تحديات وملفات عالقة في قمة بوتين وأردوغان في سوتشي

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا مستعدة لإحياء اتفاق تصدير الحبوب في البحر الأسود “ما إن يتم” رفع القيود عن صادراتها من المنتجات الزراعية.

لقاء أردوغان مع بوتين (يسار) في مدينة سوتشي الروسية (رويترز)

تحولت العلاقات الروسية-التركية من الصدام عامي 2015 و2016 إلى التقارب عقب موقف روسيا من محاولة الانقلاب الفاشلة، صيف عام 2016، وبالتزامن مع توتر العلاقات التركية-الأمريكية.

وشكل موقف موسكو من انتخابات الرئاسة التركية، التي جرت في مايو/أيار الماضي، نقطة تحول مهمة في العلاقات بين البلدين. وأصبحت المصالح الروسية-التركية، تتلاقى في ملفات سياسية ودبلوماسية وعسكرية واقتصادية عدة.

وتحرص تركيا وروسيا على تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين خاصة مع وصول حجم التجارة البينية إلى 35 مليار دولار.

وفي وقت سابق الاثنين، انتهى لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي الروسية، واستغرق اللقاء قرابة 3 ساعات، بينها ساعة ونصف اجتماع ثنائي، وساعة ونصف اجتماع على مستوى الوفود.

وقال الباحث في الشأن التركي محمود علوش لموقع الجزيرة مباشر إن “زيارة أردوغان الأولى لروسيا بعد فوزه بالانتخابات، تعكس رغبته في الحفاظ على المصالح المتبادلة”، مضيفا أن جانبا أساسيا من استقرار الشراكة بين البلدين خلال النصف الثاني من العقد الماضي “يرتكز على علاقة العمل الوثيقة بين أردوغان وبوتين”.

وأوضح علوش أن “التحولات التي طرأت على العلاقات التركية الغربية تفرض على أردوغان موازنة دقيقة للمخاطر والفرص في تعميق الشراكة مع روسيا”، مشيرا إلى أن “العلاقات بين البلدين تعكس واقعية جيوسياسية في مقاربة الطرفين لها، وهذه الواقعية تفرض عليهما الحفاظ عليها”.

ولا ينكر علوش أن “الصراع الروسي الغربي يضغط بشدة على علاقة أنقرة مع موسكو”، قائلا إن تركيا “لا تزال قادرة على إيجاد هامش للموازنة، وحماية مصالحها مع الجميع”.

وقال إن ملف “اتفاق الحبوب”، الذي يتصدر قائمة القضايا الملحة التي تحتاج إلى معالجة بين تركيا وروسيا، لا ترتبط فقط بالأمن الغذائي العالمي، بل تؤثر بشكل كبير على الوضع في منطقة البحر الأسود. لذلك، تنشط الدبلوماسية التركية لإعادة إحياء الاتفاقية من أحل الحد من مخاطر العسكرة المتزايدة في البحر الأسود”.

ويضيف علوش أن “هناك تعقيدات عديدة تواجه إعادة إحياء اتفاقية الحبوب كالشروط الروسية المتعلقة بالإعفاءات من العقوبات الغربية والاستخدام المتزايد للغذاء كسلاح في هذه الحرب”، معربا عن اعتقاده بقدرة تركيا على لعب دور إيجابي في هذا الأمر رغم صعوبته.

وذكر أن “الغرب متوجس دوماً من التقارب بين أنقرة وموسكو، رغم أن هذه العلاقة تمثل قنوات تواصل تمنع تصعيد الحرب وتداعياتها على العالم، معربا عن اعتقاده أن “العلاقات التركية الروسية ستبقى مستقرة في السنوات الخمس المقبلة”.

ويكتسب الملف السوري أهمية خاصة خلال زيارة أردوغان لروسيا، في ضوء تأثيره على الأمن القومي التركي واستراتيجية بوتين في منطقة الشرق الأوسط، بعدما أصبحت سوريا أهم محاور الارتكاز الروسية في المنطقة.

وترعى موسكو انفتاح أنقرة على دمشق، وتعمل على سرعة التوصل إلى تفاهمات سريعة بينهما، كما تعد الضامن لأمن جنوب تركيا، التي ترغب في إنشاء منطقة عازلة للحيلولة دون حدوث عملية نزوح واسعة من قبل 2 مليون سوري من محافظة إدلب.

ويتمسك نظام دمشق بسحب القوات التركية من شمال سوريا، وإعادة إدارة إدلب لدمشق، وتمكينها من السيطرة على المعابر الحدودية.

وتبلغ مساحة المنطقة العازلة التي ترغب تركيا في إنشائها نحو 11% من مساحة سوريا.

ويعد مشروع إنشاء مركز للغاز من بين الملفات التي تربط بين روسيا وتركيا، في ضوء رغبة تركيا في التحول لمركز إقليمي للطاقة، وترحيب روسيا بتحول تركيا إلى معبر لإمداد الغرب بالطاقة، خاصة بعد تضرر خطّ أنابيب “نورد ستريم” وتعزيز خط أنابيب “ترك ستريم” المشترك بين البلدين، بحكم الاتفاق الموقع في خريف عام 2022.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان