القدس.. زهرة المدائن ومدينة الرسالات
القدس أكبر مدينة في فلسطين، من حيث المساحة وعدد السكان، تقع في وسط فلسطين، وتبعد نحو 60 كيلومترا شرق البحر المتوسط، وحوالي 35 كيلومترا غرب البحر الميت، و250 كيلومترا شمال البحر الأحمر.
وقد بلغت مساحة محافظة القدس 345 كم مربع، تُشكل 6.1% من مساحة الضفة الغربية و5.7% من مساحة فلسطين. ويبلغ عدد تجمعاتها السكنية 50 تجمعًا.
اقرأ أيضا
list of 4 items“المقاومة الإسلامية في العراق” تهاجم “هدفا حيويا” في الجولان المحتل بطائرة مسيرة (فيديو)
حزب الله يشن هجومًا بسرب من المسيرات والرشقات الصاروخية على شمال إسرائيل
وزير خارجية جنوب إفريقيا للجزيرة مباشر: مستمرون في الدعوى ضد إسرائيل وسنقدم أدلة جديدة لـ “العدل الدولية” (فيديو)
التركيبة السكانية في القدس
بلغ عدد السكان المقدر في محافظة القدس حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (كتاب القدس السنوي 2023) نحو 485 ألفًا، منتصف عام 2022، ويشكل عدد السكان في المحافظة ما نسبته 9.0% من مجموع السكان في فلسطين و15.1% من مجموع السكان في الضفة الغربية.
ومنذ احتلال عام 1967، اتّبعت الحكومة الإسرائيلية بصورة منتظمة ثلاث سياسات ذات علاقة متبادلة تهدف إلى زيادة عدد اليهود الإسرائيليين في القدس الشرقية المحتلة وتخفيض عدد المسيحيين والمسلمين الفلسطينيين، وهي: (1) إقامة مستعمرات إسرائيلية في القدس الشرقية؛ (2) ممارسات عنصرية ضد المسيحيين والمسلمين الفلسطينيين المقيمين في القدس الشرقية؛ (3) وإغلاق القدس أمام السكّان الفلسطينيين من القدمين مناطق قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
تاريخ القدس وأهم الأسماء التاريخية لها
مرت مدينة القدس بعدة عصور اختلفت خلالها تسميتها، فقد وردت في سجلات الفراعنة تحت اسم “يبوس”، وهي “أورو سالم” عند الكنعانيين، و”أورشاليم” كما سماها العبرانيون، و”بروساليم” عند اليونانيين، و”هيروسلما” أو “سموليموس” أو “إيليا” عند الرومان، وهي “القرية” أو “بيت المقدس” أو “القدس” كما سماها العرب المسلمون.
وتذكر الوثائق أن أول من أقام بها هو بطن من بطون العرب الأوائل التي عاشت في فجر التاريخ في الجزيرة العربية، وكانوا يسمون “اليبوسيين”، وهي تسمية أطلقها عليهم الفراعنة، كما يظهر في آثارهم، وقد رحل هؤلاء اليبوسيون إلى مدينة القدس، حوالي 3000 سنة قبل الميلاد، واستوطنوا بها، وارتبطوا بترابها حتى إنهم كانوا بعد ذلك أصحابها الشرعيين، وصدوا عنها الغزاة أزمانًا طوالًا.
ولما تفرقت كلمتهم اشتد طمع العبرانيين فيهم، مما اضطرهم إلى التحالف مع المصريين، وطلبوا عون “تحتمس الأول” عام 1550 ق.م، فلبى رغبتهم وساعدهم على صد غارات القبائل العبرانية وأدت بهم هذه الاستعانة إلى نوع من الخضوع لسلسلة من فراعنة مصر، إلا أن هذا الخضوع لم يفقدهم كيانهم كشعب واحد متماسك يمارس حياة قومية خاصة، ويحتفظ بحقه في حكم نفسه، إذ كان المصريون يكتفون بتحصيل الضرائب من أهلها.
الأهمية الدينية للقدس في الإسلام
سجل القرآن الكريم مكانة القدس في الإسلام، فالله سبحانه تعالى أسرى بعبده محمد ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، حيث قال جل شأنه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
وقد سُمِّي مسجدها المسجد الأقصى لبعده من المسجد الحرام، وكان أبعد مسجد عن أهل مكة في الأرض يُعظَّم بالزيارة.
والمسجد الأقصى هو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال في الإسلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ قال: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى”.
وقد بُني المسجد الأقصى بعد المسجد الحرام بأربعين سنة كما جاء في الحديث الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولًا؟ قال: “المسجد الحرام”، قلت: ثم أي؟ قال: “المسجد الأقصى”، قلت: كم كان بينهما؟ قال: “أربعون سنة، وأينما أدركت الصلاة فصل فهو مسجد”.
وللمسجد الأقصى مكانته الجليلة في الإسلام فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى النبي محمد ﷺ، فقد روى الطبري في تاريخه عن قتادة قال: كانوا يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله ﷺ بمكة قبل الهجرة، وبعدما هاجر رسول الله ﷺ صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا.
وعن ميمونة مولاة رسول الله ﷺ قالت قلت: يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس؟ قال: “أرض المحشر والمنشر ائتوه فصلوا فيه فإن الصلاة فيه كألف صلاة في غيره”، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: “من أراد أن ينظر إلى بقعة من الجنة فلينظر إلى بيت المقدس”.
القدس والفتح الإسلامي
نظرًا إلى مكانة القدس لدى المسلمين، فقد اندفعوا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، في محاولة فتح فلسطين، وربط المسجد الأقصى بالمسجد الحرام، بعد أن ربط الإسلام بينهما في عقيدة المسلم ووعيه الديني.
وتم ذلك في أيام الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم جاءت الدولة الأموية وفي عهدها بنى عبد الملك بن مروان مسجد قبة الصخرة، وبنى ابنه الوليد المسجد الأقصى الذي اتخذ اسمه من القرآن الكريم، وفي عام 754م أعاد الخليفة العباسي المنصور بناء المسجد الأقصى بعد أن تأثر البناء السابق بزلزال.
ودخل الصليبيون مدينة القدس عام 1099م، وقتلوا المسلمين واليهود والمسيحيين الأرثوذكس، وبعد أقل من مئة عام، وتحديدًا في عام 1187م استرد صلاح الدين الأيوبي مدينة القدس بعد انتصاره في موقعة حطين.
وبعد طرد الصليبيين من فلسطين عادت القدس تتبع مصر في عهد الأيوبيين والمماليك، ثم أصبحت فلسطين تابعة للعثمانيين منذ عام 1516م، وظلت في أيديهم أربعة قرون، حتى هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى، ودخل الإنجليز القدس في 9 ديسمبر/كانون الأول 1917.
وبقيت فلسطين تحت الانتداب البريطاني ثلاثين عامًا، وبعد أن وعدوا اليهود بتسليمها لهم في وعد بلفور 1917، أخذوا يهيئون البلاد لاحتلال الصهاينة، حتى صدر قرار تقسيم فلسطين من الأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947.
مكانة القدس عن المسيحيين
للقدس مكانتها المقدسة عند المسيحيين، لأنها مهد عيسى عليه السلام، حيث ولد وعاش ومات، وهي أم الكنائس، إذ كانت بداية انطلاق المسيحية إلى العالم.
وبقيت القدس مقدسة، نظرًا إلى رمزيتها، بالنسبة إلى الحواريين والتلاميذ، فأول مجمع مقدس انعقد فيها، ولاهوتيًّا ودينيًّا فإن القدس مدينة الملك العظيم، فهي القدس السماوية، وليست الأرضية.
ولقد رأى بعض آباء الكنيسة، أن القدس هي المدخل إلى الإنجيل، ورأى المسيحيون أرض القيامة مباركة، فكان الحج إليها ممارسة دينية، بدأت مع الإمبراطور قسطنطين وأمه، الملكة هيلانة التي طهرت المدينة من آلهة الرومان، وبنَت الكنيسة عند جبل الزيتون، وفي بيت لحم.
القدس والروايات اليهودية
لما كان العبرانيون يبحثون لهم عن مستقر بدلًا من تيه الصحراء فقد استمروا في محاولتهم دخول مدينة يبوس حتى استطاعوا ذلك في عهد داود عليه السلام حوالي 1049 ق.م، وتؤكد التوراة غربة اليهود عن القدس.
ففي سفر القضاة (19 ، 11 ، 13) تأتي قصة رجل غريب وفد مع جماعة إلى مشارف يبوس، وبينما هم عند يبوس والنهار قد انحدر، قال الغلام لسيده: تعالَ نميل إلى مدينة اليبوسيين هذه ونبيت فيها، فقال سيده: لا نميل إلى مدينة غريبة حيث لا أحد من بني إسرائيل هنا.
وفي معظم الفترات التي كان لبني إسرائيل فيها كيان ونفوذ في يبوس، كان ملك إسرائيل آنذاك بمثابة والٍ على فلسطين تحت السيطرة المصرية.
إن داود وسليمان عليهما السلام لم يكونا مؤسسي مدينة القدس وإنما أتيا إليها بعد ألفي سنة من وجودها، وكانت عمارتهما لها بعد ذلك كما يقول المؤرخون بمثابة “تجديد البناء القديم”.
وبعد موت سليمان عليه السلام حوالي 975 ق.م، انقسمت المملكة اليهودية إلى شطرين: إسرائيل في الشمال وعاصمتها نابلس، ودامت نحو 250 عامًا وانتهت عام 71 ق.م، وقضى عليها ملك آشور ولم تقم لها قائمة بعد ذلك.
وأورشليم مملكة يهوذا في الجنوب، التي دمرها “بُخْتَ نَصَّرَ” عام 599 ق.م، وسبى جميع أهلها وأرسلهم إلى بابل وهو ما يعرف في التاريخ بالشتات البابلي الأول، وراح اليهود يعيشون بعد مملكتهم هذه طائفة دينية يرأسها كاهن.
حتى ظهر المكابيون وقاموا بثورتهم واستولوا على أورشليم عام 167ق.م، وظهر منهم الرؤساء والملوك، ثم خضعوا للحكم اليوناني مرة، والحكم الروماني مرة أخرى، وتم تدمير أراضيهم على أيدي الأباطرة بومبي، وتيطس، وأدريانوس، وتم القضاء على دولتهم، ولم تقم لهم دولة بعد ذلك، وهو ما يعرف في التاريخ بالشتات الروماني الثاني.
الربُّط والمعالم التاريخية في مدينة القدس
الرُّبط، مفردها رباط، وهو الإقامة في الثغور، وهي الأماكن التي يخاف على أهلها من الأعداء، والمرابط: هو المقيم فيها المعد للدفاع عنها، وقد أسست أول الرُّبط العسكرية في فلسطين، في القرن الثاني للهجرة، وأنشئ الكثير منها في القرن السابع الهجري كأبراج للمراقبة.
والرُّبط لم تكن كلها عسكرية بل كان من بين أهدافها، توفير أماكن لإقامة الزوار والحجاج، وكانت تغذي الوافدين إليها بالتعليم الديني، وفي العصر العثماني أصبح كثير منها ملاجئ للفقراء، يقدم لهم فيها الطعام، وتصرف المساعدات المختلفة.
ومن أشهر رُبط مدينة القدس، رباط ومسجد علاء الدين البصير، ويقع بالقرب من باب الناظر (المجلس)، وهو أقدم ربط القدس وينسب إلى الأمير علاء الدين أيدغدي، المعروف بـ”البصير”، الذي أنشاه سنة 666هـ/ 1268م.
الرباط المنصوري، ينسب إلى السلطان المملوكي المنصور قلاوون الصالحي، الذي وجه مملوكه الأمير علاء الدين أيدغدي (البصير) لإنشائه سنة 1282م، ووقفه على الفقراء وزوار القدس.
رباط الكرد، ينسب إلى منشئه وواقفة الأمير المقر السيفي كرد (صاحب الديار المصرية) سنة 1294م، الذي كان من مماليك السلطان قلاوون (1340-1309م).
رباط المارديني، يقع في الجانب الغربي من طريق باب حطة إلى الشمال من التربة الأوحدية، ومُؤسستا الرباط هما امرأتان من مدينة ماردين (من عتقاء الحاكم الأرتقي صالح بن غازي الذي حكم بين عامي 1321 و1363).
رباط الزمن، يقع في باب المطهرة، وينسب إلى منشِئِه الخواجا شمس الدين محمد بن عمر بن محمد بن الزمن الدمشقي، المعروف بابن الزمن، الذي وقفه في سنة 881هـ/1476م، وقد عرف أيضا بالمدرسة الزمنية.
رباط ومكتب بايرام جاويش، وينسب إلى واقفه ومنشئه الأمير بايرام جاويش بن مصطفى في سنة 1540م في عهد السلطان سليمان القانوني.
