غزة.. كيف استخدمت حماس الحرب النفسية في إدارة المعركة مع الاحتلال؟ (شاهد)

معطيات إسرائيلية كشفت مؤخرا عن تلقي 2000 جندي إسرائيلي مساعدة الطب النفسي (رويترز)
معطيات إسرائيلية كشفت أخيرًا عن تلقي 2000 جندي إسرائيلي مساعدة الطب النفسي (رويترز)

لم يكن القتال على الأرض والحرب الميدانية هي فقط ما برعت فيه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في معركتها مع الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة، فالحرب النفسية التي تشنها الحركة بالتزامن مع القتال الدائر على الحكومة الإسرائيلية من أجل وقف الحرب، كان لها أيضًا دور كبير في تسيير دفة المعركة.

فمنذ اللحظة الأولى أدركت (حماس) مدى اهتمام الرأي العام الداخلي في إسرائيل بقضية الأسرى المحتجزين لديها الذين بلغ عددهم في بداية الحرب 230 ما بين عسكري ومدني، قبل أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق هدنة تم بموجبه الإفراج عن عدد من المدنيين منهم في مقابل إطلاق الاحتلال سراح عدد من المعتقلين في سجونها كان أغلبهم من النساء والأطفال.

استخدام ورقة الأسرى للضغط على نتنياهو

ونشرت كتائب القسام الجناح العسكري للحركة، أمس السبت عبر قناتها على تليغرام، رسالة غامضة بثلاث لغات هي العربية والعبرية والإنجليزية، قالت فيها “الوقت ينفد”. وكشفت “القسام” عن فيديو تضمَّن مشاهد توثق مقتل 9 محتجزين بقصف إسرائيلي استهدف الأبنية في قطاع غزة، في إشارة إلى ما يمكن أن تؤول إليه أوضاع هؤلاء المحتجزين في حال استمرار الحرب.

ويوم الجمعة الماضي، خرج المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري ليعلن بنبرة متأسفة أنه “خلال القتال في حي الشجاعية، حدد الجيش عن طريق الخطأ 3 أسرى إسرائيليين على أنهم يشكلون تهديدًا. ونتيجة لذلك، قامت القوات بإطلاق النار عليهم وقُتلوا”، معربًا عن “الندم العميق على الحادث المأساوي”.

بيد أن الغضب الإسرائيلي الشعبي تصاعد بشكل متزايد، وتظاهرت عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة قبالة مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، ورفع المحتجون شعارات تطالب بمنح الأولوية لإعادة المحتجزين (يُعتقد أن عددهم 129) أحياءً على الفور في صفقة تبادل وبأي ثمن.

وفي هذه الأثناء، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن هيئة عائلات الأسرى، التي تُمثل غالبية عائلات المحتجزين في غزة، بعثت برسالة إلى “كابينت الحرب” مفادها أن “129 محتجزًا يعودون داخل نعوش لا تُعَد صورة نصر”.

رعب هنا وثبات هناك

قلق الإسرائيليين على أسراهم لدى حماس لم يقف عند هذا الحد، بل تحوّل إلى رعب داخلي على أنفسهم جراء صواريخ المقاومة التي وجدوها تنهمر فوق رؤوسهم من كل حدب وصوب.

ووثقت مقاطع فيديو تحققت منها الجزيرة مباشر لحظة هروب مئات المستوطنين الإسرائيليين من محيط ساحة “حائط البراق” الملاصقة للمسجد الأقصى عقب سماعهم دوي صفارات الإنذار بفعل أصوات الانفجارات في سماء القدس المحتلة.

وفي المقابل، لا تكاد تجد على الطرف الآخر سوى الثبات والتشبث بالأرض، وحتى الأطفال في قطاع غزة ما إن تتلقفهم الكاميرات في أي لحظة رغم دوي القصف الذي لا يهدأ فوق رؤوسهم، حتى تراهم يتحدثون بقوة عن بقائهم في الأرض ويقينهم في النصر.

عالقون في الميدان

أما في ساحة القتال فالحديث عن الحالة النفسية لجنود الاحتلال بدا صوته يرتفع حتى داخل الأوساط الإسرائيلية، بل بلغ الأمر بالمتحدث باسم جيش الاحتلال نفسه أن يقر في وقت سابق بتفوق حركة “حماس” على قوات بلاده معلوماتيًّا في قطاع غزة.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال، أمس، إنهم يدفعون ثمنًا باهظًا خلال الحرب على غزة، وإن “حماس لا تزال تمتلك قدرات قتالية وقدرة على إطلاق الصواريخ”.

كما أشارت وكالة رويترز إلى أن عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي بقطاع غزة قد ارتفع إلى نحو الضعفين، مقارنة بالخسائر التي تكبدها في هجومه البري عام 2014، وهو ما يعكس حجم توغله في القطاع، ومدى براعة (حماس) في استخدام أسلوب حرب العصابات وترسانتها الكبيرة من الأسلحة.

وكشفت معطيات إسرائيلية أخيرًا عن تلقي ألفي جندي إسرائيلي مساعدة الطب النفسي، بينهم 200 خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من العملية البرية في قطاع غزة التي بدأت يوم 27 من أكتوبر/تشرين الأول.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أنه منذ 7 من أكتوبر/تشرين الأول، افتتح الجيش مركزين للصحة النفسية في جنوبي إسرائيل، بالإضافة إلى مركز اتصال هاتفي يعمل فيه علماء نفس وأطباء نفسيون وهم في خدمة الاحتياط.

وربما هذا الاضطراب هو ما قد يفسر تلك اللقطات التي نشرها جيش الاحتلال وهي تُظهر جنوده يطلقون النار في الفراغ، في حين زعم أنهم كانوا في مواجهة مع مقاتلي القسام.

“شواء الميركافا”

وفي المقابل، يسعى جيش الاحتلال هو الآخر لممارسة الحرب النفسية على المقاومة عبر محاولة تدمير الحاضنة الشعبية للمقاومة. وقد بدا ذلك جليًّا عندما ألقى الجيش الإسرائيلي، الخميس الماضي، منشورات فوق قطاع غزة يعرض فيها مكافآت مالية لمن يدلي بمعلومات عن قادة بحركة حماس، وقال إنها “فقدت قوتها وعاجزة عن قلي بيضة”، في حين علق قيادي بارز بالحركة بتصريح قال فيه إنهم “منشغلون بشواء الميركافا”.

وهذا ما أكده أيضًا خبراء ومحللون، إذ قال الخبير العسكري أحمد رحال، في تصريحات للجزيرة مباشر أمس، إن عملية “جحر الديك” أظهرت أن المقاومة انتقلت إلى مرحلة الهجوم.

كما أشار الخبير العسكري اللواء واصف عريقات، في مقابلة مع الجزيرة مباشر، الجمعة، إلى أن جيش الاحتلال بكل ما يمتلكه من جند وعتاد، لم يستطع على مدى الفترة الماضية التي جاوزت أكثر من شهرين أن يحقق أيًّا من أهدافه التي أعلنها مع بداية الحرب، والتي تمثلت في القضاء على حركة حماس وتحرير أسراه.

كل هذا وغيره دفع صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إلى الكشف عن وجود ارتفاع وفجوة كبيرة بين أعداد إصابات جنود جيش الاحتلال التي أعلنتها السلطات وتلك التي وصلت فعليًّا إلى المستشفيات.

ونقلت الصحيفة عن رئيسة قسم إعادة التأهيل في وزارة الدفاع الإسرائيلية ليمور لوريا أن 5 آلاف جندي مصاب موجودون في المستشفيات منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، أي بمعدل يبلغ 60 إصابة يوميًّا.

ومن بين هذا الرقم الكبير، اعترف الاحتلال الإسرائيلي بإصابة ألفي جندي فقط منذ بدء الحرب، وهو ما يتنافى مع أعداد الإصابات التي تكشف عنها المستشفيات.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان