي لم تتدخل في المشهد خوفاً من حدوث صدام بين المتظاهرين وقوات الجيش في وقت أصبحت شعبية السيسي في أدنى مستوياتها على الإطلاق، وترقباً لتطور المشهد فيُصبح تدخلها مطمئناً للمتظاهرين وليس صدامياً.
- قلق القوات المسلحة من أن يُنظر إلى الجيش خارجياً على أنه قوات قمع إذا ما تطورت الأحداث.
- ذلك التوتر ظهر ، يوم الجمعة الماضي، بشكل أكبر، حيث كان تعامل قوات الشرطة مع المتظاهرين غير مألوف، مما دفع البعض للاعتقاد بأن هناك رضا عن تلك المظاهرات، وقامت قوات الأمن بالإفراج عن بعض المتظاهرين بعد القبض عليهم على غير المعتاد، وقد أشارت مصادر إلى إخلاء سبيل جميع المتظاهرين في بعض المحافظات مثل مرسى مطروح.
- حالة الارتباك ضعفت بشدة يومي السبت والأحد مما دفع قوات الأمن بزيادة حدة المواجهة مع المتظاهرين والقبض على المئات منهم، وتشديد التعليمات لقوات الأمن بالتوسع في عمليات الاشتباه والقبض تحسباً لأي مظاهرات جديدة.
- هناك قلق شديد داخل الأجهزة من يوم الجمعة المقبل، والذي دعا محمد علي إلى التظاهر فيه ضد عبد الفتاح السيسي، وفق مصادر مقربة.
- منبع القلق لدى الأجهزة يأتي من دخول فئات جديدة في عملية التظاهر والاحتجاج وعدم معرفة أية قيادات يمكن القبض عليها أو الضغط عليها لإفشال الاحتجاجات، وهو ما دفع قوات الأمن للتوسع في عمليات القبض العشوائي بطريقة هيستيرية، وهو ما دفعهم ايضاً للقبض على بعض الرموز المعروفة مُسبقاً مثل كمال خليل وماهينور المصري.
المصدر : الجزيرة مباشر