الرباط الحموي، ويقع عند باب القطانين، ولا يعرف مؤسسه، ولا تاريخ تأسيسه، وكان مؤلفًا من رباطين: أحدهما للرجال، والآخر للأرامل من النساء.
أحياء وحارات القدس
من أهم الأحياء والحارات في مدينة القدس: الحي الإسلامي، يقع في الجهة الشمالية الشرقية. ويعتبر أكبر أحياء القدس القديمة، وفيه الحرم القدسي الشريف.
حارة النصارى، وسميت حارة النصارى لأن أغلب سكانها من النصارى، وتقع شمال غرب البلدة القديمة، وعلى الرغم من تسميتها بحارة النصارى، فإن أصحاب الدكاكين فيها غالبيتهم من المسلمين، وتقع في الحارة كنيسة القيامة، ويقابلها مسجد عمر بن الخطاب.
حارة المغاربة، وتقع في جنوب شرق البلدة القديمة لمدينة القدس، بجوار حائط البراق، ومن أهم معالمها جامع البراق، وجامع المغاربة، وكذلك المدرسة الأفضلية، والزاوية الفخرية، ومقام الشيخ.
حارة الشرف، وهي منطقة سكنية قديمة في القدس، ملاصقة لحارة المغاربة، كانت تملكها عائلة عربية تدعى عائلة شرف، وفي أثناء الانتداب البريطاني، استأجر اليهود معظم الحارة وتملكوا حوالي 4% منها. وقد هدمت هذه الحارة خلال حرب 1948 بين العرب واليهود، وخرج منها جميع السكان اليهود.
حي الأرمن، ويقع جنوب غرب البلدة القديمة، وهو أصغر أحياء المدينة المقدسة. وتعد كاتدرائية الأرمن من أهم أبنيته، وهي ما يعرف بقلعة أو برج الملك داود، المشهورة بمآذنها وأبراجها الجميلة.
القلاع والأبراج التاريخية في مدينة القدس
من أشهر قلاع وأبراج مدينة القدس القديمة، قلعة القدس، وتقع على مرتفع صخري في الجهة الغربية من المدينة، على يمين الداخل إليها من باب الخليل، وتتموضع فوق أعلى مرتفع في مدينة القدس يمكّن من الإشراف على المدينة والقضاء المحيط بها من أكثر وأخطر الجهات انفتاحًا عليها.
وقد أنشأ فيها السلطان المملوكي الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة 1310م مسجدًا للصلاة من أجمل المساجد في القدس خارج الحرم الشريف.
برج اللقلق، ويقع في الزاوية الشمالية الشرقية لسور القدس مقابل المتحف الفلسطيني، ويرجع إلى التحصينات التي شيدها الأيوبيون في سور مدينة القدس بعد تحرير صلاح الدين الأيوبي للمدينة، وأعيد بناؤه ضمن مشروع السلطان العثماني سليمان القانوني لتجديد سور القدس سنة 1540م.
برج كبريت، ويرجع إلى التحصينات التي شيدها الأيوبيون في سور مدينة القدس، وأعيد بناؤه في سنة 1540م.
أبواب القدس التاريخية
بُني سور القدس في العهد الكنعاني، لكن الجيوش الغازية دمّرته عدة مرات، حتى جاء السلطان سليمان القانوني العثماني، وأمر بإعادة بناء السور الموجود حاليا، ويبلغ محيط السور ميلين ونصف ميل، وله أربعة وثلاثون برجًا، وسبعة أبواب مفتوحة وأربعة أبواب مغلقة.
الأبواب المفتوحة هي: باب العمود، باب الساهرة، باب الأسباط، باب المغاربة، باب النبي داود، باب الخليل، وباب الحديد.
أما الأبواب المغلقة فهي، باب الرحمة، الباب الواحد، الباب المثلث، والباب المزدوج.
القدس في مخططات الصهاينة
بعد صدور قرار الجمعية العمومية بتقسيم فلسطين عام 1947، كانت القدس وضواحيها (بما فيها مدينة بيت لحم إلى الجنوب) ستخضع لإدارة دولية بوصفها كيانًا مستقلًّا، إلاّ أن إسرائيل بعد حرب عام 1948، اجتاحت هذا الكيان المستقل واحتلت 85 بالمئة من أراضيه.
وفي يونيو/حزيران 1967، احتلت إسرائيل ما بقي من القدس بما فيها بلدة القدس القديمة، ثم قامت بتوسيع الحدود البلدية للمدينة، فازدادت بذلك مساحتها عشرات الأضعاف، ورسمت إسرائيل الحدود الجديدة للمدينة لتضم الأراضي غير المأهولة وغير المطورة.
وفي عام 1970 صادرت إسرائيل الأراضي غير المأهولة لبناء مستوطنات إسرائيلية، وبعد توسيع حدود مدينة القدس، شرعت إسرائيل في تنفيذ قوانينها وفرض إدارتها وهيمنتها داخل المناطق المصادرة بدعوى إتباعها بلدية القدس (وهي مناطق تبلغ مساحتها حوالي 72 كيلومترًا مربعًا تشكل 1,3 بالمئة من مساحة الضفة الغربية).
وذلك في محاولة منها لضم القدس الشرقية ومناطق من الضفة الغربية، وإيجاد واقع جغرافي جديد في المنطقة.
الوضع القانوني والسياسي للمدينة
يرفض القانون الدولي، كما ورد نصّه في ميثاق الأمم المتحدة (المادة 2، الفقرة 4)، الاستيلاء على الأراضي بالقوة، وبناءً عليه فإن ضم إسرائيل للقدس الشرقية غير قانوني في القانون الدولي.
وتصنّف الأمم المتحدة القدس الشرقية أراضي محتلة (تخضع لبنود معاهدة جنيف الرابعة)؛ وبناءً عليه ترفض ادعاءات إسرائيل السيادة على القدس الشرقية، وردًّا على احتلال إسرائيل لأرض أجنبية، يدعو قرار مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967 إلى “انسحاب القوات العسكرية الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت في النزاع الأخير”.
وردًّا على توسيع إسرائيل لحدود القدس، نص قرار مجلس الأمن رقم 252 لعام 1968 على أن مجلس الأمن “يعتبر أن كل الأعمال التي تقوم بها إسرائيل… والتي تميل إلى تغيير الوضع القانوني للقدس باطلة، ولا يمكن أن تُغيّر ذلك الوضع”.
وردًّا على محاولة إسرائيل ضم القدس الشرقية المحتلة، نص قرار مجلس الأمن رقم 476 لعام 1980 على أن مجلس الأمن “يعيد التأكيد على أن كل الأعمال التي تقوم بها إسرائيل، القوة المحتلة، التي يُقال إنها تُغيّر صفة ووضع القدس ليست لها شرعية قانونية وتُشكّل انتهاكًا صارخًا لمعاهدة جنيف ذات الصلة بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، وتمثّل أيضا إعاقة خطيرة أمام تحقيق سلام شامل، عادل ودائم في الشرق الأوسط”.
القدس في عيون الشعراء
قال فيها الأخوان ابنا رحباني
لأجلك يا مدينة الصلاة أصلّي لأجلك
يا بهيّة المساكن يا زهرة المدائن
يا قدس يا مدينة الصلاة أصلّي
عيوننا إليك ترحل كل يوم
تدور في أروقة المعابد تعانق الكنائس القديمة
وتمسح الحزن عن المساجد
يا ليلة الإسراء يا درب من مرّوا إلى السماء
عيوننا إليك ترحل كلّ يوم وإنّني أصلّي
وقال فيها نزار قباني
يا قدسُ، يا منارةَ الشرائع
يا طفلةً جميلةً محروقةَ الأصابع حزينةٌ عيناكِ
يا مدينةَ البتول يا واحةً ظليلةً مرَّ بها الرسول
حزينةٌ حجارةُ الشوارع
حزينةٌ مآذنُ الجوامع
يا قُدس، يا جميلةً تلتفُّ بالسواد
من يقرعُ الأجراسَ في كنيسةِ القيامة؟ صبيحةَ الآحاد
من يحملُ الألعابَ للأولاد؟ في ليلةِ الميلاد
يا قدسُ، يا مدينةَ الأحزان
يا دمعةً كبيرةً تجولُ في الأجفان
من يوقفُ العدوان؟
يا لؤلؤةَ الأديان من يغسل الدماءَ عن حجارةِ الجدران؟
من ينقذُ الإنجيل؟ من ينقذُ القرآن؟
من ينقذُ المسيحَ ممن قتلوا المسيح؟
من ينقذُ الإنسان؟
يا قدسُ.. يا مدينتي
يا قدس يا حبيبتي