وثيقة تأمين الطلاق الإجبارية.. حماية للمرأة أم أعباء وقيود على الزواج في مصر؟

ارتفعت حالات الطلاق الرسمية إلى حوالي 28.9% من عقود الزواج عام 2022 (الجزيرة مباشر)

دخلت “وثيقة تأمين الطلاق” بوصفها جزءًا من “قانون التأمين الموحد”، حيز التنفيذ بعد أن صدق عليها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد مضيّ أكثر من 3 أشهر على إقرار القانون من قبل مجلس النواب المصري؛ وبذلك أصبحت وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق شرطا جديدا من شروط عقد الزواج.

وصدق السيسي، على القانون رقم 155 لعام 2024، المتعلق بإصدار قانون التأمين الموحد، مطلع شهر يوليو/تموز الجاري.

هدف الوثيقة

تهدف وثيقة (تأمين ضد مخاطر الطلاق) إلى توفير شبكة أمان مالية للمطلقة، وذلك من خلال:

  • دفع الزوج مبلغا شهريا لصالح شركة تأمين.
  • صرف المبلغ للزوجة بعد الطلاق، وذلك لحين الفصل في جميع قضايا الزوجية واستلام مستحقاتها.
  • أن يكون مر على الزواج 3 سنوات وأن تكون طلقة بائنة أو وقع الطلاق 3 مرات.

وكشف أحد النواب باللجنة التشريعية بالبرلمان المصري، أن “وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق أصبحت إلزامية وشرطا جديدا من شروط عقد الزواج”.

وأوضح النائب، الذي فضل عدم ذكر اسمه، للجزيرة مباشر، أن هذا الشرط الجديد لن يطبق قبل تفعيل اللائحة الداخلية للقانون أو تضمينه في قانون الأحوال الشخصية.

وبشأن قيمة ومدة التأمين، أكد أن كل ما يقال حتى الآن هو ضرب من التكهنات، مضيفا أن هذا نوع مستحدث من التأمين لم يكن موجودا من قبل.

وأشار البرلماني المصري إلى أن قيمة المبلغ ومدته لم يحددا بعد لكنهما سيكونان بحسب قدرة المؤمن مع شركة التأمين.

آراء حول الوثيقة

ارتفعت حالات الطلاق الرسمية إلى حوالي 28.9% من عقود الزواج عام 2022، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

269.8 ألف حالة طلاق: أي بمعدل 739 حالة طلاق يوميًّا، أي أن مصر تشهد طلاقًا كل دقيقتين تقريبًا.

يثير هذا الإجراء تساؤلات حول دور الدولة في توفير الحماية الاجتماعية للمطلقات ودور القضاء في الفصل في قضايا النفقة.

ويرى المؤيدون للوثيقة أنها خطوة إيجابية لحماية حقوق المرأة وتعزيز الاستقرار الأسري في ظل شكاوى تأخر حصولها على مستحقاتها، بينما يخشى المعارضون من أن تُشجع على الطلاق، وتُثقل كواهل الأزواج بتكاليف إضافية، ويقولون إنها تخالف الشرع والقانون.

ترحيب نسوي

رأت رئيسة المجلس القومي للمرأة سابقا، السفيرة ميرفت التلاوي، في الوثيقة الجديدة انتصارا للمرأة، وقالت “هذا القانون يحل مشكلة كانت تؤرق عددا كبيرا من السيدات بعد الطلاق لا يحصلن على مستحقاتهن الزوجية لهن ولأولادهن بسهولة”.

وانتقدت الوزيرة السابقة التي كانت تشغل منصب وزيرة التأمينات والشؤون الاجتماعية المصرية، الذين يطالبون الدولة بتحمل مسؤولياتها اتجاه المطلقات، وأضافت للجزيرة مباشر “على الذين يطالبون الدولة بتحمل الأعباء أن يسألوا أنفسهم عن دورهم في مساعدة الدولة من أجل تيسير الأمور على المرأة”.

وأكدت أن “الدولة لا تستطيع أن تتحمل كل هذه الأعباء في ظل الزيادة السكانية الرهيبة، حوالي أكثر من مليوني مولود، وإنجاب كل أسرة 4 أطفال وأكثر، وعلى الراغبين في الزواج أن يتقبلوا الأمر لأنه في مصلحتهم ولحماية أطفالهم في حال وقوع الطلاق”.

كما رحبت المختصة في التخاطب، سامية محمد، بالتصديق على وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق، وقالت “المطلقات بحاجة إلى دعم أكبر حتى يستطعن مواجهة الظلم في المجتمع، والتهاون في حقوقهن حتى من قبل الجهات القضائية”.

وأعربت في حديثها، للجزيرة مباشر، عن استغرابها موقف “الذين ينكرون أي إجراء يسهل على المطلقة والحاضنة حياتها بعد الطلاق التي تتحول إلى مصاعب ومتاعب ولا ينصفها القضاء إلا ببضعة مئات من الجنيهات نظير الحضانة والمسكن فقط. هل هذا يعقل؟”.

معارضة الوثيقة دينيا

وصف عضو لجنة الإفتاء بالأزهر سابقا، الشيخ هاشم إسلام، وضع وثيقة (التأمين ضد مخاطر الطلاق) ضمن شروط عقد الزواج، بأنه “مخالف للشرع؛ لأن الشريعة حددت شروط وأركان الزواج وهذا إضافة وبدعة”.

وأضاف للجزيرة مباشر أن “الشريعة الإسلامية عالجت كل قضايا الزواج والطلاق، كما أن الأزهر هو المنوط به كل ما يتعلق بتلك القضايا وليس غيره، وما بني على باطل فهو باطل، وهذا الشرط يهدد الأسر المصرية”.

وانتقد ما سماه مساعي البعض لتحويل المجتمعات إلى مجتمعات نسوية و”علمنة” قوانين الأسرة من أجل حرية الوصول إلى المرأة وليس حرية المرأة، لافتا إلى أن “هذه الشروط غير شرعية وتفتح الباب أمام انفراط عقد الأسرة المصرية”.

التحول إلى زواج مدني

انتقد الخبير القانوني والمحامي بالنقض، السيد أبو الخير، محاولة ما سماه “تحويل الزواج إلى زواج مدني وليس زواجا شرعيا تتوافر فيه المعايير الشرعية، وهذا مخالف للقانون وللشرع والدستور”.

وأضاف في حديثه، للجزيرة مباشر، أن “قانون الأحوال الشخصية الذي ينظم الزواج والطلاق هو من اختصاص علماء الدين أي الأزهر، وينص دستور 2014 على أن الأزهر الشريف هو المنوط به المسائل التي تمس الشريعة الإسلامية وهو المرجع لها، ولم يؤخذ رأي الأزهر ولا هيئة كبار العلماء في هذه المسألة”.

وبيّن أبو الخير أن جعل الوثيقة الجديدة إجبارية لإتمام عقد الزواج، يخالف الدستور، ويخالف المادة 10 التي تحمي الأسرة والمجتمع، مشيرا إلى أن “قانون الأحوال الشخصية يحمي حقوق المرأة والأسرة. الذين يتحججون بطول الإجراءات، فإن بنك ناصر الاجتماعي كان يقوم بهذه المهمة لحين الفصل في القضايا”.

وأشار الخبير القانوني إلى بعد آخر لإقرار الوثيقة التي تشكل عبئًا على الشباب وتقيد الزواج، وهو محاولة إرضاء النساء، وأضاف “هذا لا يكون على حساب الشرع والمصلحة العامة، ينبغي تسريع إجراءات التقاضي”.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان