“هند رجب”.. قصة المؤسسة التي أصبحت كابوسا يطارد الإسرائيليين حول العالم

الطفلة الفلسطينية هند رجب البالغة من العمر 6 سنوات قتلت بدم بارد (منصات التواصل)

“الدبابات جنبي.. تعالي خذيني، أمانة”.. هذا النداء الخائف، صوت هند رجب، الذي سُمع في أرجاء العالم بعد فوات الأوان ما زال صداه يتردد حتى اليوم، لكنه تحول إلى صوت هادر يهدد جيش الاحتلال وجنوده من تايلاند شرقًا إلى الأرجنتين غربًا، حتى وصل إلى جندي إسرائيلي كان يزور السويد وآخر كان في إجازة بالبرازيل.

“حرقوا قلبي على بنتي”

لم تكن هند رجب قد أتمّت عامها السادس حين حاصرت الدبابات الإسرائيلية سيارة عائلتها في 29 يناير/كانون الثاني 2024 لمدة 12 يومًا بحيّ تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة، قبل أن تقتلهم قوات الاحتلال بعشرات الرصاصات، وتردي مسعفين جاءوا لإنقاذهم.

 

وبعد العثور على جثامينهم في 10 فبراير/شباط 2024 بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من المنطقة، قالت والدتها في مقابلة مع الجزيرة إن منظمات حقوق الإنسان فشلت في أداء دورها، مضيفة أنهم “حرقوا قلبها على ابنتها”.

قصة هند وإدارة بايدن

انتشرت قصة هند، وأصبح اسمها حاضرًا في أروقة البيت الأبيض مع كل سؤال صحفي يُطرح على مسؤول أمريكي في إدارة الرئيس جو بايدن، المنتهية ولايته، بشأن التحقيق في مقتلها.

وكرس الصحفي الأمريكي بريم ثاكر أسئلته لقضية هند، وقال في تدوينة على منصة “إكس” في نوفمبر/تشرين الثاني 2024: “منذ 300 يوم وأنا أضغط على الولايات المتحدة بشأن مقتل هند رجب وعائلتها والمسعفين الذين أُرسلوا لإنقاذها”.

ورصد ثاكر تغيرًا تدريجيًا في الموقف الأمريكي، الذي بدأ بالتظاهر بالقلق على مصير هند، ثم دعا إسرائيل إلى التحقيق في جريمة مقتلها، وانتهى بالتشكيك في وقائع الجريمة، رغم وجود أدلة عدة وقرائن وتحقيقات صحفية توثق الجريمة وتدين الجيش الإسرائيلي.

من طفلة إلى مؤسسة

أصبحت قضية هند رجب ملهمة لتأسيس منظمة حقوقية تحمل اسمها تحاصر الجنود الإسرائيليين وتلاحقهم، كما حاصروها وقتلوها، وحاصروا وقتلوا آلاف الفلسطينيين غيرها.

وأسست المؤسسة في البداية باسم “30 مارس” على يد ناشطين أوروبيين بهدف منع الإبادة الجماعية في غزة، وأخذت اسمها من مظاهرات 30 مارس/آذار 1976، التي عُرفت منذ ذلك باسم “يوم الأرض”.

وبدأت نشاطها في ملاحقة الجنود الإسرائيليين في ديسمبر/كانون الأول 2023 حين قدّم المحامي الهولندي هارون رضا شكوى رسمية ضد جوناثان بن حمو، مواطن إسرائيلي هولندي، شارك في الحرب على غزة، وانخرط في التعذيب المنهجي والاعتقال التعسفي، وانتهاك الحقوق الأساسية، وكرامة المدنيين الفلسطينيين، ليكون بذلك أول أهداف المؤسسة.

وبعد استشهاد هند رجب في يناير/كانون الثاني 2024 دشنت المؤسسة فرعًا يحمل اسمها لتكريم ذكراها، وذلك في سبتمبر/أيلول 2024.

أهداف مؤسسة هند رجب

تُركز مؤسسة هند رجب على اتخاذ إجراءات قانونية، ليس فقط ضد مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في فلسطين، بل وكذلك المتواطئين فيها والمحرضين عليها، في سعيها لتحقيق العدالة.

كما تهتم المؤسسة بتوثيق جرائم الحرب الإسرائيلية للأجيال القادمة، وإنشاء سجل تاريخي يضمن تذكر المسؤولين ومحاسبتهم، وتحدي إفلات إسرائيل من العقاب، وتكريم ذكرى الضحايا.

جهود مكثفة لمحاسبة الجناة

نجحت المؤسسة في التقدم بشكوى ضد أكثر من 1000 جندي إسرائيلي إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، مدعومة بأكثر من 8 آلاف دليل من الأدلة القابلة للتحقق، تثبت تورط الجنود المباشر في ارتكاب الفظائع.

وتشمل الأدلة مقاطع “فيديو”، وتسجيلات صوتية، وتقارير الطب الشرعي، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وتوضح مشاركة الجنود الإسرائيليين في تدمير البنية التحتية المدنية، والنهب، وحصار المدنيين، واستهدافهم.

كما تقدمت بدعاوى ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، فضلًا عن كيانات وأفراد آخرين بتهمة التورط في الإبادة الجماعية.

وقال المحامي هارون رضا، المستشار القانوني للمنظمة، إن القائمة التي تقدمت بها للجنائية الدولية “تشمل أسماء جنود من مختلف الرتب، وصولًا إلى جنرالات وقادة قوات الجيش الإسرائيلي وقواته الجوية، في جرائم وقعت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023”.

هجوم إسرائيلي على المؤسسة

رغم إقرار هيئة البث الإسرائيلية أن المنظمة لم تحقق حتى الآن أي نجاح في اعتقال جنود إسرائيليين بسبب تهريبهم وترحيلهم قبل القبض عليهم، فقد اعترفت أن نشاطها الفعلي يُثير قلقا لدى وزارتي الخارجية والعدل الإسرائيليتين.

وقرر الجيش الإسرائيلي إخفاء هويات جنوده خشية الملاحقات القضائية بالخارج، كما أصدرت وسائل إعلام عبرية، من بينها صحيفة “يديعوت أحرونوت”، دليلًا إرشاديًا لتجنب الاعتقال في الدول الأجنبية، وهو دليل وصفه ناشطون بأنه “دليل للإفلات من العقاب”.

وكرر الدليل الإرشادي نصيحة وزارة الدفاع الإسرائيلية التي تحذر من نشر أي مواد عسكرية من غزة على منصات التواصل الاجتماعي، لعدم استغلالها كأدلة على ارتكاب جرائم حرب.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان