عندما يرتفع الجنيه ولا تنخفض الأسعار!

 

حيرة شديدة تنتاب المواطن المصري وهو يرى الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار الأمريكي خلال الشهور الأخيرة، بينما لا تنخفض أسعار السلع المستوردة، وعندما يسمع عن معدلات نمو بلغت 5.5 % مؤخرا بينما الركود يعم الأسواق.

 وعندما يقرأ أن معدل البطالة انخفض خلال الفصول الأخيرة حتى بلغ 8.1 % في الربع الأول من العام الحالي، بينما يرى جهات عمل عديدة تخفض من العمالة لديها بسبب الركود ومزاحمة الجيش للقطاع الخاص بالعديد من الأنشطة الاقتصادية.

يسمع عن زيادة الاحتياطي من العملات الأجنبية، لكنه يسمع أيضا عن زيادة مستمرة في الاقتراض الخارجي تفوق زيادة الاحتياطي، يسمع عن فائض بالميزان الأولى بالموازنة، بينما يرى استمرار الطرح نصف الأسبوعي لأذون الخزانة الحكومية، وأطروحات سندات الخزانة الدورية، يسمع عن تحسن تصنيف مصر الائتماني من قبل وكالات تصنيف دولية، بينما يسمع عن تراجع قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد.

وهكذا يصبح السؤال الرئيسي لدى غالبية المواطنين هل يصدق ما تردده وسائل الإعلام من إنجازات واشادات ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، أم يصدق واقع الحال الذي يعيشه من تدهور مستوى معيشته، نتيجة الغلاء الفاحش الذي طال كل السلع والخدمات من طعام وشراب وملابس وسكن وعلاج وتعليم ومواصلات واتصالات؟

معدلات فقر تتناسب مع الإنجازات!

وردد البعض فيما بينهم هل يمكن أن يفصل النظام الحاكم بين ما أعلنه من نتائج بالاستفتاء على التعديلات الدستورية التي تزيد من سطوة الحاكم والتي ذكرت أن 88.8 % من الناخبين وافقوا على تكبيل أنفسهم بتلك القيود المتعددة، وأن أكثر من 44 % ممن لهم حق التصويت قد شاركوا في الاستفتاء، بنسبة غير مسبوقة في التصويت في كافة الانتخابات التي جرت ما بعد ثورة يناير 2011!

فهل يمكن أن يتلاعب النظام الحاكم في نتائج الاستفتاء، بينما يلتزم الحياد في المؤشرات الاقتصادية التي يمكن أن تكشف عدم جدوى كثير من مشروعاته القومية؟ ولقد ساعد النظام الجمهور على تلقى الإجابة حينما نشرت إحدى الصحف الاقتصادية أن نتائج بحث الدخل والإنفاق الذي تم عام 2017، والمعنية بمعدلات الفقر في مصر، والتي كان من المقرر إعلان نتائجها في يناير/كانون الثاني الماضي، قد تم تأجيل إعلانها من قبل جهات عليا.

حيث طلبت تلك الجهات العليا من القائمين على البحث تعديل النتائج كي تتسق مع الإنجازات التي قامت بها الدولة، ورغم قيام القائمين على البحث بتعديل النتائج، فإن الجهات العليا قد طلبت تعديل النتائج للمرة الثانية  حتى تتسق مع الإنجازات.

  انخفاض مصطنع لسعر الصرف

وهكذا يتضح بجلاء أن من تدخل في تعديل بيانات الاستفتاء حسبما يريد، قد تدخل أيضا في بيانات الفقر لتكون حسبما يريد، كما تدخل أيضا في العديد من المؤشرات الاقتصادية، حيث يرى كثير من المصرفيين أن ارتفاع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار أمر مصطنع

ويتم بتوجيهات مباشرة من البنك المركزي، ومن لا ينفذ تلك التوجيهات من رؤساء البنوك فمصيره سيكون مثل رئيس البنك العربي الأفريقي، الذي تم إقالته رغم النتائج المميزة التي حققها خلال رئاسته للبنك وغيره من رؤساء البنوك الذين تم الاستغناء عنهم مؤخرا.

فنتائج ميزان المدفوعات المصري تشير الى عجز تجارى مزمن، وهناك عجز مستمر بالسنوات الأخيرة بميزان المعاملات الجارية، وأنه لولا القروض الأجنبية ومشتريات الأجانب لأذون وسندات الخزانة المصرية، لحقق الميزان الكلى للمدفوعات عجزا كبيرا، فكيف يمكن في ظل تلك العجوزات أن يرتفع الجنيه أمام الدولار؟ وإذا كان هناك وفرة في الموارد الدولارية كما يدعى المسؤولون فلماذا الاستمرار في الاقتراض الخارجي؟

كما أن الجميع يعرفون أن أرصدة الاحتياطي من العملات الأجنبية، مصدرها القروض الخارجية، بل إن البنك المركزي يستعين بالأرصدة الدولارية في البنوك الحكومية العامة لتحسين صورة الاحتياطي من العملات الأجنبية ليستمر بالارتفاع ولو بقيمة ضئيلة.

