ولاية قيصري.. أرض الحضارات وقلب الأناضول

شهدت ولاية قيصري التركية نهاية يونيو/ حزيران وبداية يوليو/ تموز 2024، موجة من أعمال العنف التي استهدفت عدد من اللاجئين السوريين المقيمين في الولاية، التي تقع في قلب الأناضول، وترتب على هذه الموجة أضرار مادية وبشرية واسعة.
أين تقع ولاية قيصري؟

تقع ولاية قيصري وسط تركيا، فوق هضبة الأناضول، على ارتفاع 3422 قدمًا، وعلى سهل مسطح أسفل سفوح بركان جبل إرجبييس، الذي يعتبر ثالث أعلى الجبال في تركيا، وتبعد 165 ميلاً جنوب شرق أنقرة.
وتبلغ مساحة ولاية قيصري، نحو 17 ألف كيلومترمربع (تعادل تقريباً مساحة دولة الكويت)، وتشتهر بتاريخها العريق، وتعدد الحضارات التي مرت عليها، والتقارب الكبير في عاداتها وتقاليدها مع المجتمع العربي وخاصة في منطقة بلاد الشام.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsحزب العمال الكردستاني يقرر إلقاء السلاح وحل بنيته التنظيمية
حزب العمال الكردستاني يعلن حل نفسه وإلقاء السلاح.. و”العدالة والتنمية” يعلق
شاهد: كاميرات توثق لحظة اصطدام مميت لحافلتي “متروبوس” في إسطنبول
مقاطعات ولاية قيصري
تحمل ولاية قيصري لقب بلدية المدينة الكبيرة، وتضم عدداً من المقاطعات، هي: أكيشلا، بنيان، ديفيلي، فلاحية، حجيلار، إينجا سو، كوجاسينان، مليك غازي، أوزفاتان، بينار باشي، صاري أوغلان، صاريز، تالاس، تومارزا، يحيالي، ويشيل حصار.
سكان ولاية قيصري
بلغ عدد سكان ولاية قيصري (إحصاء العام 2023) نحو مليون ونصف المليون نسمة، من بينهم نحو 85 ألف لاجئ سوري، استقروا فيها بعد التحولات السياسية التي شهدتها الأراضي السورية في 2011.
تاريخ ولاية قيصري
تعتبر مدينة قيصري “مدينة القلاع” واحدة من أهم المدن التاريخية في تركيا وتكتسب أهميتها من موقعها الاستراتيجي في قلب الأناضول، ويعود تاريخها إلى عام 2000 قبل الميلاد، وتعاقبت عليها العديد من الحضارات والإمبراطوريات بما في ذلك الرومان والبيزنطيين والسلاجقة والعثمانيين ما أثرى تراثها الثقافي والمعماري الفريد.
وعندما استولى عليها السلاجقة الأتراك حوالي عام 1080 أطلقوا عليها اسم قيصري، ثم سقطت في يد المغول عام 1243، وفتحها العثمانيون عام 1397، وبعد هزيمة العثمانيين على يد تيمورلنك عام 1402، ضُمت قيصري إلى التركمان القرمان، حتى استعادها السلطان العثماني سليم الأول عام 1515.
المعالم التاريخية في قيصري

تزخر مدينة قيصري بالعديد من المعالم الأثرية والتاريخية التي تعكس تاريخها العريق والحضارات وأبرزها: قلعة قيصري، وادي سوجانلي، جامع هوناط هاتون، مسجد كلايجي أوغلو، مدرسة أفغونلو، خان الوزير، مدينة أجيرناس تحت الأرض، مسجد بورونغوز، وموقع كولتبه، ومنطقة يحيالي.
وكذلك توجد منطقة كابادوكيا وهي مدينة أثرية، تم إدراجها على لائحة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة اليونسكو. وتعد من أشهر الأماكن السياحية في تركيا، وتضم العديد من أماكن الجذب التاريخية والمدن المختبئة تحت الأرض: مثل مدينة كايماكلي، ومدينة ديرين كوي، ومدينة غوريم.
ومن المتاحف المنتشرة في الولاية: متحف قيصري، والمتحف الإثنوجرافي، متحف أتاتورك، والمتحف الطبي.
المعالم السياحية في قيصري
تعتبر قيصري واحدة من أبرز وجهات السياحة في تركيا بفضل مزيجها الفريد بين الطبيعة الخلابة والآثار التاريخية العريقة، مثل القلاع الشاهقة، والكنائس البيزنطية والأحياء التقليدية والمنحوتات الصخرية الفريدة في كابادوكيا.
تشتهر قيصري بمناظرها الطبيعية، ومن أشهرها: جبل إرجبييس، مستنقعات السلطان، مدينة سوغانلي تحت الأرض، سد وبحيرة يامولا،
مصادر الدخل والاقتصاد في قيصري
قيصري هي من الولايات الغنية بالمناجم والموارد والثروات الجوفية، وتأتي الزراعة في القائمة الأولى من مصادر الدخل والاقتصاد لمدينة قيصري، فالأراضي الزراعية تحتل 48% من مساحة المدينة، وتحظى بـ 671 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة والتي تُستخدم في الزراعة.
ويقوم المواطنون في ولاية قيصري بتربية المواشي كالخرفان والماعز والأبقار والثيران، كما أدت التجارة في قيصري لرفع نسبة التصدير في البلاد حتى وصلت إلى ملياري دولار من التصدير سنوياً من قيصري فقط، وجعلت الشركات تأتي إليها حتى وصل عدد الشركات في المدينة إلى 20 ألف شركة.
أحداث قيصري 2024

اعتقلت السلطات التركية مئات المشتبه فيهم بالتورط في أعمال عنف شهدتها، ولاية قيصري وسط البلاد، يومي الأحد 30 من يونيو/ حزيران، والإثنين الأول من يوليو/ تموز، واستهدفت مصالح عدد من السوريين المقيمين في الولاية، وقال وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا إنه “تم توقيف 474 شخصا بعد الأعمال الاستفزازية” التي استهدفت سوريين في تركيا، وأضاف أن 285 شخصا ممن تم توقيفهم من أصحاب السوابق الجنائية.
ودعا المواطنين الأتراك إلى عدم الانسياق خلف الأعمال التحريضية، والتصرف باعتدال، كما طالب المواطنين بعدم ارتكاب جرائم، مثل إيذاء الناس والبيئة والممتلكات بوسائل غير قانونية.
وقال وزير الدفاع التركي يشار غولر إن محاولات الإخلال بالنظام العام من قِبل البعض سيتم إفشالها بفضل جهود مؤسسات الدولة، وأضاف: “نراقب عن كثب التصورات السلبية والتوترات المتزايدة التي تمت محاولة خلقها مؤخرا فيما يتعلق باللاجئين السوريين”.
كما أعلنت هيئة المخابرات التركية تعقب من وصفتهم بالمحرضين داخل البلاد وفي الشمال السوري، ممن يحرضون ضد السوريين في تركيا والأتراك في الشمال السوري، بالتعاون مع وزارة الداخلية وقوات الأمن، وذكرت أن الهدف مما سمتها بالأعمال التحريضية هو محاولة لاستهداف سياسات تركيا الخارجية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أدان هذه الموجة من العنف ضد اللاجئين السوريين في قيصري، وقال “بغض النظر عن هوياتهم، فإن إضرام النيران في الشوارع وفي المنازل أمر غير مقبول”، مؤكدا وجوب عدم استخدام خطاب الكراهية لتحقيق مكاسب سياسية.