أربعة أسباب تجعل من قرار الحرب على إيران قرارًا خاطئًا
أدى الهجوم على منشآت أرامكو السعودية إلى هز أسواق النفط الخام في العالم، وألقى الحادث بظلاله على مستقبل منطقة الشرق الأوسط التي لا تنقصها الاضطرابات والتوتر.
وكانت جميع أصابع الاتهام في واشنطن والرياض، تشير إلى الغريم التقليدي؛ الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
في واشنطن تعالت أصوات بعض المحافظين المتحمسين لشن حملة عسكرية على إيران، وقُدمت العديد من الاقتراحات بهذا الصدد، حتى إن بعضهم تحدث عن تحديد أهداف معينة في إيران، ومنها استهداف أكبر مصفاة نفط في طهران للانتقام.
الاندفاع والتسرع في العمل العسكري أمر شائع لدى كثير من الساسة في واشنطن. وسنحاول أن نطرح هنا الصوت الآخر الأكثر حذرًا وحسابًا لعواقب الأمور. فيما يلي سنطرح أربعة أسباب يطرحها المناهضون لفكرة الحرب مع إيران، وهي أفكار تدعو الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للتروي في اتخاذ قرار عسكري ضد طهران، والنظر بعين المصلحة، بدلاً من الخضوع لمشاعر لحظيّة ومؤقّتة.
أولا: السعودية هي التي تعرضت للهجوم
تعد البقيق منشأة مملوكة للسعودية وتعمل على الأراضي السعودية، وتنتج النفط السعودي للخزانة السعودية. قد يكون الهجوم بالطائرات المسيّرة أو الصواريخ على المنشأة انتهاكًا مباشرًا لسيادة المملكة العربية السعودية وسلامتها الإقليمية، لكنه ليس هجومًا على الولايات المتحدة أو شعبها. إذا كان هناك رد، فيجب أن تقوم الرياض بالتخطيط له وتنفيذه، وبالاشتراك مع شركائها المتبنين للموقف المماثل في الخليج العربي، فكلهم مهتمون بضمان قدرتهم على الاستمرار في تصدير نفطهم بشكل مستمر ومستقر. لكن يبدو أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يرغب دائمًا أن تخوض واشنطن معاركه نيابة عنه.
إلا أن مهمة الجيش الأمريكي هي الدفاع عن الولايات المتحدة والشعب الأمريكي، وتستخدم كخيار أخير عندما تتعرض مصالح الولايات المتحدة الأساسية أو الأمن القومي للخطر. ولا ينبغي أن تحدد أي دولة أجنبية، سواء كانت حليفة أو شريكًا استراتيجيا، متى تستخدم الولايات المتحدة القوة ومتى تهملها. ينبغي على واشنطن ألا تسمح لدولة أجنبية بسحب الولايات المتحدة إلى صراعات لا علاقة لها بها.
ثانيا: الحرب مع إيران تناقض استراتيجية ترمب
يعد قرار الحرب مع إيران خطة معززة لزيادة التوتر وانعدام الأمن، ليس هذا فحسب، وإنما يساهم أيضا في انتهاك استراتيجية الأمن القومي واستراتيجية الدفاع الوطني التي وضعتها إدارة ترمب.
فمنذ تولي ترمب منصبه، وهو يسعى إلى غلق منافذ تبديد الثروة الأمريكية في صراعات خارجية، لا تلامس المصالح الداخلية في أمريكا بطريقة مباشرة. ولهذا كان شعاره “أمريكا أولًا”. ولذلك فإن التورط في حرب جديدة في الشرق الأوسط يبدد كل ما يسعى إليه من توفير الموارد والثروة وتجنب فتح جبهات جديدة تستهلك الاقتصاد الأمريكي.
ثالثا: من المرجح أن تزداد الهجمات على المنشآت النفطية في حالة الحرب
إن ارتفاع أسعار النفط الخام على المدى القصير أمر مؤسف، ولكن ليس من المعقول استدامة هذه الزيادة قصيرة المدى وتحويلها إلى اضطراب كبير وطويل الأجل لإمدادات النفط العالمية. فالتصعيد العسكري يمكن أن يتحول بسرعة إلى حرب أخرى لا نهاية لها.
يعالج السعوديون بالفعل زيادات الأسعار بطريقة ناجحة عن طريق الاعتماد على احتياطي النفط لديها، لكن شن هجمات انتقامية على الأهداف الإيرانية، خاصة منشآت معالجة النفط كما ينادي بعض أعضاء مجلس الشيوخ، لن يؤدي إلا إلى مزيد من التقليل من إمدادات النفط في السوق كما سيؤدي إلى تفاقم الاضطرابات، وربما يؤدي إلى ركود اقتصادي آخر.
رابعا: لن تتردد إيران في الرد على أي هجوم عليها
هناك ثقة غير مبررة في واشنطن بشأن قدرة الولايات المتحدة على السيطرة على التصعيد ضد إيران. يفترض هؤلاء الذين يمارسون ضغوطاً من أجل استخدام الحل العسكري، أن الضربة العسكرية ستكون مدمرة لمعنويات القيادة في طهران بحيث يختار القادة الإيرانيون السكوت وعدم الرد خوفًا مما قد يحدث بعد ذلك. هذا افتراض وهمي يصنعه الكثيرون ممن يتوقون الآن إلى التصعيد علمًا أنهم هم نفس الأشخاص الذين توقعوا بثقة أن الضغط المتزايد قد يجبر الإيرانيين على الاستسلام لسياستهم الخارجية. ولكن الحقيقة أن طهران أكثر اللاعبين عدوانية وقدرة على اتخاذ المخاطر في الخليج العربي.
تمتلك إيران العديد من الأجهزة والجماعات المسلحة في المنطقة التي يمكن أن تستخدمها للانتقام والتسبب في اضطرابات لا نهاية لها في المنطقة، بالإضافة إلى تدبير المزيد من المضايقات للناقلات النفطية والمدنية في الخليج. ومن المرجح أن تتفاقم أي ضربة عسكرية أمريكية بسرعة وتتحول إلى حرب تقليدية لا يرغب فيها أي طرف. إن أفضل طريقة لتجنب الحرب هي تحييد الخيار العسكري.