موائد الصائمين بلا تمر أو لحم.. هكذا تؤثر “قرصة” رفع الغذاء على شعوب الشرق في رمضان

رصد تقرير في نيويورك تايمز ارتفاع الأسعار في الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة وانعكاس ذلك على حياة الناس اليومية خاصة مع حلول شهر رمضان بداية الأسبوع المقبل.
كانت أسعار البقالة مرتفعة في كل مكان تذهب إليه المصرية سعاد عامر، فتوجهت لمتجر مدعوم من الحكومة في حيها بالقاهرة حيث كان مكبر الصوت يذيع صوتًا واعدًا بمواد ضرورية رخيصة لشهر رمضان.
ولدى رؤيتها لعبوات التمر طلبت سعاد من شخص ما التحقق من سعر علبة واحدة. كان 20 جنيهًا -أي ما يزيد قليلاً عن الدولار، أكثر بكثير من العام الماضي مثل كل شيء تقريبًا.
قررت سعاد (43 عامًا) ألا تشتري التمر. لديها ثلاثة أطفال لإطعامهم في المنزل، وتعلم بالفعل أن مائدتها الرمضانية ستحتوي على القليل فقط من اللحم ومن دون البط، تقليدهم السنوي في رمضان.

يأتي شهر رمضان في غضون أيام وهو موسم احتفالي يتطلع فيه المسلمون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عادةً إلى التجمعات مع الأصدقاء والعائلة والملابس الجديدة والاحتفال.
غير أن أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الزيت والسكر والدقيق والأرز ارتفعت هذا العام في جميع أنحاء المنطقة بسبب أزمات سلاسل التوريد العالمية وحرب روسيا على أوكرانيا، وكلا البلدين يُصدّران العديد من السلع الأساسية والأغذية بما في ذلك القمح والأسمدة والغاز.
ويهدد هذا الواقع بسحق ميزانيات الأسر المعيشية والحكومية على حد سواء في البلاد التي ليس لديها ما يدخرونه، مما يزيد من احتمال حدوث نوع من الاضطرابات الشعبية الجماهيرية التي لم تشهدها هذه البلدان منذ احتجاجات الربيع العربي قبل عقد من الزمن، بحسب تقرير نيويورك تايمز.
فالجفاف يدمر الاقتصاد المغربي بالفعل، والحكومة التونسية المثقلة بالديون تكافح لدفع ثمن واردات القمح حتى من قبل اندلاع الحرب، ولبنان يرتجف من انهيار اقتصادي، وسوريا تواجه أسعارا مضاعفة 3 مرات لسلع مثل الشاي والتمر مقانة برمضان الماضي، وفقًا لسكان دمشق.
وفي مصر، انتشرت مقاطع فيديو لأشخاص عاديين يشتكون أسعار المواد الغذائية على وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم “ثورة الجياع”، ما اضطر الحكومة إلى التحرك بسرعة.
"أول مرة تحصل نشتري ونأكل عضم".. سيدة مصرية تشكو غلاء الأسعار #مزيد #ثوره_الغلابه #الجنية_المصرى #الدولار pic.twitter.com/SPP9HE1v1p
— مزيد – Mazid (@MazidNews) March 24, 2022
وأعلنت مصر أنها بدأت محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة مساعدات مالية جديدة، الثالثة خلال 6 سنوات، مشيرة في بيان إلى أن صدمة الحرب الأوكرانية تسببت في ارتفاع الأسعار إلى مستويات “غير مسبوقة” ودفع المستثمرين الأجانب للفرار.
وجاء هذا الإعلان بعد مجموعة من الإجراءات الأخرى هدفت إلى استقرار الاقتصاد وتخفيف آلام المواطنين مثل وضع حد لسعر الخبز غير المدعوم والسماح للجنيه المصري بالانخفاض مقابل الدولار ورفع أسعار الفائدة وتسريع زيادة المعاشات ورواتب موظفي الحكومة.
يقول هشام علي (62 عامًا) الذي يعمل في كشك لبيع الفاكهة في حي العباسية “لا أحد يشتري لأن الناس يخافون من الأسعار، لا يوجد مال”، مشيرًا إلى أنه لا يستطيع أن يلوم زبائنه لأنه هو نفسه لا يستطيع إطعام أطفاله الفاكهة براتبه الذي يقل عن 6 دولارات في اليوم.
كانت نادية القباج، متعهدة الطعام في العاصمة المغربية الرباط، تستعد لبيع الحلويات الرمضانية التقليدية مثل الشباكية (وهي كعكة مقلية بالسمسم والعسل يأكلها الكثيرون للإفطار). ولكن مع ارتفاع أسعار الطحين واللوز والزبدة والزيت واضطرارها لزيادة مرتبات موظفيها، قالت إنها اضطرت إلى رفع أسعارها بنسبة 10%.
ومع ذلك فهي تعتبر نفسها محظوظة لأنها لا تزال تعمل، فالعديد من المطابخ الأخرى لن تقدم حلويات رمضان هذا العام نظرًا لارتفع أسعار المكونات وقلة قدرة الزبائن على الدفع.
وأضافت “بعض المغاربة سيتكيفون من خلال تقليل استهلاكهم للزيت أو شوي الطعام بدلًا من القلي، لكن الفقراء يعانون. ماذا سيأكلون في الإفطار؟”.
أما عبد الهادي السباعي (72 عامًا) -وهو سائق تاكسي في بيروت- فقال إن أسرته المكونة من خمسة أفراد تحتاج كيسين من الخبز يوميًا، والكيس الواحد يبتلع كثيرًا من دخله الذي تقلص مع ارتفاع أسعار الوقود وتقليل اللبنانيون ركوبهم سيارات الأجرة.
ومع اقتراب شهر رمضان، شعر السباعي بالحنين إلى طاولات الإفطار الماضية، فهذا العام، لن يكون هناك سوى العدس والفاصوليا.
يقول “كانت المائدة الرمضانية غنية باللحوم وجميع أنواع الحلويات، والآن مرت علينا ستة أشهر منذ أن تناولنا اللحم وأصبح السمك حلمًا بالطبع”.