لماذا سبب زلزال تركيا وسوريا هذا القدر من الدمار والخسائر البشرية؟ علماء يفسرون

سوريا زلزال
تسبب الزلزال في مقتل المئات في المناطق الشمالية الغربية من سوريا (الفرنسية)

قال علماء إن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا فجر الاثنين بقوة 7.8 درجات قد يكون أحد أكثر الزلازل ضحايا خلال السنوات العشر الماضية؛ إذ تسبب في صدع يزيد طوله على 100 كيلومتر بين الصفيحة الأناضولية والصفيحة العربية.

وفيما يلي تفسير العلماء لما حدث تحت سطح الأرض وما يمكن توقعه في أعقاب ذلك:

أين كان منشأ الزلزال؟

كان مركز الزلزال قرب مدينة غازي عنتاب التركية على عمق نحو 18 كيلومترا عند فالق شرق الأناضول. وأطلق الزلزال موجات باتجاه الشمال الشرقي.

وخلال القرن العشرين، لم يتسبب فالق شرق الأناضول في نشاط زلزالي كبير. وقال روجر موسون، وهو باحث فخري في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية “إذا تتبعنا الزلازل (الكبيرة) التي سجلتها مقاييس الزلازل، فلن نجد شيئا يذكر”.

ولم تسجل المنطقة سوى ثلاثة زلازل فقط بقوة ست درجات منذ عام 1970، وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.

لكن في عام 1822، تعرضت المنطقة لزلزال بقوة سبع درجات، أدى إلى مقتل نحو 20 ألف شخص.

ما مدى قوة هذا الزلزال؟

بلغ متوسط الزلازل التي تتجاوز قوتها سبع درجات أقل من 20 زلزالا على مر التاريخ، مما يجعل زلزال الاثنين حدثا خطيرا.

وبالمقارنة مع الزلزال الذي ضرب وسط إيطاليا عام 2016 بقوة 6.2 درجات وأودى بحياة نحو 300 شخص، فإن الطاقة المنبعثة من الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا الاثنين تزيد بمقدار 250 ضعفًا على زلزال إيطاليا، وفقًا لجوانا فور والكر رئيسة كلية لندن الجامعية للحد من المخاطر والكوارث.

ولم تسجل قوة زلزال الاثنين نفسها إلا في زلزالين فقط من أكثر الزلازل فتكا في فترة ما بين 2013 و2022.

لماذا كان الأمر شديد الخطورة؟

صدع شرق الأناضول هو خط زلزالي عبارة عن كسر في الصخور يؤدي إلى انزلاقات زلزالية تتدافع بموجبها ألواح صخرية صلبة على امتداد خط الصدع الرأسي، مما يؤدي إلى زيادة الضغوط حتى تنزلق إحداها في النهاية في حركة تفضي إلى إطلاق قدر هائل من الطاقة التي يمكن أن تتسبب في حدوث زلزال.

وذكر موسون أن الزلزال وقع نتيجة تحرك الصفيحة التكتونية العربية التي “تتقدم نحو تركيا” باتجاه الشمال.

وأضاف أنه عندما تنشط الحركة، تتقدم اللوحة فجأة و”ينتج من هذه الحركة زلزال كبير، مثل الزلزال الذي شهدناه”.

ويتعلق مدى الدمار أيضًا بطول الصدع الأرضي على امتداد خط الصدع الزلزالي (مئة كيلومتر بالنسبة لزلزال الاثنين)، بحسب موسون، مشيرا إلى أن “هذا يعني أن أي نقطة قريبة من خط الكيلومترات المئة المذكورة، هي فعليًّا في مركز الزلزال”.

ووقع زلزال الاثنين على عمق ضحل نسبيا. وقال ديفيد روثيري عالم جيولوجيا الكواكب في الجامعة المفتوحة في بريطانيا “ربما كان الاهتزاز على سطح الأرض أشد من تأثير زلزال على مستوى أعمق بنفس القوة عند المصدر”.

ما نوع الهزات الارتدادية التي يمكن توقعها؟

بعد 11 دقيقة من الزلزال الأول، تعرضت المنطقة لهزة ارتدادية بلغت قوتها 6.7 درجات. ووقع زلزال بقوة 7.5 درجات بعد ساعات، تلته هزة أخرى بقوة ست درجات في فترة ما بعد الظهر.

وقال موسون: “ما نراه الآن هو أن النشاط يمتد إلى فجوات مجاورة… نتوقع استمرار الزلازل بعض الوقت”.

هل ساهمت طرق تشييد المباني في ارتفاع عدد الضحايا؟

قالت كارمن سولانا، عالمة البراكين في جامعة بورتسموث البريطانية، إن تشييد المباني يلعب دورا رئيسيا عند حدوث الزلزال.

وحسب موسون لم تكن بنية المساكن “تتوافق مع منطقة معرضة لخطر الزلازل العنيفة”، ويمكن تفسير ذلك بأن الصدع الزلزالي في منطقة هذه المساكن كان هادئا نسبيا في الماضي، إذ لم يشهد أي زلزال تفوق قوته 7 درجات منذ أكثر من قرنين.

وأضاف موسون أن طول الفترة الزمنية ربما تسبب في تراكم “كمية كبيرة نسبيًّا من الطاقة” على طول الصدع، مشيرا إلى حدوث هزة ارتدادية عنيفة بعد الزلزال الرئيسي.

وتقع تركيا على خط صدع زلزالي رئيسي في العالم. ولقي 17 ألف شخص حتفهم عام 1999 بسبب زلزال في إزميت على بعد حوالي 100 كيلومتر جنوب شرق إسطنبول، ووقع زلزال الاثنين على الطرف الآخر من البلاد، قرب الحدود السورية، على امتداد خط الصدع الشرقي للأناضول.

وأدى زلزال عام 1999 إلى إصدار تشريع عام 2004 يلزم جميع المباني الجديدة بالامتثال لمعايير مقاومة الزلازل. ومن المتوقع أن يدفع حجم الدمار المسجل الاثنين السلطات التركية إلى التحقق من مدى احترام القانون، بحسب جوانا فور ووكر، من معهد الحد من المخاطر والكوارث في جامعة كلية لندن البريطانية.

وأشار عالم البراكين بيل ماكغواير، من جامعة كلية لندن البريطانية، إلى أن مباني عديدة “انهارت على شكل طبقات”، موضحًا أن “ذلك يحدث عندما لا تكون الجدران والأرضيات متصلة بشكل كافٍ، فينهار كل طابق عموديًّا على الطابق السفلي”، الأمر الذي يقلل فرص السكان في البقاء على قيد الحياة.

المصدر : وكالات

إعلان