“الكيوت” ينافس “التوكتوك” في مصر.. ومطالبات بحماية “تاكسي الغلابة” (فيديو)
بحذر شديد يقترب سعيد صابر، وهو سائق “توكتوك”، من شارع رئيسي قريب من ميدان رمسيس بقلب العاصمة المصرية القاهرة لالتقاط زبائنه المتجهين إلى شوارع وحارات منطقة رملة بولاق، وذلك قبل أن يلتفت إليه رجل المرور.
ولا يقضي صابر وقتا طويلا في التفاوض مع زبائنه، كما يقول للجزيرة مباشر، لأن عليه أن يهرب سريعًا إلى الشوارع الفرعية بعد أن حظرت السلطات المحلية “التوكتوك”، تلك المركبة التي أثارت جدلا لم يتوقف منذ ظهورها بكثافة في مصر قبل أكثر من عشرين عاما.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsتعرَّف على خسائر الحرب بين حزب الله وإسرائيل
البنك الدولي يكشف الثمن الباهظ الذي يدفعه الاقتصاد اللبناني جراء العدوان الإسرائيلي
رئيس المركزي الأمريكي يتحدى ترامب: لن أستقيل حتى لو طلب ذلك
ويرى صابر أن المركبة البديلة التي تستعد الحكومة لترخيصها، التي تسمى “الكيوت” ربما تضع حدًّا لمعاناته، لكنه يقول إن التوكتوك بصورته الحالية يصل جميع الأماكن الضيقة ويقدم خدمة لا غنى عنها.
لكن زميله سيد عيد يرى أن المشكلة تبقى في سعر المركبة الجديدة التي استوردتها مصر من الهند وتحمل اسم “الكيوت”.
أما السائق حسين عبده فلم يملك نفسه من الضحك عندما سمع خبر مشروع “الكيوت”، وهو الاسم الذي أُطلق على مركبة صغيرة بديلة، مؤكدا للجزيرة مباشر صعوبة الظروف المعيشية، ويخلص قائلا: “المهم نأكل عيش”.
الحكومة في مواجهة التوكتوك
عاد التوكتوك، الذي يطلق عليه البعض اسم “تاكسي الغلابة”، يثير الجدل مجددا بعد أن ظهر البديل على أرض الواقع، وبدأت الإجراءات الحكومية للقضاء على ظاهرة التوكتوك.
وأوقفت وزارة التجارة استيراد إطارات التوكتوك، واقتصرت تعديلات قانون المرور الجديد على الترخيص للمركبة ذات الأربع عجلات فقط.
وليست هذه المرة الأولى التي تعلن فيها الحكومة الحرب على التوكتوك، فقد صدر قرار وزاري في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بوقف التراخيص لفترة مؤقتة للحد من الظواهر السلبية التي نتجت عن انتشاره.
وفي سبتمبر/أيلول 2019، وجه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بالبدء في برنامج نشر سيارات آمنة ومرخصة، مثل “الميني فان” التي تعمل بالغاز الطبيعي، لكن هذا التوجيه لم ينفذ بشكل واسع على أرض الواقع بسبب تبعات أزمة كورونا.
وبحسب تقديرات غير رسمية نشرتها صحف محلية فإن هناك ما بين 5 و6 ملايين مركبة توكتوك، بلغ عدد المرخصة منها 192 ألفا و675 فقط، حتى شهر ديسمبر/كانون الأول 2024، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وزارة الإنتاج الحربي والمركبة “كيوت”
على أرض الواقع بدأت المركبة الجديدة “كيوت” في الصعود إلى الواجهة برعاية وزارة الإنتاج الحربي، وبالتعاون مع شركة هندية متخصصة في إنتاج مركبة شبيهة بالتوكتوك، لكنها تسير على أربع عجلات بدلا من ثلاث. وأعلنت الحكومة المصرية بالفعل البدء في استيراد العشرات من مركبة “الكيوت” مع الكشف عن خطة للتصنيع المحلي بالتعاون مع الهند.
الفرق بين سعر التوكتوك والكيوت
أوضح عبد الخالق سلامة، وهو مهندس بإحدى شركات تجميع السيارات، للجزيرة مباشر أن التوكتوك لا يتم توريده لمصر بشكله الحالي ولكن في شكل قطع غيار مفككة للحصول على إعفاءات جمركية تصل إلى 60% باعتبارها مستلزمات إنتاج.
وأشار سلامة إلى أن المركبة الجديدة لن يتم تجميعها محليا على الفور؛ مما قد يرفع سعرها بشكل كبير، وأوضح أنها تعتمد على محرك رباعي الأشواط، ثنائي الاشتعال بسعة 217 سي سي، وتبلغ قدرة المحرك 13 حصانا، وتصل السرعة القصوى للكيوت إلى 70 كم/ ساعة وتتسع لأربعة أشخاص.
وبحسب وزارة الإنتاج الحربي فإن المرحلة الأولى للإنتاج المحلي تستهدف تزويد السوق بأكثر من 2800 سيارة سنويا.
الاقتصاد الموازي وحياة الملايين
لا يتوقع المحاسب المتقاعد ناصر العزب أن يختفي التوكتوك في مصر، قائلا للجزيرة مباشر إنه جزء من حياة المصريين ولا بديل عنه لسهولة وصوله إلى الأماكن الضيقة والعشوائية التي لا توجد بها مواصلات عمومية أو خاصة. وأضاف: “التوكتوك له نصيب ثابت في ميزانية الأسرة”.
وفي المقابل، قال المحامي أحمد إمام للجزيرة مباشر إن التوكتوك تسبب في نشر الفوضى ورفع معدلات الجريمة لأنه يعمل خارج القانون، مشيرًا إلى أن أغلب سائقيه من الأطفال ومتوسط أعمارهم 15 عاما.
ولفت إلى ما يسميه جشع السائقين، لكن حسام حسيب رد عبر منصة إكس بصورة من هاتفه الخاص لسائق توكتوك يعفي غير القادرين من الأجرة.
اللي حاسس بيك
اهم من اللي بيحبك
مليون مرةكان نفسي احضن سواق التوكتوك واعيط 😂😂#تصويري pic.twitter.com/8vzz6kwVRS
— Hossam Hassieb (@HOSSAM_HASSIEB) October 5, 2024
التقنين والتنظيم وليس الاحتكار
دعا الخبير والباحث الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب في حديثه للجزيرة مباشر إلى التعامل بحذر مع “تاكسي الغلابة”، قائلا إن الظاهرة استفحلت والتعامل غير المدروس قد يؤدي إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية خطيرة.
وأضاف: “إلى أن يتم التقنين يجب التأكيد على أن التوكتوك وسيلة أساسية بكل الأحياء الشعبية والمناطق العشوائية… ويشكل جزءا مهما من الاقتصاد الموازي الذي يحتاج الضبط والتنظيم… ويمثل مصدر الدخل الوحيد للعديد من الأسر”. وقال: “شئنا أم أبينا هو نشاط اقتصادي مهم لملايين الأشخاص”.
ودعا عبد المطلب إلى سرعة تقنين التوكتوك قائلا إنه بوضعه الحالي يسبب حوادث وفوضى مرورية كبيرة تتفاقم مع غياب أي معلومات عن المركبة أو سائقها لدى أجهزة الدولة.
“أروح فين بعد كده”
تعليقا على ذلك قال جمعة صميدة -وهو سائق توكتوك- للجزيرة مباشر إنه ترك مهنته الأساسية في الخراطة بأحد مصانع مدينة أكتوبر لعدم كفاية الدخل، وبدأ العمل على التوكتوك، وتساءل: “أروح فين بعد كده؟”، مشيرا إلى احتمال توجهه إلى العمل بالتوكتوك في المناطق الريفية القريبة من القاهرة حتى تظهر ملامح وأسعار المركبة الجديدة.