مقال بنيويورك تايمز: السعودية.. حيث يقتل القوي الضعيف ويمكنه دفع الدية
قال مقال رأي في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الإسلام شرع الدية كوسيلة للرحمة وإنهاء الصراعات القبلية، وليس كوسيلة لإفلات الغني من العقاب.
وأشار كاتب المقال الصحفي التركي مصطفى أيكول إلى مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول بتركيا في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، موضحا أن الصحفي السعودي كان يعيش خارج بلاده خوفا على معارضته السياسة التي يتبعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وأضاف أن قتل خاشقجي تسبب في صدمة قوية في الدول الغربية، وسط محاولات من السلطات السعودية للتغطية.
وأشار المقال إلى أن السلطات السعودية أنكرت في البداية اختفاء خاشقجي داخل القنصلية ثم اضطرت للاعتراف بمقتله على يد فريق خاص، ولكن قالت إن القتل تم بدون معرفة ولي العهد.
وأضاف أن صلاح خاشقجي، الابن الأكبر للقتيل والذي ما يزال يعيش في السعودية، أعلن الشهر الماضي “العفو” عن قتلة أبيه، وهو ما قد يكون كافيا لإغلاق ملف القضية حسب القانون السعودي، مشيرا إلى أن صحيفة “نيو يورك تايمز” نشرت تقارير بأن صلاح وأشقاءه حصلوا على عشرات الآلاف من الدولارات وعقارات بملايين الدولارات من حكام المملكة كتعويض عن مقتل أبيهم.
وتساءل الكاتب: “كيف يمكن إغلاق قضية قتل من خلال مجرد (عفو) من قبل أحد أفراد أسرة المقتول؟ وكيف يمكن قبول ذلك، من الناحية القانونية والثقافية، بأن يحصل أفراد الأسرة على مبالغ ضخمة من المال؟”.
وأجاب إن الحل يمكن في “الدية”، والتي تم استخدامها لعقود في السعودية للتغطية على جرائم خطيرة.
وقال الكاتب إن المدافعين عن “الدية”، يرون أنها توفر شكلا من أشكال العدالة، لكنه يعترض على ذلك قائلا إن “الدية” تسمح للقوي والمتنفذ بقتل الضعيف بسهولة إذا دفع مقابل ذلك.
وأشار إلى أن السعودية شهدت حادثة بشعة عام 2013، عندما قتل فيحان الغامدي، وهو داعية، ابنته لمى، 5 سنوات، بعد تعذيبها. وأفلت فيحان من العقوبة بعد أن دفع دية لوالدة الطفلة.
وأضاف أنه بعد ضغوط من وسائل الرأي العام السعودي نتيجة حملة على موقع تويتر، تم الحكم بسجن فيحان 8 سنوات وجلده 800 جلدة.
وقال الكاتب إن المشهد الأكثر شيوعا في السعودية هو أن ينقذ قاتل ثري نفسه من خلال تقديم مبالغ كبيرة من المال لعائلة المقتول كدية، ويجمع هذه المبالغ من الأقارب “كصدقة” وهو ما يعد عملا مغريا للوسطاء، مشيرا إلى أن المحصلة النهائية هي ثقافة “تخفف من السلوك الوحشي للقتلة والمجرمين”، بحسب وصف الصحفي السعودي هاني الحضري العام الماضي.
وختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن “ولي العهد السعودي قد يحاول تجميل الوضع في بلاده من الخارج، بالسماح للنساء بقيادة السيارات أو الرقص، لكن الإصلاح الحقيقي للمملكة يكون من خلال قبول حكم القانون وحرية التعبير. وهذا يشمل عدم قتل الصحفيين الذين ينتقدون الأوضاع وعدم التستر على جرائم القتل من خلال دفع الدية”.