محللان يكشفان أسباب تعمد الاحتلال إطلاق النار على الوفد الدبلوماسي في جنين

قال محللان سياسيان للجزيرة مباشر إن إطلاق الاحتلال الإسرائيلي النار على وفد يضم دبلوماسيين أوروبين وعربا أثناء زيارته لمخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة كان “متعمدا”.
وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، نهاد أبو غوش، للجزيرة مباشر، أن ما يؤيد تعمد الاحتلال إطلاق النار على الدبلوماسيين هو الرواية الرسمية الإسرائيلية التي ادعت أن الوفد غيّر مساره، وأنه دخل إلى “منطقة قتال”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمادلين في غزة تخاطب مادلين في البحر: أحلم برؤيتكم بعد فك الحصار (فيديو)
ترامب يهدد “أبل” والاتحاد الأوروبي برسوم جمركية ضخمة
وسط انتقادات متزايدة للوضع في غزة.. قرار أوروبي جديد ضد إسرائيل
وقال أبو غوش إن هذا “تعبير كاذب ومخادع يوحي بأن ثمة حربا أو معارك بين طرفين مسلحين، بينما الحقيقة هي أن جيش الاحتلال ينفذ للشهر الثالث على التوالي جريمة تهجير وتطهير عرقي” في مخيم جنين.
وأضاف أبو غوش، أن “إسرائيل التي تدعي أنها تعرف كل ما يجري وحتى ما يدور في ذهن الشباب الفلسطيني على علم بزيارة وفد من 30 دبلوماسيا، خلافا للصحفيين والمرافقين، ولكنها باختصار لا تريد شهودا على جرائمها المستمرة، تماما كما تمنع لجان التحقيق الدولية والصحفيين الدوليين من دخول الأراضي المحتلة في وقت حساس تتراكم الشهادات الدامغة على جرائم الحرب التي تقترفها”.
وأوضح أن إسرائيل تدرك أن “هذا السلوك سوف يسبب لها الحرج ويزيد من الحملات الضاغطة عليها، لكنها تراهن على أن الزمن كفيل بمحو هذه الذكريات، والمهم الآن أن تواصل جهودها العسكرية لحسم الصراع سواء في الضفة أو في غزة، كما أنها حاليا تكتفي بالاعتذار وتقتل وترتكب الفظائع وتعتذر، وتستند إلى شبكة واسعة من العلاقات والمصالح التي تدافع عنها، في مقدمتها الولايات المتحدة وأنظمة اليمين المحافظ واليمين المتشدد في أوروبا (كما في المجر والتشيك وإيطاليا) وقد رأينا ذلك في مساعي بعض الدول الأوروبية للضغط على قضاة المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية”.
دلالة الاستهداف
وعن دلالة استهداف إسرائيل للوفد رسمي، ذكر أبو غوش أن إسرائيل لا تقيم وزنا لا للقانون الدولي ولا للمعاهدات والمواثيق، مشيرا إلى أن “من يرتكب جرائم الحرب وجرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، يهون أمامه ارتكاب جرائم أخف، وإسرائيل ما زالت تبتز أوروبا وخاصة ألمانيا، وسبق لحكومة الاحتلال أن منعت وفدا برلمانيا أوروبيا كبيرا من دخول الأراضي المحتلة، وأعادتهم من مطار اللد، لكن المشكلة أن الدول الأوروبية تصمت على مثل هذه الإهانات لممثليها وما زالت تعامل إسرائيل كدولة مدللة، بجوز لها ما لا يجوز لغيرها”.
وتابع “لهذا تتصرف إسرائيل كدولة مارقة فوق القانون، وهي مهما فعلت فهي في منأى عن أي مساءلة أو محاسبة، وخصوصا مع الدعم الأمريكي المطلق ودعم قوى اليمين الأوروبي”.
رد متوقع
ويرى أبو غوش أن “هذه الواقعة هي انتهاك يضاف إلى سلسلة طويلة من الانتهاكات الإسرائيلية، يمكن أن يفضي إلى تغيرات جدية في العلاقات الدبلوماسية”، لكنه قال إنه “من الواضح أن أوروبا منقسمة حاليا، إذ تتخذ مجموعة من الدول مواقف إيجابية متقدمة مثل إسبانيا وأيرلندا والنرويج وسلوفينيا، بينما تتصرف دول أخرى كعملاء لإسرائيل مثل التشيك والمجر ويحبطون أي قرار يتخذه الاتحاد الأوروبي”.
وأضاف أن هناك تحولات إيجابية في الموقف الفرنسي، وهناك دول تتحرك ببطء في اتجاه اتخاذ مواقف تنسجم مع القانون الدولي ومبادئ العدالة والإنصاف، لكن “المشكلة أن آلة الحرب والقتل أسرع من التحركات السياسية والقانونية”، على حد قوله.
وأردف “لكن بشكل عام هناك تحركات جدية ومؤثرة في الشارع، وهناك تحركات سياسية ناجمة عن إدراك أن إسرائيل تجاوزت كل الحدود، وأن مواصلة السكوت عليها سيشجعها على مواصلة ارتكاب التجاوزات وجرائم الحرب، وهم يدركون أن هذا الحالة قد ينجم عنها تداعيات خطيرة يمكن أن تؤثر على أوروبا نفسها. كما أن وجود دولة مارقة كإسرائيل سيشجع دولا أخرى على ارتكاب انتهاكات مماثلة”.
التعتيم على انتهاكات إسرائيل
وفي تعليقه على الواقعة، قال الباحث السياسي الفلسطيني، محمد القيق، إن الاحتلال الإسرائيلي استهدف الوفد الدبلوماسي كي لا يصل إلى مخيم جنين، لافتا إلى أن إسرائيل تدرك أن الوفد إذا دخل المخيم ستزيد التقارير الدولية التي تدين سياسات الاحتلال، لاسيما أنه يبرر مجازره في غزة بحجة ملاحقة المقاومة، أما في جنين ستنكشف سياسات وقتل وتهجير الفلسطينيين.
واعتبر القيق، في تصريحات للجزيرة مباشر، أن اعتداء إسرائيل على الوفد الأوروبي جاء ردا على القرارات الأخيرة التي رفضت سياسات حكومة نتنياهو بالقتل والتجويع في غزة، موضحا في الوقت ذاته أن أوروبا تريد إيصال رسالة إلى الولايات المتحدة أنها ستتخلى عن إسرائيل (مؤقتا) كما تخلت أمريكا عن أوكرانيا في حربها ضد روسيا، فضلًا عن هدف منع إسرائيل من التوسع على حساب تهجير السوريين إلى أوروبا، على حد تعبيره.
واعتبر القيق أن اتخاذ بعض الدول الأوروبية مواقف قوية ضد إسرائيل سيعطي الجرأة لبعض الدول الأخرى لاتخاذ مواقف مماثلة، وخصوصا في ظل توتر العلاقات الأوروبية مع الولايات المتحدة على إثر أزمة أوكرانيا بالإضافة إلى حالة الخذلان التي يرونها من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي فتح قناة اتصال مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على حساب أوروبا.