الانتخابات التشريعية التونسية.. صمت قلق
29/9/2019
في يوم الصمت الانتخابي للدور الأول من الانتخابات الرئاسية في تونس، الموافق 14 سبتمبر/ أيلول الجاري، انطلقت حملة الانتخابات التشريعية دون ضجيج وبشكل خافت.
فقد حجب الاهتمام بمناخ الانتخابات الرئاسيّة حضورها، ثمّ جاءت المفاجآت التي أحدثتها النتائج لتسحب الأضواء منها وتسلّط على مَن سيصبح “الرئيس”.
حملة صامتة
- يبدو أن هذا السكون السياسي والاجتماعي والإعلامي الذي رافق حملة الانتخابات التشريعية منذ بداياتها إلى الآن أثار قلق المترشّحين عن القوائم سواء كانت حزبية أو ائتلافية أو مستقلة ورأوْا في ذلك غبنا وستكون له تداعيات في توجيه الرأي العام ومزاج الناخب ومن ثم النتائج.
- في المقابل تعتبر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن بطء انطلاق الحملة الانتخابية التشريعية كان بسبب إكراهات دستورية.
- قال عضو الهيئة أنيس الجربوعي لموقع الجزيرة مباشر إن التغيير في الرزنامة الانتخابية والمتعلق بتقديم موعد إجراء الرئاسية يأتي في إطار احترام الآجال الدستورية الخاصة بمدّة تولّي رئيس البرلمان محمد الناصر منصب رئاسة الجمهورية مؤقتا بعد وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي والمحددة بـ90 يوما.
- وفق الجربوعي، فإنه ورغم انطلاق حملة الانتخابات التشريعية المتزامن مع يوم الصمت الانتخابي للرئاسية، فإنه لم يتم منع القوائم المترشحة من القيام بحملاتها وإنما تم إعلام المترشحين عنها بعدم الإدلاء بتصريحات إعلامية فقط، ولم تتم ملاحظة أي خروقات تذكر بين الرئاسية والتشريعية رغم تزامن يوم الصمت والاقتراع في الرئيسية مع حملة الانتخابات التشريعية.
- أضاف الجربوعي أنّ الانتخابات التشريعية على قدر كبير من الأهمية، لذلك تسعى هيئة الانتخابات إلى الاستعداد تقنيا ولوجستيا من خلال اعتزامها رفع مستوى إعداد المراقبين مع التركيز على نقاط الضعف المسجلة خلال الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، والتي كان لها دور في تأخر إعلان النتائج، وعليه ستتم الزيادة في عدد صناديق الاقتراع نظرا لإمكانية تزامن الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
ظروف خاصّة
- “وضع طارئ تمرّ به البلاد ألقى بظلاله على مواعيد الانتخابات، وبالتالي الظروف هي التي حتّمت أن تكون الرزنامة على ماهي عليه اليوم” هكذا ترى ليلى الشرابي، رئيسة المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات “عتيد” مضيفة في تصريح لموقع الجزيرة مباشر أنه لا يوجد ما يربك عمل القوائم وحملاتها الانتخابية ميدانيا، لكن هذا لا يمنع وجود بعض التأثيرات تتمثل في بطء نسق سير الحملة.
- تضيف الشرابي أنه ككل عملية انتخابية تسعى منظمة “عتيد” مثل سائر منظمات المجتمع المدني لمواكبة سيرها عبر المتابعة والمراقبة حتى ترفع بعد ذلك تقارير التقييم للجهات المعنية.
- أكدت رئيسة المنظمة على الاستعدادات الحثيثة لذلك نظرا لأهمية الانتخابات التشريعية ودقّتها إذ إنها تَعُدّ أكثر من 1500 قائمة انتخابية مترشحة بين حزبية وائتلافية ومستقلة، مشيرة إلى أنّهم في منظمة “عتيد” قاموا بإعادة فتح باب انتداب الملاحظين وتدريبهم من جديد وطلب اعتمادهم من قبل هيئة الانتخابات، نظرا لما تتطلبه هذه الانتخابات من جهد خاصة خلال فترة الحملة الانتخابية، علما أن عدد الملاحظين الحاليين بـ”عتيد” 500 ملاحظ.
ضرورات تحدّد خيارات
- سياسيا، ساهم موت الرئيس التونسي السابق الباجي قايد السبسي في قلب ترتيبات المشهد الانتخابي، وأربك صانع القرار الحزبي في المعارضة والحكم، الذي كان يستعد لانتخابات تشريعيةٍ تُبْرز الأوزان الحقيقية للمجموعات المكوّنة للمشهد السياسي في تونس ليتم على ضوئها ترتيب الانتخابات الرئاسية وفق تلك التوازنات.
- اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الحبيب بوعجيلة في تصريح لموقع الجزيرة مباشر أن الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها نتيجة وفاة السبسي صارت مدار الاهتمام، وأن نتائج الدور الأول مثلت “زلزالا ومفاجأة” بفوز مترشحيْن لا ينتميان إلى منظومة الأحزاب التقليدية الحاكمة أو المعارضة، فكانت هذه النتيجة كافية لجعل كلّ الأضواء تسلّط عليها، إذْ لم تبدأ الحملة التشريعية فعليّا سوى بعد ثلاثة أو أربعة أيام من موعدها المبرمج حسب الرزنامة الانتخابية.
- مازال تركيز الناخب حسب بوعجيلة منصّبا على الانتخابات الرئاسية في دورها الثاني، مشيرا إلى أنه قد يكون اقتراع الناخب في التشريعية متأثرا برأيه في الرئاسية واختياراته التي قررها للدور الثاني.
- تعيش تونس هذه الأيام مشهدا متنوع الزوايا، تختلف قراءاته حسب الظروف والمتغيرات الحاصلة بشكل يومي تقريبا، لكن يبقى الأمر رهين الصندوق وما قبله من حملة انتخابية يتلوها صمت، لتأتي بعده النتائج التي قد تقلب الموازين كما حصل في الانتخابات الرئاسية وتكسر حاجز الصمت السياسي الحالي.
المصدر : الجزيرة مباشر