السودان.. انهيار جديد في قيمة العملة يضع حياة المواطنين على المحك
مع دخول الاقتتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عامه الثاني، واصل الجنيه السوداني تراجعه مقابل العملات الأجنبية الأخرى، وخسر نحو 20% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي خلال الأسبوع الحالي، إذ سجل الدولار الواحد نحو 1800 جنيه في السوق الموازية.
وتخوّف خبراء اقتصاديون من أن يؤدي تدهور الجنيه السوداني إلى مزيد من الانهيار الاقتصادي، ومضاعفة تدهور الأوضاع المعيشية الضاغطة التي يعيشها السودانيون، خاصة مع فقدان أكثر من 80% من السكان مصادر دخلهم الرئيسية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsقلق في أوساط اللاجئين عقب توجهات الحكومة المصرية لتقنين إجراءات اللجوء
واشنطن تعلن استعدادها لدعم أي مبادرة لوقف الصراع في السودان
الأمم المتحدة تعلن تلقيها 12% فقط من المساعدات الغذائية اللازمة للسودان
وأرجع الخبير الاقتصادي السوداني محمد الناير انخفاض قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية إلى استمرار الحرب “التي قضت على معظم الموارد في البلاد”، مضيفًا للجزيرة مباشر “المطلوب من الحكومة في الظروف الحالية ليس تحسين قيمة العملة المحلية بل إيقاف هذا التدهور”.
كما أوضح الناير أن انخفاض إيرادات البلاد وزيادة حجم الإنفاق في الموازنة العامة، وتراجع قيمة الصادرات، وزيادة حجم الواردات، أسهمت في تراجع قيمة الجنيه السوداني، لافتًا إلى أن “وجود أكثر من 90% من الكتلة النقدية خارج إطار النظام المصرفي، قبل الحرب وحاليًّا، ساعد في تصاعد المضاربة في العملات، ولا سيما في ظل غياب الإجراءات الأمنية”.
وأشار الناير إلى أنه فات على الحكومة أن تتخذ قرارًا بإلغاء الفئات الكبيرة من العملة واختصار تداولها داخل القطاع المصرفي فقط لضبط الكتلة النقدية، خاتمًا حديثه بالقول “السياسات التي اتخذتها الحكومة خلال الحرب لم تكن كافية لاستقرار قيمة العملة، مما تتسبب في هذا التراجع”، داعيًا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف التدهور، ووضع خطط متكاملة لتقوية العملة المحلية بعد انتهاء الحرب.
وكان وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم قد وصف، في تصريحات سابقة، انخفاض قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية بأنه أمر طبيعي في ظل الظروف التي تمر بها البلاد.
كما أقر وزير المالية بأن هناك انخفاضًا مستمرًّا لقيمة العملة المحلية، قائلًا إن “الجنيه لم ينهار بالكامل كما حدث في بعض الدول التي مرت بتجارب مشابهة”.
وفي وقت سابق، أرجع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية (أوتشا) أسباب انكماش الاقتصاد السوداني بنسبة 12% إلى تأثر عمليات الإنتاج الزراعي والصناعي.
من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي السوداني عادل خلف الله أن فقدان البنك المركزي السيطرة على الكتلة النقدية، وتوقف بعض فروعه في عدد من الولايات جراء اندلاع الحرب، أسهم في تراجع قيمة العملة المحلية.
وقال خلف الله للجزيرة مباشر إن استهداف العمليات العسكرية لمقدرات الاقتصاد السوداني، خاصة المناطق الصناعية والأسواق الكبرى، أفقد وزارة المالية السيطرة على الموارد لمواجهة احتياجات البلاد.
كما أشار الخبير الاقتصادي إلى أن الحرب قادت لتراجع المقدرات الزراعية والصناعية في البلاد، مما انعكس سلبًا على الميزان التجاري، إذ تراجعت قيمة الصادرات بنسبة 80%، مما أفقد وزارة المالية نسبة كبيرة من الإيرادات.
ولفت خلف الله إلى أن توقف تحويلات المهاجرين السودانيين التي كانت تصل إلى البلاد، وتَحوُّلها إلى أسرهم التي لجأت إلى دول أخرى بسبب الحرب، أدى إلى فقدان السودان نسبة كبيرة من النقد الأجنبي، منوهًا إلى أن تحويلات السودانيين العاملين في الخارج بلغت قبل الحرب في عام 2021 نحو 7 مليارات دولار.
وأكد خلف الله أن تراجع قيمة الجنيه السوداني فاقم من تردي الوضع الاقتصادي في البلاد، إذ شهدت أسعار المحروقات زيادة غير مسبوقة، كما قفزت أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 50%، بينما ارتفعت أسعار كثير من الأدوية بنسبة تجاوزت الضِعف، مضيفًا أن “تفاقم الوضع الاقتصادي في البلاد والتدهور الشامل الذي يهدد كيان ومصير الدولة السودانية يحتم على طرفي القتال اللجوء إلى التفاوض لإيقاف الحرب وإيقاف تدهور العملة الوطنية”.
وتسببت الحرب في توقف 70% من فروع المصارف في مناطق القتال، كما جرى نهب ممتلكات وأصول عدد من البنوك، وفق تقرير سابق لبنك السودان المركزي.
وأفاد تقرير لهيئة الموانئ البحرية السودانية بتراجع حجم الصادرات والواردات في عام 2023 بنسبة 23%، مقارنة بالعام السابق له.
ومع اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 من إبريل/نيسان 2023، سجل سعر صرف الدولار 1100 جنيه بعد أن كان في حدود 550 جنيهًا.
وكان الأمين العام للاتحاد العربي لتنمية الصادرات الصناعية بجامعة الدول العربية، عبد المنعم محمد محمود، قد أكد أن خسائر القطاع الاقتصادي في السودان جراء الحرب تُقدَّر بنحو 200 مليار دولار، منها حوالي 50 مليار دولار خسائر القطاع الصناعي، وفق وكالة السودان للأنباء.