5.7 % نسبة البطالة بين الذكور                        

ويجيء الإعلان عن تراجع معدل البطالة الى 8.1 % خلال الربع الأول من العام الحالي، والإعلان أن نسبة البطالة بين الذكور تراجعت الى 5.7 % كما بلغت نسبة البطالة بالريف 6.9 %. وبهذه النتائج تكون نسبة البطالة بمصر أقل منها بدول أوربية بنفس التوقيت ، حيت بلغت أقل منه

نسبة البطالة 18.5 % باليونان و14 % بإسبانيا 10.2 % بإيطاليا و8.8 % بفرنسا.

كما كانت نسبة البطالة بين الذكور المصريين الرسمية، أقل منها في عشر دول أعضاء بالاتحاد الأوربي هي: إسبانيا وإيطاليا وفرنسا ولاتفيا وفنلندا وقبرص وكرواتيا وإنجلترا والسويد وليتوانيا وبلجيكا.   

وحتى تزول الدهشة إن طريقة حساب البطالة بمصر تتم من خلال عينة مكونة من أقل من 23 ألف أسرة كل ثلاثة أشهر، وفي الربع الأخير من العام الماضي كانت نسبة الاستجابة من تلك الأسر للمشاركة في البحث 89 %، أي تم البحث على حوالي 20 ألف أسرة، لتعمم نتائجه على كل المصريين فوق سن 15 سنة، ويعتبر مشتغلا وليس عاطلا من قام بالعمل لمدة ساعة واحدة بالأسبوع.   

وإذا كان إعلام النظام قد ركز على هبوط نسبة البطالة الى 8.1 % رسميا، وهو الحصر الذي تنفرد به جهة حكومية وغير مسموح لأية جهة أخرى بحثية القيام بحصر للبطالة، فقد أغفل الإعلام بعض البيانات الخاصة بالعمالة والتي تتعارض مع الزعم بتراجع البطالة.

 أقل عدد للمشتغلات في 12 عاما

 أولها أن قوة العمل في مصر والتي تعبر عن جميع الأفراد في سن 15 سنة فأكثر، ويساهمون بجهدهم في أي نشاط اقتصادي ويضاف إليهم من يقدرون على العمل ويرغبون فيه ويبحثون عنه ولا يجدونه، أي أن قوة العمل تضم المشتغلين والعاطلين معا.

فقد أشارت البيانات الحكومية أن قوة العمل بلغت في مارس من العام الحالي 27 مليون و968 ألف شخص، بنقص مليون و218 ألف شخص عنها في مارس من العام الماضي، بل وأقل عما كان عليه عددها في مارس/آذار 2107 بنحو 1.181 مليون شخص، بل وأقل عما كان عليه عددها في مارس/آذار 2016 أي منذ ثلاث سنوات بنحو 471 ألف شخص.

كذلك كان عدد المشتغلين في مارس من العام الحالي أقل من عددهم في مارس/آذار من العام الماضي بنحو 391 ألف شخص، وكانت الزيادة في عدد المشتغلين ما بين مارس 2017 ومارس/آذار من العام الحالي 55 ألف شخص فقط خلال عامين، رغم الحديث عن المشروعات القومية واستيعابها آلاف الشباب، ورغم معرفة الجميع أن غالب فرص العمل التي توفرها تلك المشروعات مؤقتة.

وكان النقص أكثر وضوحا بالعمالة النسائية حيث بلغ عدد المشتغلات من الإناث في مارس من العام الحالي 4 مليون و91 ألف أنثى، وهو عدد أقل مما كان عليه ليس فقط في مارس/آذار من العام الماضي أو من العام الأسبق، بل أقل مما كان عليه عدد المشتغلات عام 2007 أي قبل 12 عاما.

وفي ظل الدولة البوليسية لم نسمع صوتا للمجلس القومي للمرأة أو للبرلمانيات أو الإعلاميات، عن تراجع عدد المشتغلات من النساء لأدنى مستوى خلال12 عاما، رغم تزايد الحاجة للعمل لدى النساء للمساعدة في مواجهة الغلاء داخل الأسر وتدبير مستلزمات الزواج للفتيات.

مؤشر آخر اتجه للتراجع في مارس/آذار الماضي، وهو معدل المساهمة في النشاط الاقتصادي من جملة السكان البالغين 15 سنة فأكثر، والذي انخفضت نسبته الى 41.6 % مقابل نسبة 44.3 % في مارس/آذار من العام الماضي، و45.8 % في مارس/آذار من عام 2017.

 

 

                     

                       تراجع عدد العمالة النسائية المصرية    – مليون –         

السنة

عدد قوة العمل من الإناث

عدد المشتغلات من الإناث

مارس 2019

5.043   مليون

4.091  مليون

مارس 2018

6.610

5.156

مارس 2017

6.675

5.025

مارس 2016

6.553

4.872

مارس 2015

6.478

4.878

مارس 2014

6.408

4.818

مارس 2013

6.169

4.627

مارس 2012

6.086

4.640

مارس 2011

5.973

4.671

مارس 2010

6.172

4.818

نهاية 2009

5.943

4.578

نهاية 2008

5.532

4.466

نهاية 2007

5.692

4.634

نهاية 2006

5.111

3.884

 

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه


إعلان