“إعادة تموضع” قوات حفتر في طرابلس.. انهيار أم انسحاب إجباري؟

قال تقرير لوكالة الأناضول إن تصريحات المتحدث باسم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، عن “إعادة تموضع” للقوات في محاور بالعاصمة الليبية طرابلس، يعني “انسحابا” في العرف العسكري.
وأضاف التقرير أن هذه التصريحات كاشفة، إذ تأتي بعد يوم من سيطرة قوات حكومة الوفاق على قاعدة الوطية الجوية الاستراتيجية، جنوب غرب العاصمة، بالإضافة إلى بلدتين في الجبل الغربي.
وأشار التقرير إلى أن “السقوط المدوي لأكبر قاعدة جوية في المنطقة الغربية، بدأ يجد صداه في الجبل الغربي والأحياء الجنوبية لطرابلس، وكذلك في مدينة ترهونة، التي تقع على بعد 90 كيلومترا جنوب شرق طرابلس وما تزال تسيطر عليها قوات حفتر.
وقال التقرير إنه رغم نفي المسماري الانسحاب الكلي من محاور القتال بطرابلس، فإنه قال بصوت مرتبك إن هذا الانسحاب مجرد “إعادة توزيع قوات وتموضع في المحاور القتالية، مع فك الاشتباك ببعض الأحياء السكنية المكتظة، بمناسبة عيد الفطر”.
وأشار التقرير إلى أن هذه التصريحات تذكر بتصريحات سابقة لقيادات موالية لحفتر، بوصف سقوط قاعدة الوطية بأنه “انسحاب تكتيكي”، بعد أن سبق وأن نفت صفحات تابعة لهم وجود أي انسحابات في صفوفهم بالقاعدة، قبل أن يتبين عدم صحة ذلك.
وقال التقرير إنه لم يسبق أن انسحب حفتر طيلة أكثر من سنة من أي حي في العاصمة سيطر عليه إلا بالقوة، لذلك من المستغرب أن ينسحب من أحياء بسبب العيد أو اكتظاظها بالسكان وهو الذي لم يتوان عن قصف أهالي طرابلس ومستشفياتهم طيلة شهر رمضان المبارك.
ويضيف التقرير أن قرار الانسحاب من أحياء في جنوبي طرابلس، جاء بعد ساعات فقط من سقوط قاعدة الوطية، وسبق ذلك إدانات دولية وأممية، بما في ذلك فرنسا التي تدعم حفتر، لاستهدافه أحياء شعبية والمستشفى المركزي بطرابلس، ما أوقع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.
وأضاف التقرير أن هناك تقارير تتحدث عن سحب وحدات عسكرية باتجاه شرق ليبيا من المحاور الجنوبية لطرابلس، مما أثار رفض وغضب قوات ما يعرف باللواء التاسع ترهونة التابع لحفتر.
وذكر التقرير أن الصراع بين حفتر ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، وصل إلى درجة تفكيك المليشيات التي أعلنت دعمها لصالح ومصادرة أسلحتها، مثل الكتيبة 102 بمنطقة مرتوبة غرب مدينة درنة، والتي تضم مسلحين غالبيتهم من قبيلة العبيدات التي ينتمي إليها صالح، وكتيبة أبناء الزاوية بمدينة بنغازي، واقتحام بيت قائد الكتيبة 128 حسن الزادمة ببنغازي من قبيلة المغاربة.
وأشار التقرير إلى أن “أغلب قبائل الشرق الليبي اجتمعت مع صالح وأيدت مبادرته السياسية، ولم تبد تأييدا لدعوة حفتر لتفويضه بحكم ليبيا، ومن بين تلك القبائل: العبيدات والمرابطين والعواقير والحاسة والمغاربة وشحات والجبارنة والعرفة والفوايد والزوية والعبيد والجوازي والعريبات واجلالات”.
وذكر التقرير أن الوضع مشحون في إقليم برقة، وقد يضطر حفتر لسحب بعض قواته من طرابلس لتثبيت معاقله في الشرق، بالرغم من أن الأمر لم يصل بعد إلى المواجهة العسكرية بين القبائل المؤيدة لصالح وقوات حفتر.
وقال التقرير إن قوات حفتر ماتزال تتمركز في بعض البلدات في الجبل الغربي، مشيرا إلى نجاح قوات الوفاق في السيطرة على بلدتي تيجي وبدر، اللتين تقطنهما قبيلة الصيعان، الموالية لنظام القذافي والمتحالفة مع حفتر.
وأوضح التقرير أن للبلدتين أهمية كبيرة، لأنهما تقعان جنوب غرب قاعدة الوطية، وبقاؤهما في يد حفتر يعني استمرار التهديد على القوات الحكومية الموجودة بها، وصعوبة استخدام الطيران بها.
كما أن قبيلة الصيعان تعتبر خزانا بشريا لحفتر، وتيجي وبدر منطقتا عبور سابقة من الوطية إلى مدينة الزنتان، 170 كيلومترا جنوب غرب طرابلس، ومن ثم إلى قاعدة الجفرة الجوية، 650 كيلومترا جنوب شرق طرابلس، أو إلى مدينة ترهونة، 90 كيلومترا جنوب شرق طرابلس، والمناطق جنوبي العاصمة.
وذكر التقرير أن السيطرة على بلدتي الأصابعة والعربان، المواليتين لحفتر، يمثل تأمينا لمدينة غريان، 100 كيلومتر جنوب طرابلس، عاصمة الجبل الغربي التي سيطرت عليها قوات الحكومة في يونيو/ حزيران 2019، فالأولى تقع جنوب غرب مدينة غريان والثانية تقع إلى الشرق منها.
وقال التقرير إن أخطر مدينة في الجبل الغربي هي بلدة الزنتان، ومعها بلدة الرجبان المجاورة لها.
وأوضح أن الزنتان تعتبر أكبر قوة عسكرية في الجبل الغربي، إذ يدعم مجلسها العسكري حكومة الوفاق، وكذلك مجلسها البلدي ومعظم نوابها وأعضائها في مجلسي النواب والدولة ومكوناتها الاجتماعية. كما ينحدر اللواء أسامة الجويلي قائد المنطقة الغربية في الجيش الحكومي من الزنتان ويعد أحد قادة المدينة العسكريين.
لكن بالمقابل أكثر من نصف مسلحي الزنتان، موالون لحفتر، بقيادة إدريس مادي، قائد المنطقة الغربية في قوات حفتر، ومعهم أنصار نظام القذافي.
كما أن مطار الزنتان يخضع لنفوذهم وتم استخدامه من قبل في نقل الأسلحة والأفراد، وليس معروفا إن كانت قوات حفتر استخدمته أيضا في قصف قوات الحكومة.
وأشار التقرير إلى أن “الوضع في الزنتان حساس جدا، وهناك تعايش صعب بين الموالين لحفتر والداعمين لحكومة الوفاق داخل المدينة، وأحيانا في البيت الواحد”.
وذكر التقرير أن الأمر ينطبق أيضا على مدينة “الرجبان وبلدة الرياينة المجاورة، لكن من المتوقع أن تعالج هذه المسألة عبر الحوار المجتمعي داخل القبيلة الواحدة، من خلال تحييد مسلحي حفتر عن القتال مقابل عدم مهاجمتهم.
لكن التقرير يقول إن المعركة في الجبل الغربي لم تضع أوزارها بعد، خاصة أن مادي أعلن عبر إذاعة الزنتان أنهم سيواصلون القتال، كما أن معظم القوات التي انسحبت من قاعدة الوطية بأسلحتها الثقيلة تتحدر من الزنتان.
وأضاف التقرير أن “اللواء التاسع ترهونة”، الملقب بـ”الكانيات”، يواجه وضعا صعبا، بعد سقوط قاعدة الوطية وما تبعها من انسحاب الموالين لحفتر من قبيلة الزنتان والمداخلة في الجبل الغربي، وإمكانية انسحاب مسلحي الشرق من محاور القتال جنوبي طرابلس.
وقال إن من الممكن أن يبقى اللواء التاسع وحيدا في معركة طرابلس مثلما دخلها وحيدا في 2018، قبل أن يضطر للانسحاب منها ويعود إلى معاقله السابقة بخفي حنين.
وقد يضطر هذه المرة إلى التفاوض مجددا من أجل الانسحاب، لكن كلما تأخر الوقت ضيع فرصا للخروج بأقل الخسائر من المستنقع.
وخلص التقرير إلى أن “مشروع حفتر يتداعى في كامل البلاد سواء في طرابلس أو بالجبل الغربي أو في برقة أو حتى في الجنوب بإقليم فزان، مثلما وقع للزعيم الراحل معمر القذافي، في 2011، عندما صمد 8 أشهر قبل أن تنهار كتائبه الأمنية بسرعة رهيبة وغير متوقعة، ولم يعد السؤال اليوم: هل يسقط حفتر ومشروعه الانقلابي؟ بل متى؟”.