كامالا هاريس.. نائبة بايدن والبديل المحتمل لمواجهة ترامب
وُلدت كامالا هاريس في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا، في 20 من أكتوبر/تشرين الأول عام 1964، من أمّ هندية (باحثة في مجال السرطان) وأب جامايكي (خبير اقتصادي)، وبعد نحو أسبوعين من ولادتها، قدَّم والدها إفادة خطية لتصحيح سجل ميلادها، بعد أن غيروا اسمها الأوسط من “ليير” إلى “ديفي” وتعني آلهة، و”كامالا” اسم هندي يعني زهرة اللوتس.
نشأت كامالا في حي بيركلي الذي تسكنه أغلبية من الأمريكيين من أصول إفريقية، وفي الخامسة من عمرها شهدت طلاق والديها، وتمت تربيتها بشكل رئيسي من قِبل والدتها الهندوسية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsكتاب يكشف عن اختبارات كوفيد “سرية” أرسلها ترامب إلى بوتين.. والكرملين يعلق
صفحاته فارغة.. كتاب “إنجازات كامالا هاريس” الأكثر مبيعا على أمازون (شاهد)
من إدانة ترامب إلى صعود هاريس: أبرز محطات السباق الرئاسي الأمريكي 2024
بين الجذور الهندية والثقافة الإفريقية
كانت هاريس على ارتباط وثيق بتراثها الهندي، فقد رافقت والدتها لزيارة الهند مرات عدة، لكنها تقول إن والدتها تبنت ثقافة السود في أوكلاند، وغمرت ابنتيها (كامالا وأختها الصغرى مايا) بتلك الثقافة.
وكتبت عن ذلك “الحقيقة أن والدتي أدركت جيدا أنها كانت تربي ابنتين سوداوين، كانت تعلم أن موطنها الجديد الذي قررت الانتماء إليه، سينظر إليَّ وإلى مايا على أننا فتاتان سوداوان، لكنها كانت تصرّ على التأكد من أننا سنصبح امرأتين واثقتين وفخورتين بنفسيهما”.
وذكرت أن والدتها كانت صاحبة التأثير الأكبر في حياتها، وقالت عنها “لا يوجد لقب أو شرف على الأرض سأعتز به أكثر من القول إنني ابنة شيامالا غوبلان”، وكانت كامالا على ارتباط وثيق بتراثها الهندي، حيث ظلت منذ طفولتها قريبة من عائلتها في الهند وجامايكا، كما أمضت جزءا من طفولتها في لوساكا بزامبيا.
وكانت والدتها تخاطبها بلغتها الأم “التاميل”، ووُصفت بأنها من رواد الكنيسة وبأنها امرأة تؤمن بعقيدة مسيحية متشبعة بالممارسات الهندوسية.
في مرحلة ما قبل المدرسة، دخلت كامالا وشقيقتها دارا للرعاية النهارية، وتعددت زياراتها لمركز “رينبو ساين الثقافي للسود”، وقالت عن تلك الفترة إنها أدركت من خلال المركز أنه لا توجد طريقة أفضل لتغذية الفكر “من الجمع بين الشعر والسياسة والموسيقى والرقص والفن”.
وفي عام 1969، بدأت دراستها شمال بيركلي في رياض للأطفال يسمى “مونتيسوري”، وعام 1970 التحقت بالصف الأول في مدرسة “ثاوزند أوكس” الابتدائية، فكانت “السمراء في عالم أبيض”، إذ كانت غالبية الطلاب من البيض والأقلية من السود.
الحياة في كندا بين الدراسة والموسيقى
في عام 1976 انتقلت إلى كندا، حيث عملت والدتها في التدريس بجامعة ماكجيل، ودرست كامالا في مدرسة ابتدائية فرنسية تسمى “نوتردام دو نيج” وتعني “سيدة الثلج”، ولم تعرف سوى بعض المصطلحات الفرنسية من دروس الباليه.
ثم التحقت في الصف الثامن عام 1977 بمدرسة عامة تسمى “مدرسة الفنون الجميلة الابتدائية الأساسية”، وفيها بدأت تعلُّم العزف على الكمان إلى جانب دراستها التاريخ والرياضيات، لكنها اضطرت إلى مغادرة المدرسة لأنها لم تحصل على درجات عالية.
وعندما كانت في الثانية عشرة من عمرها، انتقلت إلى مدرسة “ويستماونت الثانوية” المتنوعة في كيبيك، واندمجت بين مجموعات الطلاب من خلفيات واهتمامات مختلفة، وشاركت في تأسيس فرقة رقص أُطلِق عليها “سوبر إكس”، ولاحقا “ميد نايت ماجيك”.
كما كانت من أعضاء نادي “بيب” الذين كانوا يغنون في المناسبات المدرسية، وخلال تلك الفترة قرأت الأعمال الأدبية للمغني والأديب “ليونارد كوهين” الكندي الذي كان أحد خريجي الثانوية الأكثر شهرة.
وقادت احتجاجا في مونتريال ضد مالك مبنى لم يسمح لأطفال الحي باللعب في الحديقة، وقالت إن جدها هو من أثار شغفها بالخدمات العامة.
الدراسة في جامعة هوارد وترسيخ الهوية
عندما عادت كامالا إلى الولايات المتحدة استقرت في واشنطن، والتحقت بكلية “بلاك هوارد”، ووصفتها بأنها من بين أكثر الخبرات التي حصلت عليها في حياتها وأسهمت في بنائها وتكوينها، وهذه الجامعة إحدى الجامعات التي يدرس فيها السود تاريخيا في المجتمع الأمريكي.
وفيها درست السياسة والاقتصاد مع أبناء قادة حركة الحقوق المدنية مثل جيسي جاكسون وأندريو يونغ، وحصلت على درجة بكالوريوس الآداب في العلوم السياسية والاقتصاد بمرتبة الشرف عام 1986، ثم التحقت بكلية هاستينغز للقانون، وعام 1989 حصلت على درجة البكالوريوس في القانون.
ووصفت هاريس تلك المرحلة بأنها فترة تكوين سياسي، حيث شاركت في فريق المناظرات، وانتُخبت أول طالبة سوداء ممثلة للطلاب الجدد في مجلس طلاب الجامعة، كما كانت عضوا في نادي “ألفا كابا ألفا” للخريجات الأمريكيات من أصل إفريقي.
وخلال دراستها الجامعية خاضت تدريبا في لجنة التجارة الفدرالية، وفي الأرشيف الوطني، والمكتب الأمريكي للنقش والطباعة، وفي أيام الصيف تدربت مع عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا آلان كرانستون.
دراسة القانون وبداية العمل المهني
انتقلت هاريس لدراسة القانون في جامعة كاليفورنيا، وبعد التخرج قررت اختيار مهنة المحاماة، وكان مصدر إلهامها لهذا التوجه العلمي والمهني، المحامي ثورغود مارشال، أول قاض أسود، لكنها فشلت في الامتحان، وبعد بضعة أشهر أعادته بهدف متجدد.
ونجحت في محاولة ثانية عام 1990، وبدأت حياتها المهنية في مكتب المدعي العام لمقاطعة ألاميدا، وفي عام 1998 أصبحت محامية إدارية للوحدة الجنائية المهنية في مكتب المدعي العام لمنطقة سان فرانسيسكو، وعملت في قسم خدمات الأسرة والأطفال عام 2000.
ثم أصبحت المدعي العام الأعلى لمدينة سان فرانسيسكو عام 2003، ثم انتُخبت أول امرأة وأول شخص ملون يعمل مدعيا عاما لولاية كاليفورنيا، وأكبر محام ومسؤول عن إنفاذ القانون في الولاية التي تحتل المركز الأول بين الولايات الأمريكية من حيث عدد السكان، بعدما فازت بإعادة فرز الأصوات بنسبة 56.5%، ثم أعيد انتخابها لولاية ثانية عام 2007.
وخلال تلك الفترة، أنشأت برنامجا لمساعدة مرتكبي جرائم المخدرات لأول مرة في الحصول على شهادة الثانوية والعثور على عمل.
وفي عام 2010، انتُخبت مدعية عامة لولاية كاليفورنيا، وأعيد انتخابها لولاية ثانية عام 2014، وأشرفت على “أول زواج مثلي في الولاية”.
ودافعت عن مسؤولي إنفاذ القانون والمحامين المتهمين بسوء السلوك، وكانت تفتخر بمضاعفة معدلات الإدانة في جرائم الأسلحة النارية إلى 92% في سان فرانسيسكو. كما حاكمت آباء الأطفال المتغيبين عن المدرسة، مما ساعد على خفض معدل التغيب بنسبة 32%.
عضوية مجلس الشيوخ 2017
اكتسبت كامالا سمعة جيدة وشهرة واسعة، حتى انتُخبت في مجلس الشيوخ عن الولاية عام 2017، وتمتعت بدعم كبير في أوساط التقدميين سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين، وأصبحت ثاني امرأة أمريكية من أصل إفريقي، وأول سيناتور من أصل هندي في تاريخ الولايات المتحدة تتولى هذا المنصب.
