تقرير حقوقي: المسلمون أكثر ضحايا انتهاكات الشرطة في الهند

الاعتداء على محجبات في الهند (الجزيرة مباشر)

كشف تقرير بشأن ممارسات الشرطة في الهند أن المسلمين وغيرهم من الفئات المهمشة هم الضحايا الأساسيون للتعذيب والانتهاكات في مقار الاحتجاز في الهند، وأن نحو نصف أفراد الشرطة في الهند، وخصوصًا من الهندوس، يعتقدون أن المسلمين يميلون بطبيعتهم إلى الجريمة، مما يبرز التحامل ضد الأقلية المسلمة في نظام العدالة.

وصدر التقرير عن مجموعة “كومن كوز” الحقوقية بالتعاون مع “مركز دراسات المجتمعات النامية” الأسبوع الماضي في نيودلهي، تحت عنوان “تقرير حالة الشرطة في الهند لعام 2025: التعذيب وانعدام المساءلة”.

وجاء في التقرير، الذي اطلعت عليه الجزيرة مباشر، أن الوثائق التي حصل عليها معدو التقرير تشير إلى أن “ضحايا التعذيب هم في أغلب الأحيان من المجتمعات الأكثر تهميشًا في الهند، وهي مجتمعات الداليت والطبقات المضطهدة والمسلمين، والمجتمعات القبلية، والنساء والأطفال والفقراء”.

وكشف التقرير أن الحملة الوطنية لمناهضة التعذيب وثقت في عام 2019، على سبيل المثال، 124 حالة وفاة في مراكز الاحتجاز التابعة للشرطة في الهند، ووجدت أن 60% من الضحايا كانوا من المجتمعات المهمشة، مثل الداليت والأديفاسيس والمسلمين، والذين يعملون في مهن متواضعة، مثل العمال وحراس الأمن والسائقين وجامعي القمامة.

الشرطة الهندية (الجزيرة مباشر)

وجاء في التقرير “الأدبيات الأكاديمية بشأن التعذيب، وخصوصا الدراسات الإثنوغرافية، تناولت الطرق التي يُستخدم بها التعذيب في السياق الهندي لاستهداف مجتمعات كاملة وتصنيفها وإخضاعها”.

وأضاف “في حالات الاشتباه في رجال مسلمين في قضايا الإرهاب، تشير (الباحثة) جيني لوكانيتا إلى أن أساليب التعذيب الجسدي والنفسي التي تُمارَس عليهم، مثل تعريتهم وإهانة دينهم، تُنفذ عمدًا بهدف الإساءة إلى هويتهم الدينية ورجولتهم”.

وكشف التقرير عن تحامل كبير لدى الشرطة الهندية ضد المسلمين، إذ أظهر استطلاع لآراء أفراد الشرطة أن 50% منهم يعتقدون أن المسلمين “يميلون بطبيعتهم” إلى ارتكاب الجرائم.

وتعليقًا على التقرير، أشارت راديكا جها -وهي إحدى الباحثات الرئيسيات في الدراسة- في تصريحات للجزيرة مباشر إلى وجود تحامل مؤسسي ليس فقط في الشرطة بل في النظام الجنائي بأكمله في الهند.

“تحامل مؤسسي”

وقالت جها “من الواضح للغاية وجود تحامل مؤسسي، ليس فقط داخل الشرطة بل في النظام القضائي بأكمله، ضد الفئات الضعيفة والأقليات. لقد لاحظنا عبر جميع تقارير حالة الشرطة في الهند والعديد من الدراسات الأخرى أنماطًا متكررة من استهداف هذه المجتمعات من قِبل الشرطة من جهة، ولا مبالاة مؤسسية في التعامل مع العنف ضدهم من جهة أخرى”.

وعن الأسباب المحتملة لكون المسلمين يشكلون نسبة كبيرة من ضحايا التعذيب أثناء الاحتجاز لدى الشرطة، أوضحت راديكا أن أحد التفسيرات قد يكون أن النظام الذي يشمل الشرطة يعكس المجتمع الأوسع.

لكنها أضافت “قد يكون هذا استنتاجًا تبسيطيًّا، وقد يؤدي في الواقع إلى تبرئة الشرطة من المسؤولية. لأن الشرطة، على عكس المجتمع، تملك سلطة ممنوحة من الدولة لاستخدام العنف”.

ورأت راديكا أنه “يبدو أن هناك موافقة سياسية ومؤسسية على استخدام الشرطة للعنف، وخصوصًا التعذيب، وتطبيعًا لاستخدامه. ويظهر هذا بشكل أكثر تكرارًا ووضوحًا ضد المجتمعات الأضعف، بما في ذلك المسلمون”.

وشملت الدراسة استطلاع آراء 8276 من أفراد الشرطة بمختلف رتبهم، في 82 موقعًا مثل مراكز الشرطة، وثكنات الشرطة، والمحاكم، في 17 ولاية وإقليم اتحادي، وفي مناطق حضرية وريفية.

وتضمنت الدراسة مقابلات معمقة مع أطباء ومحامين وقضاة ممن تتطلب وظائفهم التفاعل مع الشرطة والموقوفين.

وفي استطلاع لآراء أفراد الشرطة الهندوس، أظهرت الدراسة أن أفراد الشرطة الهندوس كانوا أكثر ميلًا إلى الاعتقاد أن المسلمين يميلون بطبيعتهم إلى ارتكاب الجرائم، إذ تبنى هذا الرأي أكثر من نصف الهندوس الذين شملتهم الدراسة، وأعرب 19% من أفراد الشرطة الهندوس عن اعتقادهم أن المسلمين يميلون بطبيعتهم إلى ارتكاب الجرائم “إلى حد كبير”، بينما رأى 34% أن المسلمين يميلون إلى ارتكاب الجرائم “إلى حد ما”.

وأكدت الباحثة راديكا أن مثل هذه العقلية لدى أفراد الشرطة يمكن أن تؤثر في الإجراءات القانونية وأحكام السجن.

وقالت للجزيرة مباشر “هذا الأمر مقلق للغاية، لأنه يمكن أن يُستخدم لتبرير استخدام الشرطة للعنف المفرط ضد هذه المجتمعات دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة. ومن المرجح جدًّا أن ينعكس هذا أيضًا في أساليب التحقيق الأخرى التي يتبعونها، وقد يسهم في ارتفاع معدلات سجن هذه الفئة، وهو ما يتضح من بيانات السجون في معظم الولايات”.

ووفقًا للدراسة، فإن 38% من أفراد الشرطة تسامحوا مع ممارسة العامة والغوغاء للعنف ضد المشتبه بهم في قضايا ذبح الأبقار، واعتبروا هذا العنف مبرَّرًا .

وفي السنوات العشر الماضية، منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا اليميني بزعامة ناريندرا مودي إلى السلطة عام 2014، تعرَّض المسلمون بانتظام لعنف جماعي واسع على يد جماعات حراسة الأبقار، بحجة حماية الأبقار من الذبح.

وغالبًا ما تُتهم الشرطة بالتساهل أو التواطؤ مع هؤلاء الحراس ضد تجار الماشية، وهو ما كشفت عنه نتائج التقرير، بشأن طبيعة تفكير الشرطة.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان