داخل جدران الرعب.. القصة الكاملة لسجن صيدنايا السوري
يعد سجن صيدنايا العسكري، الواقع على بعد 30 كيلومترا شمال العاصمة السورية دمشق، أحد أبرز رموز القمع والانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان في سوريا.
اشتهر هذا السجن، الذي بني عام 1987، بلقبي “المسلخ البشري” و”السجن الأحمر” نتيجة لممارسات التعذيب والقتل التي شهدها على مدى عقود.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsوزير الدفاع السوري يرفض اقتراحا ببقاء المسلحين الأكراد كتلة واحدة داخل الجيش
“جعلوا قاعاتها سجونا”.. شهادات صادمة عن كلية الهندسة البترولية في عهد بشار الأسد (فيديو)
الشيباني: نتطلع إلى استعادة مقعد سوريا بالجامعة العربية ونحضّر لمؤتمر وطني شامل (شاهد)
أين يقع سجن صيدنايا؟
يقع سجن صيدنايا قرب دير صيدنايا على بعد 30 كيلومترا شمال العاصمة دمشق. وينقسم إلى جزأين رئيسيين: “المبنى الأحمر” المخصص للمعتقلين السياسيين والمدنيين، و”المبنى الأبيض” المخصص للسجناء العسكريين.
تكمن أهمية سجن صيدنايا في كونه أحد أبرز مراكز الاعتقال والتعذيب في سوريا، حيث استخدمه النظام السوري أداة رئيسية لقمع المعارضة وترهيب المجتمع السوري. كما أنه يعتبر رمزًا لانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها نظام الأسد على مدى عقود.
ما ظروف الاعتقال داخل سجن صيدنايا؟
يتميز سجن صيدنايا بتصميم يجعله أحد أشد السجون العسكرية تحصينا. يتكون من 3 مبان كبيرة تلتقي في نقطة يطلق عليها “المسدس”. يحتوي كل مبنى على 3 طوابق، ولكل طابق جناحان. يضم الجناح الواحد 20 مهجعًا جماعيًا بمساحة 48 مترًا مربعًا لكل منها.
يعاني السجناء في صيدنايا من ظروف اعتقال قاسية للغاية، تشمل:
- الاكتظاظ الشديد في الزنازين.
- الحرمان من الرعاية الصحية الأساسية.
- نقص الطعام والماء، حيث اضطر بعض السجناء لشرب بولهم بسبب منع الماء عنهم لفترات طويلة.
- التعرض للتعذيب الجسدي والنفسي بشكل يومي.
- العزل عن العالم الخارجي ومنع الزيارات العائلية في معظم الأحيان.
من هم المعتقلون في سجن صيدنايا؟
ضم سجن صيدنايا مجموعة متنوعة من المعتقلين، بمن فيهم:
- معتقلو جماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي.
- معتقلون لبنانيون وفلسطينيون.
- معتقلون شيوعيون ومن الأحزاب الكردية.
- عسكريون سوريون.
- معارضون سياسيون وناشطون وصحفيون (بعد 2011).
ما الاتهامات الموجهة للنظام السوري حول سجن صيدنايا؟
وجهت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية، على رأسها منظمة العفو الدولية، اتهامات خطيرة للنظام السوري بشأن الممارسات في سجن صيدنايا، أبرزها:
التعذيب المنهجي: استخدام أساليب قاسية مثل “بساط الريح” ( حيث يُثبت المعتقل على لوح خشبي مكوّن من قسمين قابلين للحركة، ويتم ثني القسمين باتجاه بعضهما البعض أو عكس ذلك؛ ما يؤدي إلى آلام فظيعة في العمود الفقري) والضرب المبرح والصعق بالكهرباء.
الإعدامات الجماعية: وثقت منظمة العفو الدولية إعدام نحو 13 ألف شخص شنقا بين عامي 2011 و2015.
الاختفاء القسري: احتجاز آلاف الأشخاص دون محاكمة أو توجيه تهم رسمية.
العنف الجنسي: تهديد النساء بالاغتصاب وتسجيل حالات تحرش جنسي للرجال والنساء.
الحرمان من الحقوق الأساسية: منع الزيارات العائلية والاتصال بالمحامين.
ما الدور السياسي لسجن صيدنايا؟
ساهم سجن صيدنايا بدور محوري في سياسة القمع التي انتهجها النظام السوري ضد معارضيه، إذ استُخدم كأداة لترهيب المجتمع السوري وكسر إرادة المعارضة.
خلال الثورة السورية، التي اندلعت في عام 2011، تحول السجن إلى مركز رئيسي لاعتقال وتعذيب المشاركين في الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
كما استخدم النظام السجن كوسيلة للضغط على المعارضة السياسية والعسكرية، حيث كان يحتجز فيه قيادات وأعضاء من مختلف الفصائل المعارضة.
كيف عرف العالم عن الانتهاكات في سجن صيدنايا؟
كشفت العديد من المصادر عن الانتهاكات الجسيمة في سجن صيدنايا، أبرزها:
شهادات الناجين: قدم عدد من المعتقلين السابقين شهادات مروعة عن تجاربهم داخل السجن.
تقارير المنظمات الحقوقية: أصدرت منظمات مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش تقارير مفصلة عن الانتهاكات.
صور “قيصر”: في عام 2014، هرب مصور عسكري سوري (عُرف باسم “قيصر”) بآلاف الصور التي توثق التعذيب والقتل في السجون السورية، بما فيها صيدنايا.
تقارير الأمم المتحدة: أصدرت لجان تحقيق تابعة للأمم المتحدة تقارير تؤكد وقوع جرائم ضد الإنسانية في السجون السورية.
أحداث بارزة في تاريخ سجن صيدنايا:
تمرد 2008: شهد السجن تمردًا استمر لأشهر، بدأ بسبب الإجراءات القمعية المشددة، وانتهى بقمع عنيف من قبل السلطات.
تصاعد الانتهاكات بعد 2011: مع بداية الثورة السورية، زادت وتيرة الاعتقالات والتعذيب في السجن بشكل كبير.
تقرير العفو الدولية 2017: كشف التقرير عن عمليات الإعدام الجماعي في السجن، مما أثار ردود فعل دولية غاضبة.
العصيان الكبير (يوليو 2008): استمر لعدة أشهر وبدأ بسبب تحويل صيدنايا إلى سجن تأديبي. شهد مواجهات عنيفة بين السجناء وقوات الأمن، وانتهى بعملية قمع واسعة النطاق في ديسمبر/كانون الأول 2008.
انتهاء كابوس سجن صيدنايا:
في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، تمكنت قوات المعارضة السورية من اقتحام سجن صيدنايا وإطلاق سراح كافة المعتقلين منه. جاء ذلك بعد دخولها العاصمة السورية دمشق وإعلان إسقاطها حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، الذي انتهى بانسحاب قواته من وزارتي الدفاع والداخلية ومطار دمشق الدولي.
مع السيطرة على السجن، بدأت عمليات البحث عن المفقودين والكشف عن مصير آلاف المعتقلين الذين اختفوا داخل جدرانه. كما بدأت جهود توثيق الانتهاكات وجمع الأدلة لاستخدامها في محاكمات مستقبلية محتملة.
يبقى سجن صيدنايا شاهدًا على فترة مظلمة من تاريخ سوريا، ورمزًا للنضال من أجل الحرية والعدالة.