“ثورة صامتة” تبدأ في ميشيغان.. هل يكتب العرب الأمريكيون تاريخا انتخابيا جديدا؟

بين الإحباط من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وتزايد القلق من سياسات الهجرة والتمييز، تشهد مدينة ديربورن في ولاية ميشيغان الأمريكية –التي تُعد واحدة من أكبر التجمعات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة– تحولا سياسيا لافتا مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وسط دعوات متصاعدة للبحث عن بدائل سياسية تمثل العرب والمسلمين بشكل فعلي.
من التصويت لترامب إلى خيبة الأمل
في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، فاز دونالد ترامب بنسبة 42.48% من أصوات ديربورن، متقدما على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس التي حصلت على 36.26%.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالناشط الفلسطيني محمود خليل يطالب بـ20 مليون دولار تعويضا من إدارة ترامب
موازنة ترامب تمول أكبر عملية ترحيل للمهاجرين في تاريخ أمريكا.. إليك التفاصيل
ماذا تعرف عن “سجن التماسيح” لاحتجاز المهاجرين في فلوريدا بالولايات المتحدة؟
وقد جاء هذا التحول بعد 20 عاما من التصويت التقليدي للحزب الديمقراطي، مدفوعا بخيبة أمل الشارع العربي من تجاهل قضاياهم، خاصة العدوان على غزة، بحسب ما أوضحه أسامة السبلاني، رئيس تحرير صحيفة “ذي أراب نيوز” في المدينة.
وقال السبلاني “طلبنا مرارا لقاء هاريس، لكنها تجاهلتنا، فاختار العرب ترامب نكاية بها، على أمل أن يكون رجل سلام، لكننا الآن أمام حربين، ومزيد من التهميش”، في إشارة إلى التصعيد في غزة، وسياسات الإدارة الحالية.

“طلاق سياسي” جديد
لكن، وبعد أشهر فقط من بدء ولاية ترامب الثانية، تفاقم الغضب العربي في ديربورن، نتيجة لما اعتُبر “نكثا للوعود”، وخاصة تلك المتعلقة بإنهاء الحروب وسياسات الهجرة.
أمير مقلد، المحامي الأمريكي من أصل لبناني، أكد أن ترامب “كان أول مرشح رئاسي يزور ديربورن”، لكنه بدلا من تنفيذ وعوده، “أعادنا إلى نقطة الصفر”، منتقدا القرارات التي وصفها بـ”العنصرية والتمييزية”، ومنها حظر دخول مواطني 12 دولة، من بينها اليمن وليبيا وإيران وأفغانستان.
وقال مقلد إنه تعرض شخصيا للتحقيق في المطار رغم كونه مواطنا أمريكيا، “فقط لأنني أدافع عن طلاب شاركوا في مظاهرات داعمة لفلسطين“.

الخروج من اللعبة
في المقابل، يتمسك بعض القادة العرب الأمريكيين داخل الحزب الجمهوري بمواقف أكثر براغماتية.
سام العصري، نائب رئيس الحزب الجمهوري المحلي، ورئيس المؤسسة اليمنية الأمريكية للعمل السياسي، قال “نحن نعمل من الداخل، ونجحنا في تعيين شخصيات عربية في مناصب مهمة، ونبني لوبيا عربيا إسلاميا فاعلا أقوى من أي وقت مضى”.
وفيما يتعلق بقرار الحظر، يرى العصري أن الغاية ليست المنع وإنما دفع الدول لتحسين آليات التدقيق الأمني، مشيرا إلى أن الحكومة أعطت مهلة 60 يوما قبل توسيع قائمة الحظر التي قد تشمل 36 دولة إضافية، وفق تقارير إعلامية.
وأضاف “نحن هنا لنوضح الموقف، ونؤثر من الداخل، لا نبكي ولا نشتكي فقط. هكذا تُلعب السياسة”.

نحو مرشح مستقل
وسط هذا الانقسام، تبرز دعوات متزايدة داخل المجتمع العربي الأمريكي في ديربورن لدعم مرشح مستقل في الانتخابات المقبلة، سواء لعضوية الكونغرس أو منصب حاكم ولاية ميشيغان، في محاولة للخروج من فلك الحزبين الكبيرين.
ورغم محدودية فرص المستقلين في النظام الانتخابي الأمريكي، يرى السبلاني أن “الفراغ السياسي في تمثيل العرب، وفقدان الثقة بالحزبين، قد يدفع نحو استثناء تاريخي”، خاصة في ولاية متأرجحة مثل ميشيغان، تلعب أدوارا حاسمة في رسم مستقبل الرئاسة الأمريكية.
انتخابات نوفمبر المفصلية
وتُجرى انتخابات نوفمبر 2026 لاختيار 33 عضوا في مجلس الشيوخ، و435 نائبا في مجلس النواب، إلى جانب 36 حاكم ولاية، من بينهم حاكم ولاية ميشيغان التي تتجه الأنظار إليها مجددا، وسط ترقب من الجالية العربية لمدى قدرتها على تشكيل كتلة تصويتية مؤثرة تفرض أجندتها السياسية.
وبين خيبة أمل، وتمسك بالعمل من الداخل، وتطلع لمستقبل خارج المعادلة التقليدية، تقف ديربورن عند مفترق طرق سياسي، قد يُعيد تعريف العلاقة بين العرب الأمريكيين وصنّاع القرار في واشنطن.