زلزال المتوسط وشبح “تسونامي”.. مصر تترقب هزات إضافية والإسكندرية في مرمى التغيرات المناخية

مباني الإسكندرية مهددة بالتآكل
مباني الإسكندرية مهددة بالتآكل

عبر محركات البحث المختلفة تبحث قطاعات من المصريين عن كلمات مفتاحية من عينة “حزام الزلازل” و”التغيرات المناخية” و”تسونامي”، وذلك على خلفية تعرض البلاد خلال الأيام القليلة الماضية لهزتين أرضيتين لم يفصل بينهما سوى أيام عدة.

وقد شعر بالزلزالين قطاعات واسعة من المواطنين في مختلف المحافظات المصرية، من القاهرة الكبرى والدلتا وصولا إلى الإسكندرية وباقي السواحل الشمالية على البحر المتوسط حيث تتضاعف المخاوف.

“تسونامي” قلق

وكان مركزا الزلزالين جنوب جزيرة كريت في اليونان وعلى بعد مئات الكيلو مترات من الأراضي المصرية، لكن قوتهما النسبية، التي تجاوزت 6 درجات على مقياس ريختر، كانت كافية لإثارة موجة من القلق.

وقد ربطت دراسة نشرتها جامعة تسوكوبا والمعهد الوطني للعلوم الصناعية والتكنولوجيا باليابان في مارس/آذار الماضي بشكل مباشر بين التقلبات المناخية وزيادة النشاط الزلزالي وتزايد الضغط على السواحل.

غير أن العالم المصري والباحث في علوم الأرض بوكالة (ناسا) الأمريكية عصام حجي، حذّر في حديثه للجزيرة مباشر، من أن تقلبات المناخ تمثل تهديدا جديا للمناطق الشمالية بمصر، وتحديدا مدينة الإسكندرية، موضحًا أنه لا يمكن التنبؤ بموعد الزلازل المقبلة، لكن يمكن معرفة مناطق تركزها وقوتها.

وقال حجي إنه طبقا لدراسة شارك فيها مع باحثين من جامعات ميونيخ التقنية والإسكندرية وكولومبيا وكاليفورنيا وأشرفت عليها وكالة (ناسا)، ونشرتها مجلة علوم الأرض والفضاء والأمريكية، وجاءت ضمن أهم 100 بحث نشر في المنصات العلمية هذا العام، فإن زلازل البحر المتوسط تهدد بحدوث موجات مد “تسونامي” تعرضت لها الإسكندرية قديما ووصلت سواحل ليبيا وتونس.

واعتبر حجي أن الخطورة تكمن في أن السواحل أقل جاهزية حاليا، موضحا أن الإسكندرية كانت قبل نحو ألف عام أفضل جاهزية ووعيا، حيث كان بالخلف منها كتلة من اليابس الفارغ، أما حاليا، وفي ظل المد العمراني، أصبح البحر المتوسط أمامها وبحيرة مريوط وتكتل سكاني كبير من خلفها، بما يهدد بمخاطر عالية.

أجهزة محافظ الإسكندرية تحاول إنقاذ الشواطئ من هجوم البحر
أجهزة محافظة الإسكندرية تحاول إنقاذ الشواطئ من هجوم البحر

“الخطورة تتحقق بزلازل صغيرة متكررة”

وبينما أصدر المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل، يوم الخميس الماضي، تحذيرا من احتمال حدوث موجات مد عاتية على الساحل اليوناني، قال حجي إن موجات “التسونامي” قد لا تحدث بالصورة الهولويودية المدمرة، ولكن في شكل موجات صغيرة متكررة مع عواصف تدفع المياه المالحة نحو الشاطئ بشكل أكبر، وتشكل موجات من الضغط على الشريط الساحلي وتزيد ملوحة المياه الجوفية وترفع منسوبها بما يهدد العقارات بالانهيار.

وأشار حجي إلى أن الدراسة التي أجراها تكشف وجود نحو 7 آلاف مبنى مهدد بالانهيار في الإسكندرية، موضحا أن المعدل كان مبنى واحدا في العام ووصل أخيرا إلى 40 مبنى سنويا، بسبب تدهور نوعية المياه وتراجع صلابة التربة والتغير المناخي، وأضاف “الخطورة تتحقق بزلازل صغيرة متكررة”.

الإسكندرية “حالة فريدة”

كما ذكر أن “الإسكندرية حالة فريدة وضعيفة ومهشمة وليست مهددة بالغرق فقط، ولكنها معرضة للتآكل نتيجة تلك التغييرات”، موضحا أن هدف البحث ليس إثارة الفزع ولكن التنبيه لحاجة مصر للدعم الدولي.

وأضاف حجي “تكلفة إصلاح المباني المائلة قد تصل الى 7 مليارات دولار يمكن لمصر أن تطالب بها كدعم مالي وتفني”، كما طالب بتعديل طريقة التفكير في مواجهة التغيرات الحالية “بما يحمي بلادنا وليس أن ندير ظهورنا له”.

في المقابل نشرت صحف محلية العديد من رسائل الطمأنة على لسان رئيس مركز أبحاث الزلازل شريف عبد الهادي استنادا إلى بعد مركز الزلازل في جزيرة كريت عن الأراضي المصرية بحوالي 420 كيلو مترا قائلا: “هي مسافة آمنة لا تستدعي القلق”، كما شدد المعهد القومي للبحوث الفلكية في رسائل مماثلة على أن “التنبؤ بالزلازل يمثل تحديا كبيرا رغم التقدم العلمي”.

انهيار وتصدع المباني القديمة في القاهرة بات ظاهرة متكررة
انهيار المباني القديمة وتصدعها في القاهرة بات ظاهرة متكررة (الجزيرة مباشر)

اتساع دائرة الخطر

وبينما تعرف جزيرة كريت والمنطقة المحيطة بها بأنها من أكثر المناطق عرضة للنشاط الزلزالي في أوروبا، حذر أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة عباس شراقي، في تصريحات للجزيرة مباشر، من اتساع دائرة انتشار الموجات الزلزالية، مع وقوع هزات متكررة بشرق المتوسط وسواحل اليونان قبالة السواحل المصرية.

ورأى شراقي أن ارتفاع مياه البحر وصولا إلى حدوث “تسونامي” أمر ضعيف حتى الآن، ويرتبط بحدوث زلازل قوية جدا، وهو “أمر نادر”، كما أوضح أن “التسونامي” يحتاج قوة أكبر، وأن يكون الزلزال ناتجا عن انزلاقات قوية للصفائح التكتونية، وأن يكون مركزه قريبا من سطح الأرض.

وذكر أستاذ الجيولوجيا أن نحو 90% من الزلازل تتركز بمنطقة شرق المتوسط عند التقاء الصفائح التكتونية، حيث يوجد الفاصل بين الصفيحة الإفريقية والأوروآسيوية وهي منطقة زلازل يومية تتراوح بين درجتين و4 درجات.

كما أشار شراقي إلى أن الهزات الأخيرة التي شعرت بها مصر كان مركزها على عمق كبير نسبيا بالنسبة للبحر المتوسط (76 كيلو مترا)، مما خفف من تأثيرها، موضحا أنه أحيانا ما يحدث “تسونامي” بعد زلازل أكبر من 6.5 درجات.

ولفت شراقي إلى أن زلزال تركيا الشهير الذي وقع في فبراير/شباط 2023 كان بقوة 7.8 درجات، بينما وقع أشهر وأقوى زلازل المتوسط في يوليو/تموز سنة 365 ميلادية بقوة 8.5 درجات بالقرب من الساحل الغربي لجزيرة كريت، وأعقبه “تسونامي” ضخم تسبب في دمار واسع النطاق في جميع أنحاء شرق المتوسط.

ويوصف البحر المتوسط بأنه منطقة نشطة جيولوجيا نتيجة اصطدام قارات إفريقيا وأوروبا وغرب آسيا، ويرى خبراء أن هذا الاصطدام المستمر منذ 65 مليون سنة أسهم في تقليص مساحة البحر بينما تتحرك القارة الإفريقية بمقدار 2.5 سنتيمتر في السنة تحت الصفيحة الأوروبية بما يسبب زلازل متكررة.

وضربت تلك المنطقة موجات مد عاتية وصل طول بعضها إلى 13 مترا بالسواحل الأوروبية المطلة على حوض البحر المتوسط عام 1908، وكان سببها زلزال في البحر قبالة سواحل صقلية، ما تسبب في مقتل نحو ألفي شخص.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان