محللون: إيران تواجه معضلة كبرى بعد اغتيال نصر الله
مع اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله بضربة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية، في 27 سبتمبر/أيلول 2024 تواجه إيران معضلة كبرى، بين التكيف مع خسارة حليف حيوي لها في الشرق الأوسط، والحفاظ على نفوذها الإقليمي.
يشكل اغتيال نصر الله تصعيدًا حادًا بعد القصف المتبادل عبر الحدود بين حزب الله وإسرائيل منذ بدء الحرب في غزة قبل نحو عام، ويهدد بدفع المنطقة بأكملها إلى الحرب.
اقرأ أيضا
list of 4 items“نصيحة” من بايدن لإسرائيل بشأن احتمالية ضرب المنشآت النفطية الإيرانية
عام على الحرب الإسرائيلية على غزة.. تسلسل زمني لأبرز الأحداث
لأول مرة منذ بداية الحرب.. مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة آخرين بجروح خطرة في هجوم من العراق
وتعهد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أن دم نصر الله “لن يذهب هدرًا”، وقال النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا عارف إن اغتياله سيؤدي إلى “تدمير” إسرائيل، وتعهدت إيران بالانتقام لمقتل القيادي في الحرس الثوري عباس نيلفوروشان إلى جانب زعيم حزب الله.
ويأتي اغتيال حسن نصرالله بعد شهرين تقريبا من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية في 31 تموز/يوليو في طهران، أثناء مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، وحمّلت إيران إسرائيل مسؤولية اغتياله وتوعدت بالرد.
حدود الانخراط الإيراني
يقول كريم سجادبور من مركز كارنيغي للأبحاث “لقد أدى نصرالله دورًا حاسمًا في توسيع نفوذ إيران”، مشيرا إلى أن حزب الله يظل “جوهرة تاج” حلفاء إيران الإقليميين.
ويرى علي واعظ -مجموعة الأزمات الدولية- أن اغتياله “لم يغير حقيقة أن إيران ما زالت لا تريد الانخراط بشكل مباشر” في النزاع الدائر، لكنه يضع إيران أمام “معضلة خطيرة”، وخصوصا أن الحزب يشهد “حالة من الفوضى العارمة”.
وقال مهدي زكريان -أستاذ العلاقات الدولية في طهران- إن “جبهة المقاومة” الموالية لإيران “لم تكن عاجزة عن احتواء إسرائيل فحسب، بل تعرضت أيضا لضربات خطيرة”.
وأضاف أن إعادة بناء حزب الله لن تكون مهمة سهلة لطهران في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجهها، وإذا أرادت الحكومة التدخل في إعادة إعمار لبنان أو إعادة تجهيز حزب الله، فإن ذلك سيفاقم الأزمة الاقتصادية في إيران”.
وتعاني إيران من التأثير الاقتصادي للعقوبات الدولية التي أسهمت في ارتفاع التضخم ومعدلات البطالة وانخفاض سعر الريال الإيراني مقابل الدولار إلى مستوى قياسي.
حدود الدعم الإيراني لحزب الله
يرى محللون أن إيران تتحرك بحذر منذ اندلاع الحرب في غزة، وتحاول إظهار قوتها من دون إثارة رد فعل من الولايات المتحدة.
حتى خلال أول هجوم مباشر لها على الإطلاق على إسرائيل في 14 إبريل/نيسان الماضي، ردًا على غارة جوية إسرائيلية على مبنى ملحق بالسفارة الإيرانية في دمشق، اعترضت دفاعات إسرائيل والقوات المتحالفة معها معظم الصواريخ والمسيّرات.
وقالت إيران حينها إنها أبلغت الولايات المتحدة وأعطت الدول المجاورة تحذيرا قبل 72 ساعة مما وصفته بهجومها “المحدود” على إسرائيل.
يرى علي واعظ أن إيران “لديها كل المصلحة في محاولة الحفاظ على ما تبقى من حزب الله، فحزب الله هو درع إيران”، لكن سيكون “من الصعب للغاية” على الإيرانيين حاليا التواصل مع حلفائهم، على عكس ما حدث أثناء حرب 2006.
ويشير إلى أن ردود حزب الله “ضعيفة وهزيلة” مع تصاعد العنف مع إسرائيل، معتبرا أن “السؤال هو ما إذا كان غير راغب أو غير قادر على التحرك؟”، خاصة بعد أن تعرضت الاتصالات الداخلية لحزب الله لضربة قوية، عندما استهدفت إسرائيل أجهزة بيجر وأجهزة اتصال لاسلكية كان يستعملها أعضاؤه.
ويعتقد واعظ أن إيران تأمل في أن “يتمكن حزب الله من إعادة تنظيم نفسه وشن هجوم كبير على إسرائيل لإظهار أنه لا يزال صامدا”.
ويرى مهدي زكريان أن “إيران لا تستطيع التخلي عن حزب الله، لأنها في هذه الحالة ستخسر أيضا حلفاءها الآخرين”، في سوريا والعراق واليمن الذي تدخلوا في الحرب بين إسرائيل وحماس.
ومن جانبه يقول المحلل السياسي مصدق مصدق بور إن المعضلة الكبرى الأخرى التي قد تواجهها إيران هي التواصل مع حزب الله وإمداده بالأسلحة، وأن “الأوان قد فات لإيران لدعم حزب الله بالأسلحة”، لكنه يعتقد أن الحزب “سيرمم صفوفه كما فعل في الماضي”.