إقليم أرض الصومال.. مسيرة الصراع بين الوحدة والانفصال
إقليم أرض الصومال، إقليم صومالي يقع شمال البلاد، خضع للاحتلال البريطاني، وكان يعرف قبل الاستقلال باسم “الصومال البريطاني”، ومع انسحاب بريطانيا وإعلان استقلاله اتحد مع القسم الجنوبي من الصومال الذي كان خاضعًا للاحتلال الإيطالي ويسمى “الصومال الإيطالي”، وتم الإعلان عن الاتحاد وقيام دولة الصومال وعاصمتها مقديشيو في يوليو/تموز 1961.
موقع إقليم أرض الصومال
إقليم أرض الصومال (صومالي لاند)، منطقة شبه صحراوية تقع على ساحل خليج عدن، يقع أقصي شمال غربي الصومال يحدّه جيبوتي من الغرب، وإثيوبيا من الجنوب، وإقليم بونتلاند الصومالي من الشرق، ويملك أرض الصومال ساحلًا طويلًا على خليج عدن يمتد بطول 740 كيلو مترًا، وتبلغ مساحة الإقليم نحو 137600 كيلو متر مربع.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsكيف لخص سفير فلسطين في لندن حسام زملط عاما من الحرب على غزة؟ (فيديو)
جيرمي كوربن للجزيرة مباشر: بريطانيا تدعم إسرائيل حتى في عدوانها على لبنان (فيديو)
دبلوماسي إيراني يهدد باستخدام أسلحة متطورة ضد إسرائيل وضرب قواعد أمريكية (فيديو)
سكان إقليم أرض الصومال
يبلغ عدد سكان إقليم أرض الصومال نحو 5 ملايين و700 ألف نسمة، حسب إحصاءات تقديرية غير رسمية (2024)، وينتمي غالبية السكان المحليين إلى العرق الصومالي.
يدين سكان الإقليم بالإسلام على المذهب السني، وغالبيتهم يتبعون المذهب الشافعي ولغتهم الصومالية، وتشكل قبيلة الإسحاق غالبية السكان، ويقدر عددهم بثلاثة ملايين ونصف مليون حسب إحصائيات 2008.
ويتوزع السكان بين نحو 55% من السكان من البدو الرُّحّل أو شبه الرُّحل وسكان البادية، و45% من السكان في المناطق الحضرية وأهمها العاصمة هرغيسا التي يقدَّر عدد سكانها بنحو 650 ألف نسمة، وأبرز المدن الأخرى مثل بورعو وبورما وبربرة وعيرغابو ولاس عانود.
تاريخ إقليم أرض الصومال
إقليم أرض الصومال جزء من منطقة القرن الإفريقي التي دخلها الإسلام في وقت مبكر من صدر الإسلام، ومن أهم المدن الصومالية المذكورة في الكتب التاريخية القديمة مدينة زيلع الواقعة في شمال غرب الإقليم، وكانت مقرًا لممالك إسلامية وفيها آثار لتلك الحقبة تحدث عنها الرحالون العرب.
وعندما تقاسمت الدول الاستعمارية، في القرن التاسع عشر، إفريقيا أصبحت أرض الصومال من نصيب بريطانيا، التي فرضت حمايتها على الإقليم عام 1884، بينما استعمرت إيطاليا جنوب الصومال وهيمنت فرنسا على شمال الصومال، الذي كان يسمى بإقليم العفر والعيسى، واستقل تحت اسم جيبوتي، كما ألحق الاستعمار إقليم الأوغادين الصومالي بإثيوبيا، وضم منطقة أنفدي الصومالية إلى كينيا.
وخلال عامي 1940 و1941 وأثناء الحرب العالمية الثانية، استولت إيطاليا على الإقليم من بريطانيا قبل أن تعيد بريطانيا احتلال الإقليم مع هزيمة إيطاليا في الحرب.
وفي 26 يونيو/حزيران 1960 حصلت أرض الصومال على الاستقلال، وقرر قادة الإقليم طوعًا الانضمام إلى الجنوب لتحقيق حلم “الصومال الكبير” بأجزائه الخمسة حيث تم إعلان الوحدة بين الجنوب والشمال يوم 01 يوليو/تموز من العام نفسه فور حصول الجنوب على استقلاله.
انفصال إقليم أرض الصومال
تم الإعلان عن انفصال ما يسمى “جمهورية أرض الصومال” في 18 مايو/أيار عام 1991، بعد نحو 3 أشهر من انهيار الحكم المركزي في الصومال بقيادة الرئيس الراحل محمد سياد بري، وجاء الإعلان خلال مؤتمر لزعماء القبائل في شمال الصومال نظّمته جبهة الحركة الوطنية الصومالية (SNM) المعارضة لنظام سياد بري، وذلك في مدينة بُرعو شمال البلاد، تحت اسم “مؤتمر برعو للمصالحة وتقرير المصير”.
ونص الإعلان على الانفصال عن جمهورية الصومال الديمقراطية (كما كانت تُعرف آنذاك)، والعودة إلى حدود ما قبل 1 يوليو/تموز عام 1960.
ويواجه إقليم أرض الصومال تحديات عديدة أبرزها عدم الحصول على الاعتراف بها كدولة مستقلة، ووجود نزاع بينها وبين إقليم “بونتلاند” المشابه لوضعيتها على محافظتي سول وسناغ التابعتين جغرافيا (حسب التقسيم الاستعماري) لأرض الصومال والمحسوبتين عشائريًا على بونتلاند.
وفي 30 أغسطس/آب 2024، أرسلت إثيوبيا، مندوبًا بدرجة سفير إلى أرض الصومال، وذلك لأول مرة منذ بدء العلاقات بين أديس أبابا والإقليم.
ويأتي إرسال السفير الإثيوبي إلى هرغيسا وسط توتر بين إثيوبيا وجمهورية الصومال، التي ترفض الاتفاق الذي تم الإعلان عنه في يناير/كانون الثاني الماضي، بين إثيوبيا والإقليم ويمنح إثيوبيا الوصول إلى ميناء على البحر الأحمر من خلال استئجار شريط ساحلي بطول 20 كيلو مترًا مقابل اعترافها بالإقليم دولة مستقلة.
بناء المؤسسات في أرض الصومال
دخلت أرض الصومال منذ إعلان انفصالها مرحلة بناء مؤسسات دولة أمر واقع، رغم عدم حصولها على الاعتراف الدولي، فتم إنشاء نظام جمهوري، ومجلس للنواب، ومجلس للأعيان، وحكومة ودستور ونظام انتخابات لتداول السلطة بشكل سلمي، إضافة إلى عملة وطنية وبنك مركزي وعَلم وشعار دولة خاصَّين بها، وكذلك أجهزة أمنية (جيش وشرطة ومخابرات)، ونظام إدارة متكامل مستقل عن الدولة الصومالية.
وفي عام 2016 احتفلت أرض الصومال بمرور 25 عامًا على إعلان استقلالها، لكنها لا تزال غير معترف بها من جانب أي دولة حتى الآن.
الأحزاب السياسية في أرض الصومال
يسمح دستور أرض الصومال بوجود 3 أحزاب سياسية فقط تتنافس على الحكم، والأحزاب المعترف بها هي:
حزب التضامن والوحدة والتنمية: وهو الحزب الحاكم منذ 2010 وحتى الآن، زعيمه هو موسى بيحي عبده، فاز في الانتخابات التي أُجريت يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وهو المرشح الأبرز في انتخابات نوفمبر 2024.
الحزب الوطني: بزعامة عبد الرحمن محمد عبد الله المعروف بـ«عرّو»، رئيس مجلس النواب السابق في أرض الصومال، حل في المرتبة الثانية في انتخابات 2017.
حزب العدالة والتنمية: ثالث حزب سياسي في جمهورية أرض الصومال، وزعيم الحزب هو فيصل علي ورابي، وحل في المرتبة الثالثة في انتخابات 2017.
اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال
في عام 2019، قامت إثيوبيا بشراء حصة قدرها 19% من ميناء بربرة، واحتفظت أرض الصومال بنسبة 30%، وامتلكت شركة موانئ دبي العالمية 51%، مقابل تطوير الميناء على أن تدير موانئ دبي العالمية الميناء لمدة 30 عامًا.
وفي 2024 وقّعت إثيوبيا وأرض الصومال مذكرة تفاهم تستخدم إثيوبيا بمقتضاها أحد موانئ أرض الصومال، وفيها تم الإعلان عن أن أرض الصومال مستعدة لمنح إثيوبيا إمكانية الوصول إلى البحر من أجل حركة مرور سفنها التجارية عبر أحد الموانئ في البلاد.
وتسمح مذكرة التفاهم لإثيوبيا (وهي دولة حبيسة ليس لها أي سواحل بحرية) باستئجار 20 كيلو مترًا حول ميناء بربرة على خليج عدن، تتيح لها إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر، لمدة 50 عامًا لأغراضها البحرية والتجارية، وستحصل أرض الصومال على حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية.
ووعدت إثيوبيا في المقابل بدعم سعي أرض الصومال إلى الحصول على الاعتراف الرسمي بوصفها دولة مستقلة، وقال رئيس إقليم أرض الصومال، موسى بيهي عبدي، إن الاتفاقية تتضمن بندًا ينص على أن إثيوبيا ستعترف بأرض الصومال دولة مستقلة في وقت ما في المستقبل.
بينما قالت الحكومة الإثيوبية إن الاتفاق يتضمن “أحكامًا.. لإجراء تقييم عميق تجاه اتخاذ موقف فيما يتعلق بجهود أرض الصومال للحصول على الاعتراف”.
ورفضت الحكومة الفيدرالية في الصومال، التي تعدّ إقليم أرض الصومال جزءًا من أراضيها، الاتفاق، وقام الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، بتوقيع قانون يلغي بمقتضاه مذكرة التفاهم.
ووصف الاتفاق أنه عمل من أعمال “العدوان”، ويشكل “عائقًا أمام السلام والاستقرار” في منطقة القرن الإفريقي.
وقال حسن شيخ محمود “سندافع عن بلادنا.. بكل الوسائل الضرورية وسنسعى إلى الحصول على دعم أي حليف يرغب في مساعدتنا”، ودعا إلى “الاستعداد للدفاع عن بلادنا”.