المسجد الأقصى.. أولى القبلتين وثالث الحرمين

فلسطينيون يؤدون صلاة التراويح في باحات المسجد الأقصى
فلسطينيون يؤدون صلاة التراويح في باحات المسجد الأقصى (غيتي)

المسجد الأقصى مسرى رسول الله ﷺ، ومنطلق معراجه إلى السماوات العلا، ومنها إلى سدرة المنتهى، وقد شرّفه الله في كتابه فقال سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1].

 تسمية المسجد الأقصى

الأقصى تعني لُغويًّا بعد المكان، وتسمية المسجد الأقصى تعني المسجد الأبعد عن مكة المكرمة زمن تنزل الوحي على الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، كما تعني كلمة الأقصى كذلك بُعد المكانة، وبهذا يكون المسجد الأقصى هو المسجد صاحب المكانة المقدسة، وهذا أقرب عقديًّا من التفسير الذي يقصره على بعد المكان.

وأشار بعض العلماء إلى أنَّ المراد بأنه أقصى أنه أبعد البقاع المباركة عن بعضها، ولا شك أن ذكر المسجد الأقصى جاء قبل الهجرة أي قبل بناء المسجد النبوي، فهو إشارة وبيان إلى أنه سيكون هناك مسجد ذو خصوصية أقرب إلى المسجد الحرام من المسجد الأقصى، فهو أبعد المساجد الثلاثة.

وقد ذكر الزَّرْكشيُّ 17 اسمًا تُطلق على المسجد الأقصى، من أشهرها: المسجد الأقصى، بيت الـمَقْدِس (بفتح الميم وإسكان القاف)، البيت الـمُقدَّس (بضم الميم وفتح القاف والدال المشددة)، مسجد إيلياء.

فضل الصلاة في المسجد الأقصى

الأقصى مرابطون
آلاف المصلين يؤدون صلاة العشاء والتراويح في باحات المسجد الأقصى بالقدس المحتلة (الأناضول)

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى”.

الصلاة فيه تعدل أجر 500 صلاة في غيره من المساجد، لقول رسول الله ﷺ: “صلاة في المسجد الحرام بمئة ألف صلاة، وصلاة في مسجدي ألف صلاة، وصلاة في بيت المقدس خمسمئة صلاة”.

من بنى المسجد الأقصى؟

بُني المسجد الأقصى بعد بناء المسجد الحرام بـ40 سنة، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: “قُلتُ يا رَسولَ اللهِ: أيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ أوَّلَ؟ قالَ: المَسْجِدُ الحَرَامُ قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: المَسْجِدُ الأقْصَى قُلتُ: كَمْ بيْنَهُمَا؟ قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً، وأَيْنَما أدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَهو مَسْجِدٌ” [صحيح مسلم – 520].

واختلف المؤرخون فيمن بنى المسجد الأقصى بشكل دقيق أول مرة، فمنهم من قال إن النبي آدم أبو البشر هو من بناه، والبعض يقول إنه سام بن نوح، وآخرون ذهبوا إلى أن النبي إبراهيم هو من عمد إلى بناء المسجد الأقصى.

وبعد الفتح الإسلامي للقدس، قام سيدنا عمر بن الخطاب بتنظيف موقع قبة الصخرة، وبناء مسجد جنوب المسجد الأقصى، يتبع اليوم المصلى القبلي.

وفي عهد الخلافة الأموية قام الخليفة عبد الملك بن مروان ببناء قبة الصخرة على ما هي عليه اليوم، وبناء المصلى القبلي، ثم أتمّ بناءه الخليفة الوليد بن عبد الملك.

أما قبة الصخرة فبقيت على ما هي عليه اليوم، وأما المسجد القبلي فقد تعرض لعدة زلازل أدت إلى تدمير أجزاء منه، وأعيد ترميمها.

هل المسجد الأقصى هو نفسه بيت المقدس؟

بيت المَقدِس: وهو الاسم المتعارف عليه، للمنطقة التي يقع فيها المسجد الأقصى، قبل أن يُطلق عليه اسم “المسجد الأقصى” في القرآن الكريم، وهو الاسم الذي تم استخدامه في معظم أحاديث السيرة النبوية الشريفة، فقد ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال “لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ في الحِجْرِ، فَجَلا اللَّهُ لي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عن آياتِهِ وأنا أنْظُرُ إلَيْهِ” [صحيح البخاري].

أهم معالم المسجد الأقصى

من أشهر وأهم معالم المسجد الأقصى، حائط البراق، وهو الحائط الغربي للمسجد الأقصى المبارك، والجدار الذي ربط به رسول الله ﷺ دابة البراق في حادثة الإسراء والمعراج، حيث قال عليه الصلاة والسلام: “أُتِيتُ بالبُراقِ، وهو دابَّةٌ أبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الحِمارِ، ودُونَ البَغْلِ، يَضَعُ حافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، قالَ: فَرَكِبْتُهُ حتَّى أتَيْتُ بَيْتَ المَقْدِسِ” [صحيح مسلم].

أما قبة الصخرة، فهي قبة ذهبية لامعة تتوسط ساحة المسجد الأقصى وتشكل قلبه النابض، وتعد قبة الصخرة من أشهر المعالم الإسلامية في العالم، ولها مكانة خاصة في قلب كل مسلم، فمن فوق الصخرة عرج رسول الله ﷺ في رحلة تلاقي الأرض والسماء، حينما اجتمع أفضل الخلق محمد ﷺ، بملك الملوك، ومالك الأرض والسماء الله سبحانه وتعالى.

ومسجد قبة الصخرة هو جزء من المسجد الأقصى المبارك، وليس هو المسجد الأقصى كما يروّج له بعض الإعلام، بهدف تضليل الرأي العام العالمي لخدمة المخططات الصهيونية.

