المجمع الانتخابي.. من هنا يختار الأمريكيون رئيسهم
حين يتوجه الأمريكيون إلى مراكز الاقتراع في الانتخابات الرئاسية، في الثلاثاء الأول من شهر نوفمبر/كانون الثاني كل 4 سنوات، يقومون بالتصويت لمجموعة من المندوبين يشكلون المجمع الانتخابي، ويُمثل كل عضو من أعضاء المجمع الانتخابي صوتًا انتخابيًا واحدًا، ويحتاج المرشح إلى الفوز بـ271 صوتًا على الأقل بين أصوات المجمع الانتخابي كي يفوز بالانتخابات.
معنى المجمع الانتخابي
يعرّف موقع الأرشيف الوطني الأمريكي، المجمع الانتخابي (Electoral College)، أنه عملية تشمل أولًا اختيار المندوبين، أي أعضاء المجمع، ثم اجتماعهم للتصويت لاختيار الرئيس ونائب الرئيس، وأخيرًا فرز أصوات المندوبين في “الكونغرس”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsاستطلاع رأي يكشف لمن سيصوت مسلمو أمريكا في الانتخابات المقبلة
رجال حول ترامب.. تعرف إلى أبرز 11 مستشارا خلف المرشح الجمهوري
الجزيرة مباشر تحاور رواء رمان أول عربية مسلمة في برلمان ولاية جورجيا (فيديو)
وقد شرّعه الآباء المؤسسون في الدستور ليكون حلًا وسطًا بين انتخاب الرئيس عن طريق تصويت المندوبين، وانتخاب الرئيس من خلال تصويت المواطنين في التصويت الشعبي.
جذور فكرة المجمع الانتخابي
حين وُضع الدستور الأمريكي عام 1787، كان من الصعب إجراء تصويت شعبي لانتخاب الرئيس، بسبب اتساع مساحة البلاد وصعوبة الاتصال، ولم يكن هناك استعداد لترك اختيار الرئيس الجديد في يد المشرعين المقيمين في العاصمة واشنطن.
لذا خرج واضعو الدستور الفيدرالي بفكرة المجمع الانتخابي، حيث تقوم كل ولاية باختيار أعضائها الذين ينتخبون الرئيس، وقوبل النظام بترحيب الولايات الأصغر، إذ يمنحها تأثيرًا أكبر في تحديد الرئيس، مقارنة بالتصويت الشعبي.
كما لاقى المجمع الانتخابي تفضيلًا لدى الولايات الجنوبية، حيث كان “العبيد” يشكلون نسبة كبيرة من السكان، ورغم أن “العبيد” لم يحق لهم التصويت، فقد كان يتم إحصاء عددهم في التعداد السكاني الأمريكي (بما يعادل ثلاثة أخماس شخص).
ونظرًا لأن عدد أصوات المجمع الانتخابي تتحدد بناء على تعداد سكان الولاية، فإن الولايات الجنوبية كان لها تأثير في انتخاب الرئيس من خلال هذا النظام، أكثر مما كانت لتحققه عبر التصويت الشعبي.
كم عدد أعضاء المجمع الانتخابي؟
يتكون المجمع الانتخابي من 538 مندوبًا، وهو ما يتناسب مع عدد نواب كل ولاية في “الكونغرس” بمجلسيه 538 عضوًا، بينهم 438 عضوًا في مجلس النواب، و100 عضو بالتساوي بين الولايات الخمسين.
ويتم تحديد عدد نواب كل ولاية في مجلس النواب بناء على عدد سكانها، وبعد تعداد سكان 2020، خسرت 7 ولايات مقعدًا في مجلس النواب نتيجة التغير في أعداد السكان، وهي: كاليفورنيا، إلينوي، ميشيغان، نيويورك، أوهايو، بنسلفانيا، فرجينيا الشرقية.
وفي المقابل ذهبت هذه المقاعد إلى كل من: كولورادو، فلوريدا، مونتانا، كارولينا الشمالية، أوريغون، وحصلت كل منها على مقعد إضافي، بينما حصلت تكساس على مقعدين إضافيين.
وأصبح ترتيب أكبر عشر ولايات من حيث عدد السكان، ومن حيث عدد الأعضاء في مجلس النواب هو: كاليفورنيا (52) مقعداً، تكساس (40) نيويورك (28)، فلوريدا (30)، إيلينوي (29)، بنسلفانيا (20)، أوهايو (20) ميشيغان (18) جورجيا (16) كارولينا الشمالية (16).
وتَمنح الولاية جميع أصوات مجمعها الانتخابي، لمن يحصل على أغلبية أصوات الناخبين العاديين في الولاية، مثلًا إذ فاز ترامب في انتخابات نوفمبر 2024 بنسبة 50% + 1 من الأصوات في ولاية تكساس، فإنه يحصل على جميع أصوات المجمع الانتخابي للولاية وعددها 40 صوتًا.
ويُستثنى من هذه القاعدة ولايتان فقط هما ولاية “مين” وولاية “نبراسكا”، حيث تقومان بتقسيم أصوات المجمع الانتخابي، بحسب نسبة الأصوات التي يحصل عليها كل مرشح، فإذا فاز ترامب في ولاية “مين” بـ50% من الأصوات تكون له 50% من المقاعد، وهكذا الحال في “نبراسكا”.
من يختار أعضاء المجمع الانتخابي؟
تختلف طريقة اختيار المندوبين، وفقًا لقوانين كل ولاية، لكن السائد أنه يتم اختيارهم عبر مرحلتين، في الأولى، تُقدم الأحزاب السياسية، في كل ولاية، قوائم المندبين المحتملين قبل الانتخابات العامة، ليصوت عليهم المواطنون، في المرحلة الثانية، من خلال التصويت في الانتخابات العامة، أي أن التصويت للمرشح الرئاسي المفضل في ولاية ما، يتضمن التصويت لصالح مندوبي حزبه في تلك الولاية.
والمندوبون هم في الغالب أشخاص تربطهم علاقات بالأحزاب في الولاية، ويتم اختيارهم وفقًا لمساهماتهم في دعم الحزب، والمرحلة الأولى من عملية اختيار المندوبين تتم تحت إشراف الأحزاب في كل ولاية، وبشكل عام، تُقدم الأحزاب لوائح بأسماء المندوبين المحتملين في مؤتمرات الحزب في الولايات، أو تختارهم عن طريق تصويت اللجنة المركزية للحزب.
كيف يعمل المجمع الانتخابي؟
(1) بعد الانتخابات العامة، تقوم السلطة التنفيذية في كل ولاية بإعداد وثيقة تحقق، تتضمن أسماء جميع الأشخاص المرشحين للمجمع الانتخابي في لوائح كل مرشح رئاسي، كما تتضمن التحقق أيضًا من عدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح للمجمع الانتخابي، وتبيّن هوية الذي تم تعيينهم مندوبين عن الولاية.
(2) يجتمع أعضاء المجمع الانتخابي، في أول يوم ثلاثاء بعد الأربعاء الثاني من شهر ديسمبر/كانون الأول بعد الانتخابات العامة في ولاياتهم، حيث يدلون بأصواتهم لانتخاب الرئيس ونائب الرئيس في اقتراعين منفصلين.
(3) يتم تدوين أصوات المندوبين في كل ولاية في شهادة التصويت، ويُرسل المندوبون في كل ولاية شهادة التصويت إلى “الكونغرس”.
ثم يتم عد أصوات مندوبي كل ولاية في جلسة مشتركة “للكونغرس” في السادس من يناير/كانون الأول من العام التالي، للتصويت على الرئيس ونائبه.
(4) يجتمع أعضاء مجلسي النواب والشيوخ في غرفة مجلس النواب لإجراء العد الرسمي لأصوات المندوبين، ويرأس نائب رئيس الولايات المتحدة، بصفته رئيس مجلس الشيوخ، عملية الفرز ويعلن نتائج التصويت، ثم يعلن رئيس مجلس الشيوخ اسمي الرئيس المنتخب ونائب الرئيس المنتخب.
(5) يؤدي الرئيس المنتخب اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة في 20 يناير من العام التالي للانتخابات العامة.
هل يمكن للفائز بالتصويت الشعبي ألا يفوز في المجمع الانتخابي؟
نعم، من الممكن أن يحصل أحد المرشحين على العدد الأكبر من أصوات الناخبين على مستوى البلاد، دون الحصول على العدد الكافي من أصوات المجمع الانتخابي لتأمين الأغلبية اللازمة، وعددها 271 صوتًا على الأقل، وفي الانتخابات الست الأخيرة منذ عام 2000 فاز مرشحان بالرئاسة رغم حصولهما على عدد من أصوات الناخبين في التصويت الشعبي أقل مما حصل عليه منافساهما.
ففي عام 2000 فاز جورج دبليو بوش بـ271 صوتًا داخل المجمع الانتخابي، رغم تقدم المرشح الديمقراطي آل جور في التصويت الشعبي بأكثر من نصف مليون صوت.
وفي عام 2016، حصل دونالد ترامب (مرشح الحزب الجمهوري) في التصويت الشعبي على عدد أقل بثلاثة ملايين صوت مما حصلت عليه هيلاري كلينتون (مرشحة الحزب الديمقراطي)، لكنه فاز بالرئاسة لأنه حصل على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي.
هل يستطيع أعضاء المجمع الانتخابي التصويت لأحد المرشحين خلافًا لتصويت سكان الولاية؟
نعم، ففي بعض الولايات قد يصوّت أعضاء المجمع الانتخابي للمرشح الذي يفضلونه بغض النظر عما حصل عليه من أصوات الناخبين، لكن أغلب التجارب في الواقع العملي، تقول إنهم دائمًا يصوتون لصالح المرشح الفائز بأغلبية الأصوات في الولاية.
وإذا صوّت عضو في المجمع الانتخابي على غير اختيار الولاية، يتهمه الكثيرون بالخيانة، وفي عام 2016 صوت 7 أعضاء على هذا النحو، لكن ذلك لم يحدث تغييرًا في النتيجة، إذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية، التي تجعل أصوات هؤلاء مؤثرة.