قرار السيسي بتهجير سكان سيناء جريمة حرب
عندما تمعن النظر في سياسات السيسي بسيناء منذ توليه مقاليد الحكم، ستدرك أنه يريد إيصال رسالة لأهالي سيناء مفادها ” عليكم أن ترحلوا عن سيناء “
صدر قبل يومين القرار الجمهوري رقم 330 لسنة 2019 والخاص بتطوير وتوسعة ميناء العريش بشمال سيناء وشمل القرار ضم الأراضي المحيطة بالميناء له ومساحتها 371 فدان بما يعني تهجير ما بها من سكان.
ويعتبر هذا القرار الثالث من نوعه والذي يستهدف تهجير سكان شمال سيناء، بعد قرار المنطقة العازلة والتي امتدت بعمق خمسة كيلو مترات بمحاذاة الشريط الحدودي مع قطاع غزة، الأمر الذي ترتب عليه تهجير عشرات الالاف من سكان مدن رفح والشيخ زويد والقرى التابعة لهما وإزالة ما عليها من مساكن ومزارع، أما القرار الثاني فكان بزعم تأمين حرم مطار العريش، بينما قامات قانونية ودستورية بعضها أشرف على الدستور عام 2012 أكدت عدم دستورية قرارات السيسي في سيناء، وهنا بالتفصيل سنبين لماذا.
تنص المادة 64 من دستور العام 2012 والمعدل سنة 2014 على أنه ” يحظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم”.
ولكي نقف على التهجير القسري المقصود من المادة لابد من الوقوف على معنى التعسف، لأن عدم وجود تعسف ينفي عن التهجير صفة الجريمة إذا وجدت مبررات مقبولة، فضلا عن عدم إساءة استخدام السلطة في التنفيذ أو تجاوز المبررات ووجود حالة من الاضطرار وعدم وجود بدائل، وفي جميع الأحوال فإن السلطة ملتزمة بتعويض المهجرين تعويضا عادلا يجبر الضرر.
وبإسقاط ذلك على واقع التهجير الذي مارسته سلطة السيسي في سيناء منذ عام 2014 والمستمر حتى اليوم، سندرك أن سياسته في التهجير جريمة حرب مكتملة الإركان، يعاقب عليها نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية.
فعندما شرعوا في إنشاء المنطقة العازلة، اجتمعوا بمشايخ سيناء وأخبروهم أنها بغرض القضاء على الأنفاق للحفاظ على حدود مصر لحماية الأمن القومي، وأنهم في حاجة لإخلاء كيلو متر واحد بمحاذاة الشريط الحدودي مع غزة.
وقد حاول الحقوقيون المحسوبون على نظام السيسي من أمثال حافظ أبو سعدة نفي التعسف عن تهجير أهالي شمال سيناء في بادئ الأمر على اعتبار أن التهجير له مبررات تنفي اعتباره قسريا تعسفيا.
و بتحليل المبررات التي يسوقها نظام السيسي، سنجد أن الأنفاق كانت موجودة منذ عهد الرئيس الأسبق مبارك وقد رفض علنا القيام بإغلاقها باعتبارها متنفسا لأبناء قطاع غزة نتيجة الحصار المفروض عليهم، و بالتالي فإن مبرر نظام السيسي بأنها لحماية الأمن القومي أمر جديد، و إذا اعتبرنا أنه عقب ثورة 2011 أصبحت هذه الأنفاق تمثل تهديدا له، و أن هناك ضرورة لإغلاقها، فإن مسافة كيلو متر واحد بمحاذاة الحدود كانت كافية جدا لهذا الغرض، لكن تجاوز المسافة إلي عمق 5 كيلو مترات يعني أن هناك تعسفا في التنفيذ وتجاوزاً للغرض من إغلاق الإنفاق بما يعني النية لاستهداف تهجير فئة من الشعب الأصلي للمنطقة.
وما يؤكد أن التهجير هو سياسة ممنهجة، استخدام السيسي ذريعة هجوم تنظيم الدولة على مطار العريش، في إصدار قرار بتوسعة حرم المطار الأمر الذي ترتب عليه نزع ملكية أراضٍ واسعة من السكان، رغم أن المطار مهمل وغير مستخدم كثيرا، حتى بات الكثيرون يشككون في أن كلا من تنظيم الدولة والسيسي يعملون على غرض واحد وهو تهجير السكان، فهي تقدم المبرر ليستغله السيسي كذريعة.
