“التحرك في الظلام”.. نيويورك تايمز: وثيقة تكشف استراتيجية حماس في معركة الأنفاق

يحيى السنوار قائد حركة المقاومة الفلسطينية حماس
يحيى السنوار قائد حركة المقاومة الفلسطينية حماس (نيويورك تايمز)

نشرت صحيفة نيويورك تايمز، تقريراً موسعاً، اليوم الاثنين، حول ما زعمت أنه دليل حركة حماس للقتال تحت الأرض، وكيفية التنقل في الظلام، والتحرك تحت الأرض في غزة، وإطلاق النار من الأسلحة الأوتوماتيكية في الأماكن الضيقة لتحقيق أقصى قدر من الفتك.

وذكرت الصحيفة أن الدليل استولت عليه قوات الاحتلال، وأنه يشكل جزءًا من جهد استمر لسنوات قامت به حركة حماس، تحت قيادة يحيي السنوار قبل وقت طويل من اندلاع معركة طوفان الأقصى، لبناء قاعدة عسكرية تحت الأرض يمكنها الصمود في وجه الهجمات الواسعة وإبطاء تحرك القوات البرية الإسرائيلية داخل الأنفاق المظلمة.

وقالت إنه قبل عام واحد فقط من اندلاع معركة طوفان الأقصى، وافق يحيى السنوار، زعيم حماس في قطاع غزة آنذاك، على إنفاق 225 ألف دولار لتثبيت أبواب مقاومة للانفجار لحماية شبكة أنفاق حماس من الغارات الجوية والهجمات البرية، وإن قادة ألوية حماس قاموا بفحص الأنفاق تحت غزة وحددوا أماكن حرجة تحت الأرض وعلى السطح تحتاج إلى تحصين.

أنفاق حركة المقاومة الفلسطينية حماس في قطاع غزة (نيويورك تايمز)

وأشار التقرير إلى أن هذه السجلات، إلى جانب المقابلات مع الخبراء وقادة من قوات الاحتلال، تفسر عدم قدرة الاحتلال، بعد مرور ما يقرب من عام على بداية الحرب، على تفكيك حماس.

وذكر مسؤول إسرائيلي أن تقييم شبكة أنفاق حماس تحت الأرض داخل غزة لم يكن من الأولويات، لأن غزو غزة وشن حرب شاملة هناك كان غير مرجح، من ناحية، ولأن حماس كانت تستعد لمثل هذه المواجهة من ناحية ثانية.

دليل حماس للقتال

يحتوي دليل القتال تحت الأرض على تعليمات حول كيفية إخفاء مداخل الأنفاق، وتحديد موقعها باستخدام البوصلات أو نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، والدخول بسرعة والتحرك بكفاءة.

ومن بين النصوص التي نقلتها الصحيفة من الدليل: “أثناء التحرك في الظلام داخل النفق، يحتاج المقاتل إلى نظارات رؤية ليلية مزودة بالأشعة تحت الحمراء”، “ويجب ضبط الأسلحة على الوضع الأوتوماتيكي وإطلاقها من الكتف، هذا النوع من إطلاق النار فعال لأن النفق ضيق، وبالتالي فإن الطلقات تستهدف مناطق القتل في الجزء العلوي من جسم الإنسان”.

أنفاق حركة المقاومة الفلسطينية حماس في قطاع غزة (نيويورك تايمز)

هكذا يدير السنوار المعركة

ذكر التقرير أن يحيى السنوار هو الذي يدير الحرب منذ بداية الطوفان، وأنه أعد الترتيبات اللازمة للطوفان قبله بسنوات، وأنه في الوقت الذي استعدت حماس لمعارك تحت الأرض، كانت إسرائيل مترددة في إرسال قواتها إلى تحت الأرض، وكانت حماس تنصب الكمائن للجنود بالقرب من مداخل الأنفاق، في حين تتجنب المواجهات المباشرة، وهذا يعني أن حماس تستخدم الأنفاق لشن هجمات خاطفة فوق الأرض، والاختباء من قوات الاحتلال وتفجير المتفجرات باستخدام مشغلات عن بعد وكاميرات خفية.

صور من وثائق تقول نيويورك تايمز إنه تم العثور عليها لأنفاق حركة المقاومة الفلسطينية حماس في قطاع غزة
صور من وثائق تقول نيويورك تايمز إنه تم العثور عليها لأنفاق حركة المقاومة الفلسطينية حماس في قطاع غزة (نيويورك تايمز)

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في قوات الاحتلال أنهم اكتشفوا “وثيقة حرب الأنفاق” في حي الزيتون بمدينة غزة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023. كما عُثر في الشهر نفسه على رسالة من السنوار إلى قائد عسكري جنوب المدينة. وأشارت إلى أن العلامات الموجودة على الوثائق التي تم العثور عليها تتفق مع وثائق أخرى لحماس تم الكشف عنها أو فحصها من قبل الصحيفة.

خرائط مترو غزة

ذكرت الصحيفة أنه تم كشف الكثير عن شبكة أنفاق حماس، والتي أُطلق عليها اسم “مترو غزة”، وكيف يجب على مقاتلي الحركة المناورة عبر هذه الممرات الضيقة في الظلام: بوضع يد واحدة على الحائط والأخرى على المقاتل في المقدمة.

وأضافت أن الأنفاق الأخرى عبارة عن مراكز قيادة وسيطرة متطورة تربط مصانع الأسلحة تحت الأرض بمرافق التخزين، بما يخفي البنية التحتية العسكرية لحماس بالكامل. وفي بعض الحالات، استخدمت حماس الألواح الشمسية المثبتة على أسطح المنازل الخاصة لتوفير الطاقة تحت الأرض.

وتستخدم بعض الأنفاق أيضاً كمراكز اتصالات، إذ عثر على نظام اتصالات من إنتاج شركة نوكيا. ووفقاً للدليل الذي حصلت عليه صحيفة التايمز، فإن أنظمة نوكيا هذه توفر خدمات الصوت والبيانات، وربما كانت تعمل كلوحة مفاتيح لشبكة اتصالات تحت الأرض. ولكن هذه الميزات تتطلب أجهزة إضافية، وليس من الواضح ما هي القدرات التي تمتلكها حماس.

جانب من عمليات التدمير التي قامت بها قوات الاحتلال في قطاع غزة
جانب من عمليات التدمير التي قامت بها قوات الاحتلال في قطاع غزة (نيويورك تايمز)

وفي العام الماضي، وفق الصحيفة، اكتشف الجيش الإسرائيلي نفقاً يبلغ عمقه 250 قدماً ـ أي ما يعادل ارتفاع مبنى من 25 طابقاً. وقال الجيش إن تدميره استغرق عدة أشهر، وأكد مسؤولون عسكريون إسرائيليون أن تدمير شبكة الأنفاق بأكملها قد يستغرق سنوات.

ونشرت إسرائيل مقاطع فيديو للجيش وهو يدمر الأنفاق بأكثر من 16 طناً من المتفجرات لكل كيلومتر، وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن تكلفة بناء نفق بدائي يبلغ طوله نصف ميل تقريبا تبلغ نحو 300 ألف دولار.

رسالة السنوار إلى محمد الضيف

ذكرت الصحيفة أن الرسالة التي تم الكشف عنها، ووجهها يحيى السنوار إلى محمد الضيف، سلطت الضوء على التكلفة والتعقيد وراء الجهد الكبير في بناء شبكة الأنفاق ومراجعة تحصيناتها، ومن بين ما كتبه السنوار أن “الألوية ستُمنح المال وفقًا لمستوى الأهمية والضرورة”، وأن السنوار خصص أكبر قدر من الأموال لشراء الأبواب في شمال غزة وخان يونس، وهي المناطق التي شهدت أعنف المعارك أثناء المواجهات مع قوات الاحتلال.

وتعزل الأبواب المقاومة للانفجار أجزاء الأنفاق عن بعضها البعض وعن الخارج، مما يحميها من التفجيرات والاختراقات، كما تعوق استخدام الجيش للطائرات بدون طيار لتفتيش الأنفاق ورسم خرائطها.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إنه على الرغم من التكتيكات الموصوفة في دليل مكافحة الأنفاق، فإن جنود الاحتلال بمجرد اختراق تلك الأبواب، نادراً ما يجدون مقاتلي حماس خلفها، مما يعكس استراتيجية الهجوم والانسحاب التي اعتمد عليها هؤلاء المقاتلين.

المصدر : الجزيرة مباشر + نيويورك تايمز

إعلان