اتهامات وصراعات تهدد معسكر المعارضة التركية قبل الانتخابات البلدية

أحزاب المعارضة التركية في تحالفها (الطاولة السداسية) أثناء الانتخابات الأخيرة (رويترز ـ أرشيف)

كشفت التصريحات الأخيرة لرئيسة حزب الجيد ميرال أكشنار التي لم تتوقف عند الاعتذار بسبب الهزيمة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضية في تركيا، وتوجيه اللوم لحلفائها في حزب الشعب الجمهوري بقيادة كمال كليجدار أوغلو عن الخلافات التي تضرب معسكر المعارضة التركية.

وفي وقت سابق، دعت ميرال الأحزاب إلى خوض الانتخابات المحلية المقبلة دون تحالفات، وانتقدت “تحالف الأمة”، قائلة: “تخلينا عن مصالحنا السياسية من أجل مستقبل شعبنا، لكننا تصادمنا مع أصحاب مطامع، وفي النهاية لم يتحقق شيء، رغم تحذيرنا الاستباقي”.

وتشير هذه التصريحات إلى أن حزب الجيد (ثاني أهم مكونات تحالف الطاولة السداسية/ الأمة) سيخوض الانتخابات المحلية، في شهر مارس/آذار المقبل من دون تحالفات، وهو ما يعني منافسة شخصيات حليفة من حزب الشعب الجمهوري مثل رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ومن ثم الصدام السياسي معهم.

ميرال نفسها، لاقت معارضة قوية داخل حزبها بسبب مشاركتها في هزيمة المعارضة، وصلت حد المطالبة باستقالة كل من أخفقوا في حسم الانتخابات العامة في تركيا، لكنها ردت بالقول: “يمكن لأي منافس الترشح لرئاسة الحزب، لكني سأواصل مسيرتي”.

في المقابل، طالب رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو بعدم التعقيب على تصريحات ميرال، وانتقاداتها غير المباشرة لحزبه.

ويرى مراقبون أن حزب الشعب الجمهوري يعاني من أزمة داخلية نتيجة الصراع المكتوم بين كليجدار أوغلو، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي قرر خوض انتخابات البلديات من دون انتظار موافقة الحزب لقرار ترشحه.

ومن المقرر أن يحسم المؤتمر العام للحزب، في سبتمبر/أيلول الجاري، المعركة المؤجلة بين إمام أوغلو وكليجدار أوغلو منذ إخفاق الأخير في حسم انتخابات رئاسة الجمهورية، ما دفع إمام أوغلو للقول: “انتهت انتخابات 28 مايو، بعد خيبة أمل. لا تنسوا أن الثابت الوحيد هو التغيير. من الآن فصاعدًا لن نكرر الخطوات نفسها وننتظر نتائج مختلفة”.

ميرال اكشينار رئيسة حزب الجيد مع أكرم إمام أوغلو

انقسام معنوي

ورغم أن انتخابات البلديات التركية تلي الانتخابات العامة (الرئاسية والتشريعية) من حيث الأهمية، لكنها تظل واحدة من محددات العملية السياسية بحكم (نسبة التصويت الإجمالية، إجمالي الفوز بعدد المدن الرئيسة، البلديات الكبرى، والنسب الإجمالية في المجالس البلدية المهمة، وعدد رؤسائها).

وتمثل الانتخابات البلدية تحديًا للسلطة والمعارضة التركيتين، كونها آخر ممارسة سياسية كبيرة خلال السنوات الخمس المقبلة، فضلًا عن أنها الاستحقاق الذي سيكمل منظومة الحكم في البلاد.

ويرغب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتحالف “الشعب” الحاكم الذي يضم أحزاب (العدالة والتنمية، الحركة القومية، الرفاه الجديد، هدى بار الكردي، الوحدة الكبرى، اليسار الديمقراطي) في تحقيق انتصار سياسي جديد مع بداية العقد الثالث لحزب العدالة والتنمية الحاكم.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (غيتي)

وفي خندق المعارضة، هناك محاولات لتعويض الإخفاق في حسم الانتخابات العامة، بينما يخوض تحالف أردوغان انتخابات البلديات مدفوعًا بالفوز في أهم استحقاقين (رئاسة الجمهورية، والحصول على الأغلبية البرلمانية).

وتجرى انتخابات البلديات كل 5 سنوات، لاختيار 30 رئيس بلدية للمدن الكبرى، ورؤساء 1351 منطقة، و1251 عضو مجلس ولاية، و20500 عضو مجلس بلدية، فضلًا عن مناصب محلية، غير حزبية (أمناء الأحياء، ومجالس كبار السن).

ووفق اللجنة العليا للانتخابات عام 2019، تنافس 12 حزبًا سياسيًا قبل فوز حزب العدالة والتنمية وتحالفه الانتخابي بنسبة 51.74% (52 بلدية ولاية، من أصل 81) وفاز تحالف “الأمة” (الشعب الجمهوري، والجيد، المدعومان بصورة غير مباشرة، من حزب الشعوب الكردي) بنسبة 37.64% بعد حسمه لمدن رئيسة مثل أنقرة وإسطنبول وأزمير وأضنة وأنطاليا ومرسين.

سباق متقارب

وتوقع المتخصص في العلاقات الاستراتيجية ومدير التحرير بصحيفة ديلي صباح التركية باتوهان طاكيش عدم حدوث مفاجأة في انتخابات المحليات المقبلة، مرجحًا فوز الحزب الحاكم في الأقاليم التي فاز بها عام 2019.

وقال لموقع الجزيرة مباشر: “يمكن أن ينطبق التوقع نفسه على المعارضة، وبالنسبة لإسطنبول وأنقرة قد يكون السباق متقاربًا للغاية، وقد تتمحور المنافسة حول الأيديولوجيات بين أردوغان وخصومه”.

وأشار طاكيش إلى أن الانتخابات في إسطنبول وأنقرة ستكون أقرب لأجواء الانتخابات العامة، لافتًا إلى أن خلافات المعارضة المتصاعدة بعد خسارتهم الرئاسة ستؤدي لأزمة ثقة بينهم وبين أنصارهم.

وأوضح طاكيش أن أكرم إمام أوغلو يقاتل ضد رئيسه كليجدار أوغلو من دون أن ينجح في صناعة رأي عام ضد رئيسه العجوز، بحسب وصفه.

وأضاف “لن يستطيع الحصول على منصب الرئاسة في المدى القصير، وهو ما يفسر إعلان نيته الترشح لبلدية إسطنبول دون الحصول على موافقة حزبية”.

ولفت طاكيش إلى أن إمام أوغلو لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة بين ناخبي المعارضة، على الرغم من إخفاقاته في الخدمات البلدية -خاصة في قطاع النقل- فضلًا عن غياب المشروعات الضخمة، لكنه مرشح قوي ضد أي مرشح محتمل من الحزب الحاكم.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان