فورين بوليسي: خلاف محتدم بين الكونغرس وبايدن بشأن المساعدات العسكرية لمصر

كشف تقرير لمجلة (فورين بوليسي) عن خلاف محتدم بين إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والكونغرس حول المساعدات العسكرية التي تقدم سنويًّا لمصر.
فعلى مدار نحو 35 عامًا، أرسلت الولايات المتحدة 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية لمصر لتعزيز العلاقة الجيوسياسية المهمة بين الولايات المتحدة ومصر والمساعدة على استقرار العلاقات غير المستقرة بين مصر والحليف الأهم لواشنطن في الشرق الأوسط “إسرائيل”.
وفي السنوات الأخيرة، وضع الكونغرس قاعدة تقضي بضرورة أن يكون جزء من هذا التمويل -حوالي 300 مليون دولار- مشروطًا بتمسك الحكومة المصرية ببعض شروط حقوق الإنسان الأساسية، لكن للرئيس الأمريكي حق التنازل عن هذه القاعدة لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وهو ما اُستخدم -في كل عام تقريبًا- للحفاظ على استمرارية دفع المساعدات كاملة.
والآن هناك مجموعة متزايدة من الحقوقيين والمشرعين -ولا سيما من الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي- يريدون من بايدن أن يرسل رسالة إلى القاهرة مفادها أن واشنطن لن تقبل الوضع الراهن بإرسال نفس القدر من المساعدة العسكرية، في ضوء سجل حقوق الإنسان المتردي في مصر.
ويرى هؤلاء أن القيام بأي شيء أقل من ذلك يعني أن بايدن يذعن لوعد حقوق الإنسان المهم الذي قطعه خلال حملته الرئاسية، إذ كان قد كتب على تويتر في يوليو/ تموز 2020، في إشارة واضحة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي “لا مزيد من الشيكات على بياض لدكتاتور ترمب المفضل”.
ويرى هؤلاء أن القيام بأي شيء أقل من ذلك يعني أن بايدن لا يفي لوعد حقوق الإنسان المهم الذي قطعه خلال حملته الرئاسية.
وقال سيث بيندر، مدير المناصرة في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط “إن حالة حقوق الإنسان في مصر مروعة تمامًا كما كانت قبل تولي بايدن السلطة، وكما كانت في العام الماضي، وكما هي الآن”.
FP: “A growing chorus of human rights groups and lawmakers…want Biden to send a message to Egypt that the United States won’t accept the status quo of sending the same amount of military assistance, in light of Egypt’s dismal record on human rights.” https://t.co/GD6kRm0EC4
— Adam Keith (@adamofkeith) August 19, 2022
وعلى الجانب الآخر، هناك مشرعون كبار -إلى جانب مجموعة من خبراء الشرق الأوسط الذين يشغلون مناصب رئيسية في إدارة بايدن- يعتقدون أن مصر لا تزال حليفًا مهمًّا في الشرق الأوسط، حتى في ضوء الاستبداد المتزايد والقمع الوحشي للمعارضة.
ويجادل هؤلاء بأن مصر تتعاون مع واشنطن في مكافحة الإرهاب وتساعد المنطقة على الحفاظ على توازن مستقر مع إسرائيل، وكان آخر ذلك عندما ساعدت القاهرة بالتوسط لوقف إطلاق النار هذا الشهر بين إسرائيل والفلسطينيين بعد تصاعد العنف في غزة.
ويرى هذا المعسكر أن قطع المساعدات العسكرية عن مصر قد يؤدي في نهاية المطاف إلى “تسميم” العلاقات الأمريكية المصرية ودفع القاهرة إلى الاقتراب من المنافسين الجيوسياسيين مثل روسيا والصين، ويمكن في النهاية أن لا تفعل شيئًا يذكر لتغيير ملف حقوق الإنسان.
ووبّخ السيناتور الجمهوري تيد كروز -وهو من مؤيدي استمرار المساعدات الأمريكية لمصر- بعض زملائه المشرعين وبايدن “لأنهم يهدفون إلى قطع المساعدات التي يستخدمها الحلفاء المصريون لمحاربة الإرهاب” في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني إلى الخارجية الأمريكية قال فيه إن “سياسة بايدن الخارجية تتحول من عدم الاتساق إلى الإضرار عمدًا بالمصالح الأمنية لأمريكا”.
وقال توماس هيل الخبير في علاقات الولايات المتحدة بالشرق الأوسط في معهد الولايات المتحدة للسلام “قد يؤدي قطع التمويل العسكري إلى كسر العلاقة بين واشنطن والقاهرة. ومع ذلك، هناك حجة مفادها أن هذه العلاقة ليست بنفس الأهمية التي كانت عليها من قبل”.
وقالت نيكول ويدرسهايم نائبة مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في واشنطن “متفائلون ومتحمسون للخطاب الإيجابي حول التأكيد على حقوق الإنسان الذي نراه من هذه الإدارة، لكن هذا يحتاج إلى متابعة بأفعال حقيقية”.
وفي العام الماضي، حجبت إدارة بايدن 130 مليون دولار عن مصر بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، وهو مبلغ أقل بكثير من الـ300 مليون دولار التي كانت مجموعات حقوق الإنسان تطالب بها، كما وافقت هذا العام أيضًا على مبيعات أسلحة منفصلة بقيمة 2.5 مليار دولار لمصر.
ولم تشر الإدارة بعدُ في هذا العام، إلى الموقف الذي ستتخذه بشأن التمويل العسكري لمصر. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي “نحن لا نعلق على المداولات الداخلية”، وأضاف “احترام حقوق الإنسان هو أيضًا مبدأ أساسي في سياستنا الخارجية”.
لكن العديد من المسؤولين ومساعدي الكونغرس المطلعين على الأمر يقولون إن الإدارة تخطط مرة أخرى لمحاولة الحد من حجم التمويل العسكري المخصص لمصر هذا العام.