الوداد البيضاوي.. هل يصنع المستحيل في مونديال الأندية؟

قبل ثلاثة أسابيع تقريبا من انطلاق بطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم 2025 التي تنظمها الولايات المتحدة الأمريكية، رفع فريق الوداد البيضاوي المغربي درجات التأهب، استعدادا لخوض المنافسات ضمن المجموع السابة التي تضم أندية مانشستر سيتي الإنجليزي، يوفنتوس الإيطالي، والعين الإماراتي.
ورغم الواقع المعقد الذي يعيشه الفريق، فإن التحضيرات والانتدابات الأخيرة، إلى جانب إرث الوداد وتاريخه العريق، يبقي بصيص الأمل في تحقيق إنجاز حاضرا.
تحضيرات متأخرة.. ورؤية غائبة منذ البداية
حين يتعلق الأمر بالتحضير لمنافسة بحجم كأس العالم للأندية، فإن التوقيت والاستمرارية يصنعان الفارق. وهو ما لم يتحقق، بحسب آراء معظم المحللين، في الحالة الودادية.
يرى المحلل الرياضي محمد المغمودي أن “الفريق مرّ بموسم صعب على كل المستويات: إداريا، وفنيا، وذهنيا”، موضحا أن التخبط في التسيير انعكس على أداء اللاعبين، ما حال دون بناء مشروع تنافسي يمتد إلى ما هو أبعد من الدوري المحلي.
ويؤكد ذلك أيضا المدرب الوطني المغربي عييس إدريس، الذي أبدى أسفه على ما وصفه بـ”الغياب الكلي لخطة تحضيرية خاصة بالمونديال”، مشيرا إلى أن الوداد لم يبدُ في أي لحظة كأنه يعدّ العدة لهذا الحدث العالمي، بل دخل إليه “بكل ما تراكم من فوضى، وتذبذب، وأزمات”.
ويجمع الاثنان أن الفريق افتقر إلى لحظة البناء الحقيقي، وأن ما حصل من تغيير على رأس الطاقم الفني –بإقالة المدرب الجنوب إفريقي رولاني موكوينا وتعيين المغربي محمد أمين بن هاشم– هو أقرب إلى محاولة إنقاذ متأخرة منها إلى مشروع واضح.
وبحسب المغمودي، فإن “المشاركة ستكون أقرب إلى استئناس رمزي منها إلى منافسة فعلية”، خاصة في ظل انعدام التحضير الذهني والبدني الكافي لمقارعة عمالقة بحجم السيتي واليوفي.
تغييرات فنية.. بين أمل الجماهير وواقعية الميدان
قرار تعيين محمد أمين بن هاشم جاء بعد تجربة لم تدم طويلا مع موكوينا، الذي استُقدم في محاولة لاستنساخ تجربة موسيماني مع الأهلي المصري. لكن المقارنة انقلبت ضد الوداد، وفق ما قاله الإعلامي الرياضي محمد صباغ، حيث “تراجع الأداء بشكل ملحوظ، وافتقد الفريق هويته على المستطيل الأخضر”.
ويؤكد صباغ أن المشكل لم يكن فقط في شخص المدرب، بل في “البيئة غير المستقرة المحيطة بالفريق، من نتائج متذبذبة إلى غياب الثقة بين الإدارة والجماهير”. وهو ما يجعل مهمة بن هاشم صعبة، إن لم تكن مستحيلة، خاصة في توقيت حرج كهذا.
وذهب المدرب عبيس إدريس إلى أبعد من ذلك في تشخيصه الفني، حيث يرى أن “غياب الخبرة الدولية لدى عدد من اللاعبين لن يساعد المدرب على تقديم الأداء المرجو”، مشيرا إلى أن اللعب ضد أندية عالمية يحتاج إلى أكثر من الحماس، بل إلى تجارب سابقة، وقدرة على قراءة المباراة داخل وخارج المستطيل.

الصفقات الجديدة.. بين ترميم اللحظة واستثمار المستقبل
في ظل هذه الظروف، لجأت إدارة الوداد إلى تعزيز الصفوف ببعض التعاقدات السريعة، أبرزها ضم نور الدين أمرابط، النجم المغربي المخضرم، إضافة إلى عزيز كي من يانغ أفريكانز التنزاني، وحمزة هنوري من الفتح المغربي.
لكن هذه الصفقات، على أهميتها، لا تُعد كافية لإحداث الفرق، بحسب رأي المغمودي الذي أشار إلى أن “التحرك في السوق جاء متأخرا، وفي لحظة كانت تفرض انسجاما لا تجريبا”.
أما المفارقة التي سلط عليها صباغ الضوء تمثلت في “الحديث الإعلامي عن محاولة ضم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو أو مدافع السيتي السابق بنجامين ميندي”، واعتبر ذلك -إن صح- استعراضا إعلاميا أكثر منه توجها فنيا واقعيا.
وأضاف: “لاعب مثل رونالدو يحتاج لمنظومة ناجحة كي يبرُز، وليس لفريق يبحث عن تماسكه الأخير قبل البطولة”.
مجموعة الموت.. واختبار غير مسبوق في تاريخ النادي
على مستوى المنافسة، فإن المجموعة التي أوقعت الوداد مع مانشستر سيتي، ويوفنتوس، والعين الإماراتي، تُعد -بالإجماع- “الأصعب لأي نادٍ عربي أو إفريقي”.
يصف صباغ الجدولة الزمنية للمباريات بـ”القاسية”، مشيرا إلى أن “الوداد سيبدأ بمواجهة مانشستر سيتي، ثم يوفتوس، ويختم بالعين، وهو ترتيب يزيد الضغط الذهني والتكتيكي على الفريق”.
المغمودي أيضا يعتقد أن “مجرد التفكير في مجاراة هذه الأندية يبدو طموحا غير واقعي في ظل الظروف الحالية”، مضيفا أن “الجماهير تدرك ذلك، ولا تنتظر نتائج مبهرة بقدر ما تأمل في تمثيل مشرّف على الأقل”. ومع ذلك، ورغم سوداوية الصورة، لا يغيب صوت الأمل.
الجمهور لا يفقد الأمل.. و”وداد الأمة” لا يستسلم
في خضم هذا الواقع المعقّد، يبرز صوت الجمهور –ممثلا في الأمين لعدناني، عضو “التراس الوداد”– ليمنح جرعة من الإيمان رغم صعوبة المأمورية.
يقول الأمين: “صحيح أن السيتي واليوفي مرشحان على الورق، لكن لا يجب أن ننسى أن هذه النسخة جديدة على الجميع. من هذه الزاوية، الحظوظ متساوية. والوداد لم ولن يشارك لتأثيث المشهد، بل لرفع راية الفريق وتاريخه.”
ويضيف أن “النادي بصدد استقطاب لاعبين، وأن روح وداد الأمة لا تموت حتى في أصعب اللحظات”، وهو ما يعكس حالة وجدانية تميّز جماهير النادي، رغم مرارة التراجع الفني.