بالصور والأسماء والممتلكات.. أبرز أعضاء “الأوليغارش” الروس المستهدفين بالعقوبات الغربية

شمل الرد الغربي على حرب روسيا ضد أوكرانيا تضييق الخناق ماليًّا على دائرة واسعة من أصحاب المليارات المقربين من الكرملين، من تجميد حسابات مصرفية ووضع اليد على قصور فخمة ويخوت تعود إلى “الأوليغارش” الروس.
لكن المصادرات الكبيرة مثل بعض اليخوت في فرنسا وإيطاليا في الأيام الأخيرة ما زالت نادرة جدًّا، مما يعكس صعوبة تنفيذ ترسانة الإجراءات الانتقامية.
وفي وقت سابق اليوم، قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، إن بلاده ستعلن عقوبات جديدة على 10 أفراد مقربين من القيادة الروسية بسبب الحرب على أوكرانيا.
وأضاف في مؤتمر صحفي بلندن “اليوم، كندا ستعلن عقوبات جديدة على عشرة أفراد ضالعين في الغزو غير المبرر. يشمل هذا مسؤولين سابقين وحاليين في الحكومة ومن النخبة ومن أنصار القيادة الروسية”.
وتابع “أسماء هؤلاء الأفراد جاءت من قائمة جمعها المعارض الروسي المسجون أليكسي نافالني”.
في مرمى العقوبات
منذ بدء حرب روسيا على أوكرانيا، في 24 من فبراير/شباط الماضي، يوسّع الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وبريطانيا قوائمها الخاصة بالمقربين من النظام الروسي الذين أصبحوا معزولين عن النظام المالي الدولي، حتى إن سويسرا وموناكو انضمتا إلى هذا الإجراء.
برلمانيون وضباط عسكريون رفيعو المستوى وصحفيون بارزون وصناعيون ومموّلون من الصف الأول.. يواجه مئات الأشخاص الروس الآن تجميد أصولهم مصحوبًا أحيانًا بحظر إقامة.
ومن بين هؤلاء، نيكولاي توكاريف رئيس شركة (ترانسنيفت) للنفط والغاز الذي وصفه الاتحاد الأوربي بأنه “صديق قديم” للرئيس الروسي، وسيرغي تشيميزوف رئيس مجموعة (روستيك) للصناعات الدفاعية، ورجل الأعمال الروسي الأوزبكستاني أليشر عثمانوف الذي يقال إنه “أحد الأوليغارشيين المفضلين لدى فلاديمير بوتين”، وإيغور تشوفالوف رئيس مصرف التنمية الروسي.

وهدد الرئيس الأمريكي جو بايدن، الثلاثاء الماضي، في خطابه عن حالة الاتحاد، بأن “يخوتًا وشققًا فاخرة وطائرات خاصة” تابعة لرجال الأعمال المستهدفين، ستصادر.
وأشار وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير في اليوم نفسه إلى أنه سيتم أيضًا استهداف “شركاتهم وأولادهم وشركاتهم العقارية بحيث لا يعود في إمكانهم الاختباء”.
ويضاف إلى الأوليغارش -أي الشخصيات الثرية المقربة من السلطات الروسية- “صف خلفي إذا صح التعبير يضم من ألفين إلى ثلاثة آلاف شخص هم أيضًا أثرياء جدًّا وجميعهم مرتبطون ومدعومون من نظام فلاديمير بوتين”، كما قال روبرت بارينغتون الأستاذ في مركز الدراسات حول الفساد بجامعة ساسكس (برايتون، بريطانيا).

من لندن إلى الكوت دازور
وقالت سارة بريمبوف رئيسة منظمة الشفافية الدولية (فرع باريس) إن فرنسا “تؤوي ممتلكات غير مشروعة كهذه، والعقارات الفاخرة هي الوسيلة المفضلة لغسل الفساد أو اختلاس المال العام”.
وتتركز الممتلكات العقارية لهذه الشخصيات في مناطق سياحية ساحلية شهيرة في الكوت دازور وفي غرب باريس وفي عدد من المنتجعات في جبال الألب، لكن من الصعب جدًّا تحديدها بالتأكيد.
واستعرضت داريا كالينيوك -وهي شخصية أوكرانية بارزة في مجال مكافحة الفساد- سجلات عقارية ووثائق سرية كشف عنها مبلغون عن المخالفات. ووفقًا لها، تعود ملكية فيلا في سان تروبيه إلى أوليغ ديريباسكا مؤسس شركة الألومنيوم العملاقة (روسال) الخاضعة منذ ضم شبه جزيرة القرم عام 2014 لعقوبات أمريكية.

ويرتبط اسما بوريس وأركادي روتنبرغ -اللذين شملتهما العقوبات الأمريكية أخيرًا- بممتلكات قرب نيس وغراس، حسب كالينيوك.
وكان الشقيقان -وهما صديقا الطفولة لفلاديمير بوتين ومارسا معه الجودو- يسيطران على شركات عملاقة في مجال البناء وحققا ثروتهما بفضل عقود عامة ضخمة، خصوصًا في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي أقيمت في سوتشي عام 2014.

وكشفت كالينيوك أيضًا أن فيلا فخمة في سان رافاييل تعود ملكيتها إلى غينادي تيمشينكو المدرج على قوائم العقوبات الأوربية والأمريكية والذي يعتبره الاتحاد الأوربي “أحد المقربين” لبوتين. وهذا الملياردير هو مؤسس مشارك ومساهم في كثير من الشركات، من بينها مجموعة (فولغا) الاستثمارية ومجموعة (غونفور) لتجارة السلع الأساسية.

أما فندق (لو كلوب دو كافاليير) الفاخر الواقع في لافاندو في جنوبي فرنسا، فهو جزء من شركة تديرها زوجته إيلينا.
كذلك، اجتذبت لندن -بسبب التسهيلات التي تقدّمها منذ فترة طويلة للأثرياء الروس وعائلاتهم وبفضل نظامها التعليمي النخبوي- الكثير من استثمارات الأوليغارشيين، لدرجة أنها اكتسبت لقب “لوندونغراد”.
وأشار بارينغتون إلى أن الأصول العقارية الإجمالية التي يملكها روس متهمون بالفساد أو مقربون من الكرملين في بريطانيا “والتي تمكنا من تتبعها تصل إلى 1.5 مليار جنيه استرليني”، أو أكثر من 1.8 مليار يورو، في أحياء راقية مثل كينسينغتون وتشيلسي وهامبستيد. لكنه أكد أنها “في الواقع أكثر من ذلك بكثير”.
والخميس الماضي، أعلنت الحكومة الفرنسية مصادرة يخت (أموري فيرو) -الذي تقدّر قيمته بما يتراوح بين 100 و120 مليون يورو والتابع لشركة مرتبطة بإيغور سيتشين رئيس مجموعة روسنفت النفطية الروسية- في حوض لبناء السفن في لا سيوتا بجنوبي فرنسا.

والسبت، أعلنت إيطاليا أنها جمدت نحو 140 مليون يورو من أصول تابعة لأوليغارشيين روس، من بينها يختان هما “ليدي إم” الذي تبلغ قيمته 95 مليون يورو ويعود إلى رجل الأعمال أليكسي مورداتشوف وهو من الدائرة المقربة لبوتين التي تخضع لعقوبات الاتحاد الأوربي، و”لينا” (50 مليون يورو) الذي يملكه غينادي تيمشينكو.

خلية
ومن أجل الالتفاف على هذه الصعوبات، أعلن وزير العدل الأمريكي ميريك غارلاند، الأربعاء الماضي، إنشاء خلية مخصصة لملاحقة “الأوليغارشيين الروس الفاسدين”.
وتضم “كليبتوكابتشر” أكثر من 10 مدّعين عامين ومتخصصين في القانون الجنائي والأمن القومي بالإضافة إلى محققين من الشرطة الفدرالية وسلطات الضرائب والخدمات البريدية.
وأنشأت فرنسا أيضا “فرقة عمل” تضم عشرات الأشخاص من هيئة إدارة الضرائب وجهاز الاستخبارات المالية والجمارك والمديرية العامة للخزانة.
سرعة الفرار
وفضّل كثير من أصحاب المليارات الروس إرسال يخوتهم في أسرع وقت ممكن إلى مياه إقليمية أكثر تسامحًا.
وقال مصدر مطلع على هذا القطاع لوكالة فرانس برس “هناك كثير من الأصداء في الأوساط (البحرية) حول استعداد يخوت روسية لمغادرة الكوت دازور الفرنسية” خوفًا من العقوبات، مشيرًا إلى دبي وجهةً محتملة.
ويبدو أن جزر المالديف -التي ليس لديها معاهدة لتسليم المجرمين مع الولايات المتحدة- وجهة محتملة أيضًا، فقد رُصد كثير من اليخوت هناك، من بينها تلك التي يملكها قطبا الألومنيوم أوليغ ديريباسكا والصلب ألكسندر أبراموف.
من ناحية أخرى، لم تحصل حتى الآن أي مبيعات ضخمة لعقارات في الكوت دازور، حسب مسؤول في نقابة المهنيين في هذا القطاع.
وفضّل كثير من أصحاب المليارات الروس قطع العلاقات بشركاتهم المستهدفة.
وعلى سبيل المثال، أعلن رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش الذي لم تستهدفه العقوبات (بعد) أنه اتخذ قرارًا ببيع نادي تشلسي الإنجليزي الذي يملكه منذ العام 2003.

وطلب من مساعديه إنشاء مؤسسة خيرية تتلقى كل العائدات الصافية من عملية البيع.
وقال الملياردير الروسي في بيان “المؤسسة ستعمل لصالح جميع ضحايا الحرب في أوكرانيا. وهذا يشمل توفير الأموال الضرورية لتلبية الحاجات العاجلة للضحايا فضلًا عن عمليات التعافي الطويلة المدى”.

كذلك، انسحب ميخائيل فريدمان من صندوق الاستثمار (ليتروان) الذي شارك في تأسيسه ومن كل المجموعات الأوربية التي يملك أسهمًا فيها، كما فعل شريكه بيتر أفين.
وينفي الرجلان اللذان استهدفتهما العقوبات الأوربية وجود أي “علاقة مالية أو سياسية” مع فلاديمير بوتين، حتى إن ميخائيل فريدمان ندد بالحرب في أوكرانيا ووصفها بأنها “مأساة ستدمر” البلدين.
