سرايا القدس.. من انتفاضة الحجارة إلى طوفان الأقصى
سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، ثاني أكبر حركة مقاومة في قطاع غزة بعد حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
تأسيس سرايا القدس
أسست “سرايا القدس” عام 1981 في غزة على يد فتحي الشقاقي، حيث تم تأسيس أول خلية مسلحة للتنظيم في صيف عام 1981 على يد الشقاقي، وكانت تحمل اسم “مجموعة الطليعة الإسلامية”.
وتحولت الخلية فيما بعد إلى جناح عسكري، وتبنت أسماء متعددة، مثل “سيف الإسلام” الذي أصبح يطلق عليه في مطلع التسعينيات “القوى الإسلامية المجاهدة”، وعُرف اختصارًا باسم “قسم”، ثم استُقر لاحقًا على تسميته “سرايا القدس”.
وبعد تنفيذ الخلية أول عملية اغتيال في الخليل عام 1983، فرضت سلطات الاحتلال الإقامة الجبرية على مجموعة من قياديي الحركة، وتم اعتقال نحو 25 عضوًا، من بينهم الشقاقي ورمضان شلح.
ورغم حملة الاعتقالات التي طالت كوادر الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري، واصل جناح سرايا القدس عملياته. خاصة بعد فرار 6 من أفرادها من السجن الإسرائيلي في غزة في مايو/أيار 1987، وزادت نشاطاتها بعد اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987.
وتعدّ سرايا القدس من أول الأجنحة العسكرية التي قامت بصناعة الصواريخ، وأسهمت بشكل كبير في تطوير منظومة الصواريخ، كما كانت أول من قامت بقصف مدينة تل أبيب المحتلة بصاروخ “فجر 5”.
المنطلقات الفكرية
تقول السرايا على موقعها الرسمي إنها تمثل امتدادًا فعليًا وعضويًا لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، فقد حملت العمليات العسكرية الأولى الاسم المباشر للحركة قبل أن يتميز الجناح العسكري بأسماء محددة تحولت من “سرايا الجهاد” إلى “سيف الإسلام”، ثم “القوى الإسلامية المجاهدة (قسم)” وصولًا إلى “سرايا القدس”.
وتؤكد أن لها دورًا رياديًا وإسهامًا أصيلًا وإبداعًا رائعًا في مسيرة المقاومة الفلسطينية، الأمر الذي جعل منها هدفًا أول ومباشرًا لسياسات الاحتلال ووضعها في دائرة الاستهداف الإسرائيلي، الذي طال عددًا غير قليل من عناصرها وكوادرها وقياداتها العسكرية.
وقد تجاوز عدد معتقليها في الضفة الغربية فقط إبان انتفاضة الأقصى الألفي أسير، فيما طالت الاغتيالات عددًا كبيرًا من قيادتها وكوادرها حيث قارب عدد شهداء السرايا في ظل انتفاضة الأقصى فقط الألف شهيد.
وتقوم رسالة سرايا القدس على السعي نحو تحرير الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي داخل الحدود الفلسطينية المفروضة قبل 1948، بالإضافة إلى عودة المهجّرين الفلسطينيين إلى وطنهم، كما تعارض بشدة اتفاق أوسلو.
وتستمد حركة الجهاد الإسلامي وفرعها المسلح “سرايا القدس” عقيدتها الجهادية من مبادئ الدين الإسلامي، مع إيمانها القوي بالمسار النضالي للشعب الفلسطيني.
القدرات العسكرية لسرايا القدس
في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2002 أطلقت سرايا القدس أول صاروخ محليّ الصنع، سُمّي “صاروخ جنين”، ثم تم تطويره وتغيير اسمه إلى صاروخ “قدس”، وكان للقيادي الميداني رامي عيسى دور كبير في صناعة هذا الصاروخ، وقام القائدان محمود جودة وعدنان بستان بتطويره.
وفي عام 2006، قام القيادي عمر عرفات الخطيب بتهريب أول صاروخ “جراد” إلى قطاع غزة، حيث استعملته حركات المقاومة ضدّ جيش الاحتلال.
