تراجع اقتصادي في سنوات الانقلاب الأربعة

ما يهم المواطن في المقام الأول هو استقرار أسعار السلع والخدمات، وهو الأمر الذي لم يتحقق رغم كثرة وعود الجنرال المصري به.
شهد الاقتصاد المصري خلال السنوات الأربعة المنقضية على الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013 ، تراجعا بالعديد من المؤشرات شملت قيمة الصادرات السلعية والخدمية وإيرادات السياحة، وتزايد الدين العام المحلي والخارجي، وانخفاض كمية الإنتاج من النفط الخام وإنتاج الغاز الطبيعي، وارتفاع نسبة التضخم وتراجع سعر صرف الجنيه المصري تجاه العملات الأجنبية، وتحول صافي الأصول الأجنبية –العملات– بالجهاز المصرفي من الأرصدة الموجبة إلى أرصدة سالبة، وتزايد قيمة العجز بالموازنة وارتفاع مخصصات فوائد الدين وأقساطه بمصروفات الموازنة.
وتراجعت قيمة الصادرات السلعية من 27 مليار دولار بالعام التي تولاه الرئيس محمد مرسي إلى 26 مليار دولار بالسنة الأولى للانقلاب، ثم تنخفض الصادرات بسنته الثانية الى 22 مليار دولار، وتواصل انخفاضها لأقل من 19 مليار دولار بسنته الثالثة ، ويتوقع بلوغها 21 مليار بالسنة الرابعة حسب نتائج الشهور التسعة الأولى من السنة.
وبلغت نسبة تغطية الصادرات السلعية للواردات السلعية بعام مرسي 47 % ، بينما انخفضت تلك النسبة بالسنة الثالثة للانقلاب الى 33 % فقط ، وهو ما تكرر مع بلوغ نسبة تغطية المتحصلات الخدمية للمدفوعات الخدمية 230 % بعام مرسي، لتنخفض النسبة بالسنة الثالثة للانقلاب إلى 168 % فقط . زيادة العجز التجاري
وتسبب تراجع الصادرات وزيادة الواردات في زيادة قيمة العجز بالميزان التجاري السلعي من 30.7 مليار دولار بعام مرسي لعجز بلغ 34.2 مليار بالسنة الأولى للانقلاب واستمر العجز بالارتفاع الى 39 مليار دولار بالسنة الثانية، لينخفض إلى 38.7 مليار دولار بالسنة الثالثة .
ويتوقع بلوغ العجز التجاري حوالى 36 مليار دولار بالسنة الرابعة من خلال نتائج الشهور التسعة الأولى من السنة ، بسبب تقييد الواردات السلعية من قبل البنك المركزي ووزارة التجارة ومصلحة الجمارك .
وفي التجارة الخدمية تراجعت الإيرادات من 22 مليار دولار بعام مرسي إلى 17.4 مليار دولار بالسنة الأولى للانقلاب، لترتفع إلى 21.8 مليار دولار بالسنة الثانية، لكها عادت للانخفاض إلى 16 مليار دولار بالسنة الثالثة للانقلاب، كما يتوقع بلوغها حوالى 15 مليار دولار بالسنة الرابعة من خلال نتائج الشهور التسعة الأولى بالسنة.
ويعود تراجع إيرادات الخدمات لانخفاض إيرادات السياحة وإيرادات الخدمات الأخرى بخلاف النقل والسياحة، حيث تراجعت إيرادات السياحة من 9.8 مليار دولار بعام مرسي إلى 5 مليارات بالسنة الأولى للانقلاب ثم زادت الإيرادات إلى 7.4 مليار دولار بالسنة الثانية؛ لكنها عادت للهبوط الشديد إلى 3.8 مليار دولار بالسنة الثالثة للانقلاب، وشهدت فترة الانقلاب للمرة الأولى في تاريخ السياحة المصرية زيادة قيمة مدفوعات السياحة الخارجة من مصر عن إيرادات السياحة الواردة، ويتوقع بلوغ إيرادات السياحة حوالي 4 مليارات دولار بالسنة الرابعة للانقلاب، في ضوء ما تحقق بتسعة شهور من السنة.
انخفاض إنتاج النفط والغاز
واستمر الدين العام المحلي في التصاعد بفترة الانقلاب ليصل إلى 3 تريليونات جنيه بنهاية مارس/آذار الماضي كآخر بيانات معلنة ، مقابل 1527 مليار جنيه بنهاية عام مرسى بزيادة 1552 مليار ، خلال 45 شهرا من عمر الانقلاب بنسبة نمو 102 % بمتوسط يومي 1.150 مليار جنيه ، ومع الاستمرار بالاقتراض فقد زاد الرقم حاليا .
أما الدين الخارجي فقد بلغ 67.3 مليار دولار بنهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، مقابل 43.2 مليار بنهاية عام تولي مرسي، ومع طرح سندات مصرية بنحو 7 مليارات دولار بالشهور الأولى من العام الحالي، يزيد الدين الخارجي لأكثر من 74 مليار دولار ، بخلاف قروض من جهات دولية وإقليمية.
وما يهم المواطن في المقام الأول هو استقرار أسعار السلع والخدمات، وهو الأمر الذي لم يتحقق رغم كثرة وعود الجنرال المصري به، حيث تسبب رفع أسعار الوقود لثلاث مرات في يوليو 2014 ونوفمبر/ تشرين الثاني 2016 ويونيو/ حزيران من العام الحالي، ورفع أسعار الكهرباء عدة مرات، وخفض سعر الجنيه مقابل الدولار أكثر من مرة، ورفع سعر الفائدة بالبنوك عدة مرات في حدوث موجة تضخمية، تسببت بتخطي معدل التضخم الرسمي الذي لا يلقى قبولا من كثير من الخبراء والمواطنين نسبة الـ30%، مقابل نسبة 9.8% لمعدل التضخم خلال عام تولى مرسي، كما بلغت نسبة التضخم للطعام والشراب 42 % بمايو الماضي مقابل نسبة 8.8% بعام تولى مرسى.
وانخفض الإنتاج من النفط الخام من 568 ألف برميل يوميا عام 2013، إلى 544 ألف برميل يوميا عام 2016، كما انخفض الإنتاج المسوق من الغاز الطبيعي من 56.2 مليار متر مكعب عام 2013 إلى 42.1 مليار متر مكعب عام 2016، رغم نمو الاستهلاك منهما مما زاد من الكميات المستوردة من النفط الخام والمشتقات والغاز الطبيعي.
وتحول صافي الأصول الأجنبية – العملات – بالجهاز المصرفي من حوالي17.6 مليار دولار بنهاية عام مرسي إلى رصيد سالب بنحو 2.5 مليار دولار بنهاية شهر مارس الماضي ، وهو العجز المستمر منذ عدة شهور.
كما زاد عجز الموازنة الكلي من حوالي 240 مليار جنيه بعام مرسي إلى 370 مليار جنيه كعجز بالسنة المالية 2017/2018 ، وارتبط بذلك بلوغ مخصصات فوائد الدين الحكومي المحلي والخارجي ، بالموازنة الجديدة 381 مليار جنيه مقابل 147 مليار بعام مرسي، وبلوغ أقساط الدين الحكومي بالموازنة الجديدة 265 مليار جنيه مقابل 71 مليار جنيه فقط بعام تولى مرسي.
المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه
