محمد حمدان حميدتي.. قائد قوات الدعم السريع

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) مع قواته (مواقع التواصل)

ولد الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” عام 1975، وهو ينحدر من قبيلة الرزيقات ذات الأصول العربية التي تقطن في إقليم دارفور غربي السودان، وعمل في العشرينيات من عمره في تجارة الإبل بين ليبيا ومالي وتشاد، إضافة إلى حماية القوافل التجارية في مناطق سيطرة قبيلته.

من هو محمد حمدان دقلو؟

ذاع صيته وجنى ثروة كبيرة في التسعينيات من القرن العشرين، وسيطر على عدد من مناجم الذهب في إقليم دارفور، الأمر الذي دفع الرئيس السابق عمر البشير إلى تقريبه منه، وخصوصًا أنه كان يقود “مليشيا” كبيرة، ويعمل على حماية القوافل التجارية.

وخلال الحرب في دارفور بين عامي 2003 و2005، كان قائد “الجنجويد” الأكثر شهرة هو موسى هلال، زعيم عشيرة المحاميد، وبرز حميدتي الذي كان يعمل إلى جانب هلال، لكنه تمكن من توسيع “المليشيا” التي يقودها من الماهرية وضم إليها قبائل أخرى، لينافس زعيمه السابق موسى هلال، ويستعين به البشير بعد خلافه مع هلال.

أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بيانات عدة ندّدت فيها بما يقوم به حميدتي، وأكدت أن قوات الدعم السريع بقيادته متهمة بارتكاب عدد من الانتهاكات فضلًا عن سمعتها السيئة في دارفور وفي مناطق أخرى.

كما طالبت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين المحكمة الجنائية الدولية بإدراج محمد حمدان دقلو ضمن قوائم المطلوبين لدى المحكمة، وتقديمه للعدالة.

الصراع بين حميدتي وموسى هلال

حميدتي وموسى هلال
حميدتي وموسى هلال (الصحافة السودانية)

اشتد التنافس بين حميدتي وهلال عندما اكتُشف الذهب في جبل عامر في ولاية شمال دارفور عام 2012، حيث استولت “مليشيا” هلال بالقوة على المنطقة، وقتلوا أكثر من 800 شخص من قبيلة بني حسين، وأصبحوا أثرياء عن طريق استخراج الذهب وبيعه.

وأضفى البشير الشرعية على “مليشيا” حميدتي بتسميتها “قوات الدعم السريع” وفق مرسوم رئاسي أصدره عام 2013، وكان قوامها الأساس مكونًا من 5000 عنصر، كانوا مسلحين ونشطين قبل ذلك بوقت طويل، وأصبحت قوات الدعم السريع مسؤولة أمام البشير نفسه، وأعطى البشير لحميدتي لقب “حمايتي”، أي “الذي يحميني”.

وفي عام 2017، بلغت مبيعات الذهب 40% من صادرات السودان، وكان حميدتي يمتلك بعض المناجم، وأنشأ شركة تجارية تعرف باسم الجُنيد، وعندما تحدى هلال الرئيس البشير مرة أخرى، ومنع الحكومة من الوصول إلى مناجم جبل عامر، قامت قوات حميدتي بشن هجوم مضاد.

وتم اعتقال هلال في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، واستولت قوات الدعم السريع على مناجم الذهب، وأصبح حميدتي أكبر تجار الذهب في البلاد، وأكبر قوة حرس حدود وخاصة بين السودان وليبيا ومصر وتشاد، وظل هلال قابعًا في السجن.

دور حميدتي في الإطاحة بالبشير

وصل عدد “قوات الدعم السريع” التي يقودها حميدتي إلى أكثر 40 ألف شخص، قبل الانقلاب الذي أطاح بالبشير عام 2019، وقد شارك بشكل أساس في اللجنة الأمنية التي أطاحت البشير، وكان له دور فاعل في إذاعة بيان الإطاحة.

وفي 13 إبريل/نيسان عام 2019، رُقي حميدتي إلى رتبة فريق أول في الجيش السوداني، وتم تعيينه نائبًا لرئيس المجلس العسكري الانتقالي الذي ترأسه الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان.

واتُّهمت قوات الدعم السريع بالاشتراك في “مجزرة القيادة العامة” عندما قامت قوات مسلحة قيل إنها تابعة للمجلس العسكري وقوات الدعم بفض اعتصام سلمي في 3 يونيو/حزيران عام 2019، مما أسفر عن مقتل أكثر من 120 شخصًا، وألقي العديد من القتلى حينها في نهر النيل.

وفي 20 أغسطس/آب 2019، تم تشكيل المجلس السيادي لقيادة المرحلة الانتقالية، الذي تكون من 11 عضوًا (6 مدنيين و5 عسكريين)، وأصبح حميدتي النائب الأول لرئيس المجلس الذي ترأسه البرهان.

حميدتي والاتحاد الأوروبي

شاركت قوات الدعم السريع في عدد من النزاعات الإقليمية، ومن أبرزها دورها في القتال ضمن قوات التحالف بقيادة السعودية في جنوب اليمن وعلى طول سهل تهامة، كما وفّر حميدتي وحدات للمساعدة على حراسة الحدود السعودية مع اليمن.

تحولت قوات حميدتي إلى حليف للاتحاد الأوروبي في محاربة الهجرة غير الشرعية من إريتريا وإثيوبيا، الأمر الذي نفاه الاتحاد الأوروبي، لكن حميدتي هدّد الاتحاد بوقف التعاون إذا لم يعترف علنًا بتعاونه مع قواته، وكشفت تقارير عدة عن دور قوات حميدتي في وقف مهاجرين بصحراء السودان، وهو ما اعتبرته مؤسسات حقوقية، تعزيز شرعية لقوات متهمة بتنفيذ مذابح في دارفور.

حميدتي ودعم البرهان

كان حميدتي من الشخصيات التي رشحت الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان.

وعقب إطاحة البشير، أدّى البرهان اليمين زعيمًا مؤقتًا للسودان، وفي أغسطس/آب عام 2019، تمّ تكليفه برئاسة مجلس السيادة الحاكم، المكوّن من شخصيات عسكرية ومدنية، ليقود عملية الانتقال إلى الديمقراطية.

لذلك ذهب البعض إلى أن البرهان تولّى أعلى منصب في السودان عام 2019 بدعم من قوات الدعم السريع.

حتى موعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في أكتوبر/تشرين الأول 2021، كانت العلاقة بينه وبين نائبه حميدتي طيبة، وكان حميدتي يتمتع بسلطة واسعة، خاصة في اختيار أفراد الحكم في الولايات.

وكان الطرفان حليفين ضد القوى المدنية بعد عزل البشير، وأصبح البرهان رئيسًا لمجلس السيادة وقائدًا للجيش، وأصبح حمدان نائبًا لرئيس مجلس السيادة.

حميدتي والتمرد على البرهان

لكن بعد تعيين حميدتي نائبًا للبرهان في المجلس العسكري، ثم عضوًا في مجلس السيادة الانتقالي الذي يترأسه البرهان، كانت تقارير إعلامية تظهر بين الحين والآخر تتحدث عن وجود خلافات بين الرجلين.

وفي مايو/أيار 2021 اشتعلت الخلافات بين الطرفين، حتى كادت تصل إلى المواجهة المسلحة، لكن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأعضاء مدنيين من مجلس السيادة تدخلوا للمصالحة بينهما، حتى اتفقا على إنهاء الشراكة مع قوى إعلان الحرية والتغيير في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

من الذي أشعل الحرب في السودان؟

لكن لم يتوقف التصعيد، واتهم حميدتي البرهان بأن لديه “أجندة” لإعادة نظام البشير إلى السلطة، وخرج معلنًا العجز عن تشكيل حكومة تنفيذية، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتدهور الأوضاع الأمنية، ثم تحدث عن أياد للاستخبارات العسكرية تُحرِّك قلاقل في جمهورية إفريقيا الوسطى، وانتقد أداء الأجهزة الأمنية الموالية للبرهان.

ومنتصف العام الماضي، انفجر المشهد وانقلب حميدتي على البرهان، وتمرد على الجيش في 15 إبريل/نيسان 2023، ودخلت البلاد في مواجهات دامية، سقط فيها آلاف القتلى والمصابين، ونزح أكثر من 25% من سكان السودان من أراضيهم.

المصدر : مواقع إلكترونية + مواقع التواصل + وسائل إعلام سودانية

إعلان