ومنذ بداية ولايتها في مجلس الشيوخ، كانت من أشد المعارضين الديمقراطيين للقرارات التي اتخذتها إدارة ترامب آنذاك. ومن موقعها في اللجنة القضائية، اشتهرت باستجوابها الحاد في جلسات الاستماع للقضاة المقترحين للمحكمة العليا.
بداية الرحلة نحو البيت الأبيض
أطلقت كامالا هاريس حملة للترشح لمنصب الرئيس في بداية عام 2019، بحضور حاشد زاد عدده على 20 ألف شخص في أوكلاند، كاليفورنيا، لكنها أخفقت في توضيح سبب حملتها وتوجهاتها الرئيسية في مجالات أساسية للمواطنين الأمريكيين مثل الرعاية الصحية، كما كانت تضع بايدن ضمن الشخصيات التي تهاجمها في حواراتها ومناقشاتها، وأنهت حملة ترشحها في ديسمبر/كانون الأول 2019، قبل أول تنافس للمرشحين الديمقراطيين بولاية أيوا في يناير/كانون الثاني 2020، وفي مارس/آذار 2020، أيّدت جو بايدن، قائلة إنها ستفعل كل ما بوسعها للمساعدة في انتخابه رئيسا قادما للولايات المتحدة.
وفي 11 من أغسطس/آب 2020، اختارها بايدن لتكون نائبته، وفي السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2021، دخلت التاريخ عندما أصبحت أول امرأة تُنتخب لمنصب نائب الرئيس الأمريكي، وبدأت تعمل “في مكان لا يفصلها فيه عن الرئاسة إلا خطوة واحدة”، ونظر إليها الكثيرون على أنها ستكون الوريثة الديمقراطية الأقرب لهذا المنصب في تاريخ أمريكا.
وفي نوفمبر 2021، عندما خضع الرئيس بايدن لتنظير القولون الروتيني الذي يتطلب التخدير، كانت لمدة 85 دقيقة رئيسة مؤقتة للبلاد، وكان ذلك اليوم بمثابة فصل جديد في التاريخ الأمريكي.
هاريس بديلا لبايدن في انتخابات 2024
وبعد إعلان بايدن يوم 21 يوليو/تموز 2024 تنحيه عن سباق الرئاسة ودعمه لكامالا هاريس لكي تصبح مرشحة الحزب الديمقراطي، أعلنت نائبة الرئيس عن نيتها الترشح للرئاسة في الانتخابات المقبلة، مشيدة بالقرار “الوطني” الذي اتخذه الرئيس بايدن بعدم الترشح لولاية ثانية.
وتشير استطلاعات رأي حديثة إلى أن أداء هاريس يمكن أن يكون أفضل من بايدن في مواجهة المرشح الجمهوري ترامب، غير أنها ستواجه منافسة شديدة، وكان التأييد لهاريس بنسبة 45% مقابل 47% لترامب، كما أن الناخبين المعتدلين من كلا الحزبين أيدوها بنسبة 51% مقابل 49% لترامب، وقال ديمقراطيون مؤثرون إن هاريس ستكون المنافس الديمقراطي الأفضل.
المؤلفات والجوائز
في عام 2009، نشرت هاريس كتاب “الذكاء في التعامل مع الجريمة” الذي يتناول أفكارها لإصلاح العدالة الجنائية، وبعد عشر سنوات وتحديدا عام 2019، نشرت سيرتها الذاتية بعنوان “الحقائق التي نمسك بها: رحلة أمريكية”، وحققت مبيعات اقتربت من مليون دولار.
وفي العام ذاته، نشرت مذكرات في شكل كتاب مصور للأطفال، بعنوان “الأبطال الخارقون في كل مكان”.
في عام 2005، حصلت هاريس على جائزة ثورغود مارشال، وفي عام 2020 سمتها مجلة “تايم” الأمريكية شخصية العام، وفي العام نفسه صنفتها فوربس من أغنى الشخصيات في الحكومة الأمريكية، إذ بلغت ثروتها حينئذ نحو 7 ملايين دولار.
كما أُدرج اسمها في قائمة أقوى 20 امرأة في أمريكا بمجلة نيوزويك عام 2020، وحصلت على المركز الثاني في تصنيف مجلة فوربس عن قائمة النساء الأكثر نفوذا في العالم عام 2021، والمركز الثالث عامي 2022 و2023.