و اخيرا أصدر السيسي قراره بتوسعة و تطوير ميناء العريش الذي سيترتب عليها إزالة أحياء سكنية بكاملها لأجل ذلك الغرض على الرغم من الترويج قبل عام بإن ذلك لن يحدث وأن الميناء سيتم نقله إلي الكيلو 17 ما يعني توافر بديل أوفر لكن السيسي دائما يختار القرار الذي سيترتب عليه التهجير لأنه سياسته الأصلية، ومما يؤكد ذلك أيضا قيامه بهدم بعض البيوت و تسويتها بالأرض بحجة أن الأسر التي تقطنها من بينها مطلوبين أمنيا، و لا توجد دولة في العالم تقوم بهدم بيوت مواطنين تحت هذه الذريعة، إلا إذا كانت ممارسات احتلال يستهدف تغييرا ديموغرافيا.
ويعتبر قرار السيسي قبل يومين بشأن توسعة وتطوير ميناء العريش تأكيد على وجود علاقة مباشرة بين قرارات التهجير وبين صفقة القرن، فتطوير ميناء العريش يعتبر أحد بنود الصفقة وفق ما أعلن مؤخرا حيث شملت دعم توسعة موانئ وحوافز تجارية لمركز التجارة المصري قرب قناة السويس.
والسيسي هو أول من أطلق مصطلح صفقة القرن خلال لقائه بالرئيس الأمريكي وأكد دعمه لها، لكنه لم يخبرنا بماهيتها، وعندما سئل بعد ذلك تملص من الأمر وقال إنه مصطلح إعلامي، ما يؤكد إخفاءه الحقيقة عن الشعب وممارسته للتدليس والخداع.
عندما تمعن النظر في سياسات السيسي بسيناء منذ توليه مقاليد الحكم، ستدرك أنه يريد إيصال رسالة لأهالي سيناء مفادها “عليكم أن ترحلوا عن سيناء” ، فربما عجزه عن الحفاظ على الآمن متعمد لأنه رفض مبادرات أهالي سيناء لحفظ الأمن، فانعدام الأمن جزء من خطته لإجبار السكان على الرحيل، فهو يريد أن يقول لنا إنها “لم تعد آمنة و عليكم أن تنجوا بحياتكم “، و قد كذبت كل وعوده منذ توليه الحكم بشأن فرض الأمن بسيناء، كما أنه تحت ذريعة الحفاظ على الأمن يعمل على تضييق الحياة على السكان من خلال تقييد حرية التنقل وانتهاك الخصوصية كما مارس الاعتقال بشكل واسع حتى طال 70 % من السكان، و ذلك بخلاف القتل العشوائي الذي يمارسه جنوده.
وما يؤكد أن التهجير سياسة ممنهجة، قراراته المتتالية تحت مزاعم الحفاظ على الأمن أو المنفعة العامة، فهو يريد أن يقول لسكان سيناء: إنكم جميعا مهجرون محتملون، ولا يوجد هنا أمان لملكيتكم، والدليل على استهدافه أمان الملكية مطالبته لأبناء سيناء بإثبات جنسيتهم المصرية لتقنين أملاكهم من دون وجه حق، إن الوجه الأخر لهذه المطالبة يحمل رسالة أخرى لسكان سيناء مفادها أنكم لستم جزءا من شعبنا ومشكوك في انتمائكم وليس لكم هنا ولي ولا نصير.
لذلك فإننا نتوجه للشعب المصري العظيم بأن يساند صمود أبناء سيناء في وجه مخططات السيسي لتنفيذ صفقة القرن، فنحن العقبة أمامه لتمرير هذه الصفقة والحفاظ على أرض سيناء، لذلك يعمل على خداعكم وتسليط إعلامه على التحريض ضدنا وتبرير تهجيرنا، ولو كان صادقا ما غيب عنكم الحقائق من خلال التعتيم الإعلامي الذي يفرضه على سيناء.
وأخيرا أقول للمشايخ الذين يستخدمهم السيسي لخداع أهل سيناء، كفاكم خداعا الأمور كلها باتت منكشفه ولن يرحمكم التاريخ، توبوا وقفوا وقفة رجل واحد مع بني جلدتكم لحماية ما تبقى قبل أن يدرككم الطوفان
المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه