40 يوما على استشهاده.. والدة الزميل حسام شبات ورفقاؤه يستذكرون أبرز مواقفه (فيديو)

في بيت يلفه الحزن ويخنقه الصمت، جلست أم الصحفي حسام شبات، مراسل قناة الجزيرة مباشر، تسترجع ملامحه الأخيرة قبل استشهاده في غارة إسرائيلية استهدفته بينما كان يمارس عمله في تغطية العدوان على قطاع غزة.

وتزامن اليوم العالمي لحرية الصحافة مع ذكرى مرور 40 يومًا على رحيله، وكأن القدر اختار أن يخلّد اسمه في سجل من دافعوا عن الحقيقة حتى النفس الأخير.

تلميذ نجيب

تتحدث الأم بصوت مرتجف “حسام كان تلميذًا نجيبًا، أحب الصحافة منذ صغره، وكان يقول لي دومًا: أريد أن أصبح صحفيًّا كبيرًا، أنقل الصورة، وأوصل الحقيقة للناس”.

وتتابع “عندما بدأت الحرب، ذهبنا نحن إلى الجنوب، بينما أصر هو على البقاء في الشمال ليغطي المعاناة. كان يقول: لا يمكن أن أترك الناس وحدهم، أريد أن أعيش ما يعيشونه”.

لم يكن حسام ينقل الخبر فحسب، بل كان يعيشه بكل تفاصيله. تقول والدته إن ابنها عاش المجاعة، وتقاسم طعامه مع النازحين، وعاد في كثير من الليالي دون طعام أو نوم، لكنه لم يشكُ يومًا.

وتضيف والدموع تملأ عينيها “كنت أخاف عليه، لكنه لم يكن يخبرني عن حجم الخطر حتى لا يقلقني. لم أره في أيامه الأخيرة، ورأيت جثمانه فقط، وهذا أصعب شعور يمكن أن تختبره أم”.

الزميل حسام شبات مراسل قناة الجزيرة مباشر
الزميل الشهيد حسام شبات مراسل قناة الجزيرة مباشر

 

كل ما يشغل باله هو الناس

من جانبه، يقول أحمد كحيل -صديق حسام ورفيقه في التغطيات الميدانية- إن حسام لم يكن صحفيًّا عاديًّا، بل كان نموذجًا نادرًا في الإخلاص والتفاني. ويضيف “تعرفت عليه خلال الحرب، وعشنا تفاصيلها معًا. كان إنسانًا قبل أن يكون صحفيًّا. همه الأول كان الناس، كيف نساعدهم، كيف نوصل صوتهم، كيف نطعمهم ونعيد لهم الأمل”.

يروي أحمد كيف أن حسام لم يكن يتوقف عن طرح أفكار جديدة لمساعدة المدنيين، وكان يردد دومًا “أريد أن تنتهي الحرب، نعيد إعمار بيت حانون، نرجع الناس إلى بيوتها”.

كانت أمنيته أن يرى والدته بعد غياب دام عامًا ونصف العام بسبب الحرب، وقد تحققت تلك الأمنية أخيرًا بعد اتفاق لوقف إطلاق النار، إذ التقيا في ليلة مؤثرة لم تصمد أمامها دموع الفرح والحنين، لكن الفرحة لم تكتمل. فبعد أيام، استشهد حسام وهو يواصل رسالته في تغطية الجرائم الإسرائيلية.

حسام شبات يحاور طفلة في غزة

 

مهنا: كنا نرى الموت يوميًّا

ويستذكر زميله محمد مهنا، الذي رافقه طيلة 16 شهرًا من العمل تحت النار، بعضًا من المحطات الصعبة التي واجهها مع حسام، قائلًا “كنا نرى الموت في كل مكان، لكن حسام كان يصر على أن الصورة يجب أن تُنقل مهما كان الثمن. حتى في أخطر المناطق التي عزف عنها الآخرون، كان يسبقنا بشجاعته”.

ويتابع “في إحدى المرات كنا نغطي مجزرة في منطقة الصبرة، وكنا الصحفيَّين الوحيدَين هناك. رافقنا طواقم الإسعاف والدفاع المدني، وبينما كنا نصور جثث الأطفال والنساء تحت الأنقاض، سقط صاروخ آخر من طائرة استطلاع، فأصيب حسام حينها. كانت لحظات لا تُنسى”.

وفي ذكرى الأربعين لاستشهاد حسام، قال محمد “هذا اليوم ليس فقط لتذكُّره، بل لتوثيق تاريخه المهني والإنساني. حسام لم يكن مجرد صحفي، بل شهيد الكلمة، عاش من أجل الحقيقة، واستشهد من أجلها”.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان