الهستدروت.. ماذا تعرف عن الاتحاد الذي أسس إسرائيل؟
الهستدروت أو الاتحاد العام لعمال إسرائيل، أول حركة عمّالية صهيونية أسسها ديفيد بن غوريون عام 1920 واستمر رئيساً لها حتى عام 1935. وبن غوريون هو من مؤسسي إسرائيل، وكان أول رئيس وزراء لها بين عامي 1948 و1953.
أهداف الهستدروت
يقول الموقع الرسمي للهستدروت إنه “يعمل انطلاقًا من رؤية تقوم على مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية والتضامن والتكافل المتبادل، لصالح جميع العمال والمتقاعدين في إسرائيل. ويعمل مع المنظمات التابعة له على التفاوض وتنفيذ الاتفاقيات الجماعية مع الحكومة ومنظمات أصحاب العمل والإدارة التي تضمن للعامل صوتًا في مكان العمل، وأجورًا لائقة، وأمانًا وظيفيًا، ومزايا أفضل، وأماكن عمل أكثر أمانًا”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsتقرير دولي: كيف يمكن اجتثاث عنف المستوطنين الإسرائيليين من جذوره؟
سموتريتش: إحباط إقامة دولة فلسطينية مهمة حياتي
سيناتور أمريكي يطالب بمحاسبة قتلة عائشة نور بالضفة الغربية
ومن الأهداف الأخرى التي تأسس من أجلها الاتحاد “دعم الهجرة اليهودية وتوطين المهاجرين والسيطرة على فلسطين وإقامة اقتصاد مزدهر فيها”. وتعمقت قوة الهستدروت في الأوساط العمالية اليهودية وغدت من أقوى الهيئات الداعمة للمشروع الصهيوني.
ويتألف الهستدروت من نقابات عمالية ومهنية متنوعة تمثل قطاعات واسعة من العمال والموظفين والفلاحين وغيرهم. وتتصارع الأحزاب على القيادة في هذه النقابات والاتحادات العمالية، ويضم الاتحاد وفق موقعه الإلكتروني 799 ألف عضو، يعملون في 27 ألف مؤسسة.
ماذا يفعل الهستدروت؟
تتمثل مهمة الهستدروت، وفق الموقع الرسمي، في أن يكون بمثابة “مظلة لمنتسبي الهستدروت، تعمل على تمكينهم، وتعزيز قدرتهم التفاوضية، والنضال نيابة عنهم من أجل ظروف عمل أفضل”. وكذلك “إدارة التفاوض والحملات والضغط من أجل إحداث تغييرات في القانون وفي المجتمع، وتقديم الخدمات لأعضاء الهستدروت لتحقيق تطلعاتهم الفردية، وتعزيز التعلم والمهارات، والتوازن بين الحياة والعمل”.
تاريخ الهستدروت وتأسيس إسرائيل
نشر الهستدروت عبر موقعه الرسمي عن تاريخ تأسيسه “إن الظروف التي أدت إلى إنشاء الهستدروت والمبادئ التوجيهية لآبائه المؤسسين تجعل الهستدروت حالة فريدة في عالم النقابات العمالية. ولا تزال سنوات تكوينها تحمل تأثيرًا كبيرًا على المنظمة في أيامنا هذه”.
وأضاف: “تأسس الهستدروت تحت عنوان “الاتحاد العام للعمال في أرض إسرائيل” عام 1920 على يد ديفيد بن غوريون، أي قبل 28 عامًا من قيام إسرائيل، كأداة لتحقيق هدفين، الأول موجه نحو الطبقة العاملة، وخدمة احتياجاتها”، والثاني “بناء الأمة، ووضع أسس إدارة الدولة للتطور، ففي سنوات تكوينه، كان الهستدروت القوة الدافعة وراء إنشاء دولة إسرائيل”.
الهستدروت والصهيونية العالمية
عقد الهستدروت مؤتمره التأسيسي الأول في مدينة حيفا عام 1920، وأعلن رسميا عن تشكيله، وقد أكدت القرارات والكلمات التي ألقيت في المؤتمر دور الهستدروت في دعم الحركة الصهيونية العالمية.
وأكدت القرارات أن هدف الهستدروت الرئيس هو تحقيق الفكرة الصهيونية، وأنه يعتبر نفسه جزءًا لا يتجزأ من العوامل الأساسية للعمل الصهيوني، وفي الهجرة والتوطين والسيطرة على فلسطين واستعمارها، وفي وضع الأسس اللازمة لاقتصاد سليم مزدهر قادر على امتصاص أكبر عدد ممكن من المهاجرين.
ونما الهستدروت مع نمو الحركة الصهيونية حتى أصبح أحد أجنحتها الرئيسية وأحد منفذي خططها، وأقوى مؤسسات المستوطنين على الصعيدين الاقتصادي والثقافي. وبلغ عدد أعضاء الهستدروت عند نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1948 حوالي 200 ألف عضو، وارتفع العدد عام 1969 إلى 1,04 مليون عضو ثم 1.2 مليوناً عام 1974، أي نحو 42% من مجموع السكان و90% من مجموع العاملين في ذلك التوقيت.
مؤسسات الهستدروت
أسس الهستدروت مؤسسات اقتصادية ومالية وثقافية ورياضية وصناعية بهدف تمكين الدولة الجديدة من الظهور، من بينها “بنك هبوعيل” (بنك العمال) ومكتب الأشغال العامة والبناء، وشركة البناء سوليل بونيه، وصندوق التأمين الصحي كلاليت.
وكان للهستدروت معاهد أبحاث اقتصادية وعمالية، وجريدة خاصة به (دافار) ودار نشر وحركات وأندية رياضية، إلا أن هذه كلها قد أُغلقت أو بيعت إلى شركات خاصة، ويدير صندوقاً للمرضى وهو الأكبر في إسرائيل لتقديم الخدمات الصحية والطبية.
رئيس الهستدروت
كان ديفيد بن غوريون أول رئيس للهستدروت من 1921 إلى 1935، أما الرئيس الحالي فهو أرنون بار ديفيد، من مواليد 1957، تولى منصبه في أعقاب انتخابات مجلس نواب الاتحاد في مارس/آذار 2019، وأُعيد انتخابه في مايو 2022 في انتخابات الهستدروت الوطنية، وهو الرئيس 15 للهستدروت، وشغل منصب رئيس اتحاد موظفي الخدمة العامة، وهو أكبر اتحاد نقابي تابع للهستدروت، بين عامي 2006 و2019، وخلال هذه الفترة، قام الاتحاد بتوقيع اتفاقيات تفاوض جماعية أدت إلى تحسن كبير في ظروف عمل مئات الآلاف من العمال في البلاد.
الهيكل التنظيمي للهستدروت
يقوم الهيكل التنظيمي للهستدروت على 4 مؤسسات أساسية، هي:
(1) المؤتمر العام: المؤسسة العليا للهستدروت، ويضم 2001 مندوباً منتخبين حسب الحزب السياسي، ويتولى المؤتمر تحديد أهداف الهستدروت وانتخاب مجلس النواب.
(2) مجلس النواب: يضم 171 عضواً يتم انتخابهم كل خمس سنوات، وله سلطة اتخاذ القرار في كل جوانب أعمال الهستدروت، وكذلك تغيير دستور الاتحاد.
(3) مجلس الإدارة: الجهاز الرئيسي لاتخاذ القرار، والمسؤول عن الإدارة اليومية للاتحاد، ويتراوح عدد الأعضاء بين 13 و45 عضواً يعينهم رئيس الهستدروت ويوافق عليهم مجلس النواب.
(4) رئيس الهستدروت (الأمين العام) يتم انتخابه كل خمس سنوات في انتخابات وطنية مباشرة من قبل جميع أعضاء الهستدروت الذين يحق لهم التصويت.
أسباب قوة الهستدروت
يشكل الهستدروت بالإضافة إلى كونه الاتحاد المركزي للنقابات، قوة سياسية كبرى تتصارع الأحزاب والتجمعات السياسية للسيطرة عليها، ويعتبر من المظلات الأساسية التي تُعبر من خلالها الأطراف السياسية في المجتمع الاسرائيلي عن اتجاهاتها في مختلف نواحي الحياة، فالتنظيم التشريعي والتنفيذي للهستدروت يتكون من ممثلين عن الأحزاب بحسب نسبة قوتها الانتخابية، وسياسات الهستدروت ليست سوى انعكاس للتفاعلات بين الأغلبيات والأقليات الحزبية، وبالتالي فإن سياسات الهستدروت تُقرر داخل الأحزاب وليس في المؤتمر العام للهستدروت.
ويشكل الهستدروت قوة اقتصادية واجتماعية كبرى، فهو يشرف على مؤسسات اقتصادية تساهم بنحو 60% من الانتاج الزراعي في إسرائيل، و50% من الصناعة الثقيلة، و25% من الإنتاج الصناعي، و45% من أعمال البناء، و39% من وسائل النقل. ويشترك أحيانا مع رأس المال الحكومي أو الخاص أو الأجنبي في إقامة المشاريع وإدارتها في الداخل، وفي بعض البلدان في الخارج، لا سيما في إفريقيا وبعض بلدان آسيا وأمريكا اللاتينية.
ويلعب الهستدروت دورًا خارجيًا بالإضافة إلى الدور الاقتصادي المتمثل في تنفيذ المشاريع العمرانية والصناعية، فهو يدعم السياسة التوسعية لإسرائيل، ويحاول أن يبررها في المحافل الدولية التي يملك فيها القدرة على التحرك والتأثير. كما يعمل مع المنظمة الصهيونية لاستقطاب اليد العاملة اليهودية في العالم وربطها بالخطط الصهيونية.