وبعد 6 سنوات من امتلاك صاروخ “جراد”، أطلقت سرايا القدس صاروخًا من طراز “فجر 5” في 15 تشرين الثاني 2012، استهدف مبنى للاتصالات في مدينة تل أبيب.
وفي هذا العام (2012) أعلن أحد أبرز قادة سرايا القدس، أبو إبراهيم، أن السرايا “تمتلك آلاف الصواريخ وهي قادرة على استهداف مدن في العمق الإسرائيلي في حال قامت إسرائيل بعمليات اغتيال جديدة في قطاع غزة”، كما أكد “أن قدرات السرايا العسكرية زادت تطورًا كمًّا ونوعًا، وأن هذه الصواريخ تتمتع بدقة كبيرة بفضل السلاح المتطور والذي بُرمج للإفلات من نظام الاعتراض الإسرائيلي”.
وتشمل ترسانة صواريخ سرايا القدس: صاروخ “جنين”، “قدس 4″، “صاروخ جنين”، “القاسم”، “بدر 3″، “براق 70 ” و”براق 100″ و”براق 120″، “صاروخ 107″، و”صاروخ جعفر” الذي دخل الخدمة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولم تحدد سرايا القدس مداه وقدرته التدميرية، هذا بجانب مجموعة متنوعة من راجمات الصواريخ والأسلحة المضادّة للدروع التي تحمل طرازات مختلفة.
سرايا القدس والطائرات المسيّرة
في 28 إبريل/نيسان 2022، كشفت “سرايا القدس”، عن امتلاكها لـ”طائرة مُسيّرة”، تحمل اسم “جِنين”، تيمنًا بالمدينة الفلسطينية الواقعة شمالي الضفة الغربية، جاء ذلك في خطاب للناطق باسم سرايا القدس، “أبو حمزة”، بمناسبة ذكرى ما يعرف بـ”يوم القدس العالمي”.
وفي 2023 كشفت سرايا القدس، عن عدد من المسيّرات العسكرية الجديدة التي أدخلتها الخدمة لأول مرة، التي تستخدم لأغراض عدة ومهمات هجومية واستطلاعية، ومن أبرز ما تمتلكه من المسيّرات: “سحاب”، و”صياد” و”هدهد”، و”جنين”.
في يوليو/تموز 2014 أعلنت سرايا القدس عن قصف استهدف المفاعل النووي الإسرائيلي “ستوراك” جنوب تل أبيب بصاروخ بعيد المدى من نوع “براق 70″، إضافة إلى قصف ميناء أسدود بصاروخ “جراد”.
وفي 15 فبراير/شباط 2019، أعلنت سرايا القدس عن صاروخ “براق 120” محلّي الصنع الذي يصل مداه لـ120 كيلو مترًا، وفي مايو/أيار من العام نفسه أعلنت عن صاروخ “بدر 3” الذي استخدمته لأوّل مرة خلال تصعيد بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة في قطاع غزة.
علامات بارزة في تاريخ سرايا القدس:
كانت الانطلاقة الأولى مع إدخال العمليات الاستشهادية “بوساطة المتفجرات” ضمن وسائل المقاومة في فلسطين، وكانت البداية بتنفيذ الشهيد أنور عزيز أول عملية استشهادية في قطاع غزة بتاريخ 13/ 12/ 1993.
وتمت أول عملية استشهادية مزدوجة هي عملية بيت ليد الشهيرة، نفّذها المجاهدان صلاح شاكر وأنور سكر بتاريخ 22/ 1/ 1995.
ثم كانت أول عملية استشهادية في انتفاضة الأقصى، نفّذها الشهيد نبيل العرعير من سرايا القدس بتاريخ 26/ 10/ 2000، بعدها مباشرة عملية تفجير “بسيارة مفخخة”، نفّذتها سرايا القدس بتاريخ 2/ 11/ 2000 في مدينة القدس، وأسفرت عن قتل ابنة الحاخام إسحق ليفي ومحاميها.
وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني، تم تنفيذ أول عملية مشتركة في ظل انتفاضة الأقصى، بين سرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى في مدينة “العفولة”، وقد نفّذها الشهيدان مصطفى أبو سرية (20 عامًا) من سرايا القدس، وعبد الكريم أبو ناعسة (20عامًا) من كتائب شهداء الأقصى من مخيم جنين.