قباب المسجد الأقصى

يحتوي المسجد الأقصى المبارك على 15 قبة تتوزع في محيط المسجد المبارك، بني أغلبها في الفترة الأموية والأيوبية، ومن هذه القباب: قبة السلسلة، قبة الصخرة، قبة المعراج، قبة الأرواح، قبة مهد عيسى، قبة الخضر، قبة الشيخ الخليلي، قبة النبي، قبة يوسف آغا، قبة عشاق النبي، قبة سليمان، قبة موسى، القبة النحوية، قبة يوسف، قبة الميزان.

أبواب المسجد الأقصى

للمسجد الأقصى عدة أبواب، أربعة أبواب منها مغلقة، أما الأبواب المفتوحة فهي: باب الأسباط، باب حطة، باب الملك فيصل، باب الغوانمة، باب الناظر، باب الحديد، باب القطانين، باب المطهرة، باب السلسلة، باب المغاربة.

أما الأبواب المغلقة، فهي: باب الرحمة، الباب الواحد، الباب المثلث، الباب المزدوج.

مصليات المسجد الأقصى

من أهم مصليات المسجد الأقصى: مصلى قبة الصخرة، ومصلى الجامع القبلي، مصلى الأقصى القديم، المصلى المرواني، مصلى المغاربة، مصلى البراق، مصلى الجنائز

سُبل المسجد الأقصى المبارك

يضم المسجد الأقصى عدة سبل، هي: سبيل قايتباي، سبيل شعلان، سبيل منبر برهان الدين، سبيل الزيتونة، سبيل الكأس، سبيل سليمان، بركة النارنج، صهريج الملك عيسى، سبيل البصيري، سبيل مصطفى آغا، سبيل الرحمة، سبيل باب الحطة، سبيل المدرسة الغادرية، سبيل مئذنة باب الأسباط، سبيل قاسم باشا، سبيل باب المغاربة.

وصف المسجد الأقصى بين الماضي والحاضر

في عهد الأمويين، كان الجامع الأقصى يتكوَّن من 15 رواقًا، رواق أوسط كبير يتَّفق مع المحراب، وسبعة أروقة عن يمينه باتجاه الغرب تصل إلى جدار المسجد الغربي، وسبعة أروقة عن يساره، لا تصل إلى الجدار الشّرقي للمسجد، ويبقى بينه وبين الجدار ساحة فارغة بمقدار رواقين، وله ستّة وعشرون بابًا.

وقد أصيب المُصلّى القِبْلي في تاريخه بعدّة زلازل أدّت إلى تدمير سقفه كله، وذهبت بعدد من أروقته، كما أحرقه الاحتلال الإسرائيلي عام 1969، وشهد العديد من الانتهاكات ومخططات التدمير، حتى وصل إلى شكله الحالي.

ويتكون المسجد الأقصى حاليًّا من سبعة أروقة، رواق أوسط كبير يتَّفق مع المحراب، وثلاثة أروقة عن يمينه باتجاه الغرب، وثلاثة أروقة عن يساره باتجاه الشَّرق، وخلال العصور الثلاثة الأيوبي والمملوكي والعثماني توالى على إمامته علماء المذهب الشّافعي، فعُرف محاربه بمحراب الشّافعيّة، ويلتحق بالجامع الأقصى من جهة الشّرق ثلاثة معالم مُصلّى عمر، ومقام الأربعين، ومحراب زكريا.

أسئلة شائعة:

أين المسجد الأقصى الحقيقي؟

يقع المسجد الأقصى في مدينة القدس بفلسطين، وهو معروف في القرآن الكريم بأنه المكان الذي أُسرى بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم إليه من المسجد الحرام في مكة المكرمة (الإسراء – الآية 1).

يشمل المسجد الأقصى المساحة التي تحتوي على عدة معالم بارزة مثل المصلى القبلي، وقبة الصخرة، والمسجد المرواني، والمسجد القديم، بالإضافة إلى العديد من الأروقة والقباب والمآذن.

من هو الذي قام ببناء المسجد الأقصى؟

لا يعرف بشكل دقيق من الذي بنى المسجد الأقصى أول مرة، حيث اختلف المؤرخون فيما بينهم. بعض الروايات تُرجح أن النبي آدم عليه السلام هو من بناه بعد بناء المسجد الحرام بأمر من الله تعالى، بينما تشير روايات أخرى إلى أنه قد يكون سام بن نوح أو النبي إبراهيم عليه السلام.

ما الفرق بين المسجد الأقصى وقبة الصخرة؟

يقع المسجد الأقصى في القدس الشرقية ويشمل مساحة تبلغ 144 دونما، تتضمن عدة مبان مثل المصلى القبلي والمسجد المرواني والمسجد القديم، بالإضافة إلى ساحات واسعة. يُعتبر المسجد الأقصى ثالث أقدس الأماكن في الإسلام.

أما قبة الصخرة، فهي أحد المباني الرئيسية داخل المسجد الأقصى وتقع في وسط ساحته. بنيت في نهاية القرن السابع الميلادي وتتميز بقبتها الذهبية وتصميمها الثماني الفريد.

الفرق الرئيسي بين الاثنين هو أن المسجد الأقصى يشير إلى المجمع بأكمله، بينما قبة الصخرة هي مبنى محدد داخل هذا المجمع.

كلا المعلمين يحظيان بأهمية دينية كبيرة في الإسلام، حيث يعتبر المسجد الأقصى مكانًا للصلاة، بينما ترتبط قبة الصخرة بمعجزة الإسراء والمعراج.

المصدر : وسائل إعلام فلسطينية

إعلان