وانطلاقًا من جنوب لبنان، نفّذت السرايا عملية “مستوطنة شلومي” التي نفّذها الشهيدان غسان الجدع ومحمد عبد الوهاب بتاريخ 13/ 2/ 2002.
تطوير العمليات العسكرية لسرايا القدس
في شهر أغسطس/آب 2014، أعلنت السرايا تعزيز قدراتها وتطويرها لمواجهة الاحتلال، معتبرة أن قطاع غزة نجح في مواجهة العدوان.
وفي مارس/آذار 2015، نشرت السرايا إحصائية عن أدائها في عام 2014، حيث استشهد 143 عضوًا بها، فيما أطلقت الآلاف من الصواريخ، وقتلت 31 جنديًا إسرائيليًا في معركة “البنيان المرصوص”، التي شكلت نقلة نوعية في أداء المقاومة.
استشهاد عدد من قادة سرايا القدس
تعرض عدد من قادة سرايا القدس لاستهداف مباشر من جانب قوات الاحتلال، حيث تم اغتيال قائد السرايا في غزة خالد الدحدوح في مارس/آذار 2006، واغتيال القائد العام للسرايا في شمال الضفة الغربية حسام جرادات في أغسطس/آب 2006.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، استشهد بهاء أبو العطا، قائد سرايا القدس في قطاع غزة، في عملية اغتيال من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وفي مايو 2023، تسببت ضربة جوية إسرائيلية في استشهاد جهاد شاكر الغنام وخليل صلاح البهتيني وطارق محمد عز الدين، القادة في مجلس القيادة العسكرية لسرايا القدس.
سرايا القدس و”طوفان الأقصى”
أعلنت سرايا القدس عن عدد من العمليات العسكرية التي نفّذتها ضمن عملية “طوفان الأقصى”، ففي 30 مارس/آذار 2024، نشرت صورًا تظهر عملية تجهيز رشقات صاروخية وإطلاقها باتجاه مستوطنة سديروت ومنطقة غلاف غزة، وظهر مقاتلو السرايا وهم يكشفون عن فتحات الإطلاق ويقومون بوضع ذخائر من 5 صواريخ، وأهدت السرايا الرشقة إلى “الشعب الفلسطيني المرابط ومحور المقاومة”.
وفي 3 إبريل/نيسان 2024، عرضت سرايا القدس، مشاهد لقنص أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي شرقي مدينة غزة، وأظهرت المشاهد عملية رصد لمقاتلي السرايا لجنود وآليات عسكرية تتبع وحدة الهندسة الإسرائيلية في محيط منطقة الطاقة شرقي غزة.
ثم بثت في 8 إبريل مشاهد لاستهداف وقصف مقاتليها آليات وحشود جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي في محاور التقدم بمدينة غزة، وتضمنت المشاهد رصد دبابة “ميركافا 4” على مفترق الولادة بمحيط مجمع الشفاء في مدينة غزة، ثم استهدافها بقذيفة “آر بي جي”، مع صوت أحد مقاتلي السرايا قائلًا: “هذه رسالة لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، الذي يقول كنا في مجمع الشفاء ولم يمسسنا أي ضرر”.
وفي 5 مايو/أيار نشرت السرايا صورًا قالت إنها لسيطرتها على طائرة إسرائيلية مسيّرة من نوع “سكاي لارك” المطورة في مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، وتضمن مقطع “الفيديو” عرض هيكل الطائرة وبجانبه أحد مقاتلي السرايا الذي تحدث عن سيطرة السرايا على الطائرة.
وفي يوم 17 من الشهر نفسه عرضت سرايا القدس مشاهد من عملية قصف الحشود العسكرية الإسرائيلية بصواريخ “107” في محور “نتساريم”، وأظهرت المشاهد “مقاتلين من سرايا القدس وهم يجهزون ويطلقون صواريخ 107”.
وفي 18 يونيو/حزيران 2024، عرضت “سرايا القدس”، مشاهد من قصف مقاتليها بالاشتراك مع ألوية “الناصر صلاح الدين” لموقع “كيسوفيم” العسكري الإسرائيلي برشقة صاروخية.