لصوص كورونا: معظم رسائل الاحتيال من الصين!
في ألمانيا تعرضت مواد التطهير، والقفازات الطبية، في أكثر من مستشفى للسرقة. وفي الصيدليات وبعض المتاجر ارتفعت أسعار الكمامات ومواد التطهير إلى أرقام خيالية، وظهر تجار جدد
حتى في أحلك لحظات محنة الفيروس المهدد لحياة الناس، لم يتورع اللصوص والمحتالون عن ابتكار العديد من الحيل والخدع للنصب والاحتيال تحت اسم كورونا.
حيل كلها جديدة، ومبتكرة تناسب الحدث، ولم نسمع عنها من قبل، أما المفارقة الغريبة فهي أنه في ظل هذه الأزمة العالمية، لم يقف الاحتيال على أفراد العصابات وحدهم، بل تورطت فيه دول وحكومات، ربما عن قصد أو غير قصد، فنحن غير قادرين على تفسير ولا تصنيف رد فعل بعض الدول، التي صادرت لصالحها شحنات من كمامات الوجه، وملابس الحماية، وأجهزة التنفس الاصطناعي، التي كانت في طريقها إلى دول أخرى، الأمر الأسوأ هو مساومة بعض الدول مواطنيها الذين تقطعت بهم السبل في دول أخرى علي دفع تذاكر الطيران قبل الترحيل، وتحميلهم تكاليف فنادق الحجر الصحي، رغم أن بعضهم فقد وظيفته، ولم يعد لديه المال الكافي لدفع تلك النفقات.
في ألمانيا تعرضت مواد التطهير، والقفازات الطبية، في أكثر من مستشفى للسرقة. وفي الصيدليات وبعض المتاجر ارتفعت أسعار الكمامات، ومواد التطهير إلى أرقام خيالية، وظهر تجار جدد يصنعون الكمامات ويعرضونها للبيع على الإنترنت.
المحتالون هم المحتالون لا يبالون بحرب ولا وباء، ولا داء ولا دواء، كل ما يهمهم هو المال، وكيفية نصب شباك الاحتيال، وتسديد السهام على الضحايا. الغريب أن بعض رجال الأعمال المصريين الذين تضررت أعمالهم من انتشار الوباء سلكوا مسالك المحتالين، وأعربوا عن رغبتهم في عودة العمال وتسيير الأعمال، حتى وأن فقد البعض أرواحهم.
من أهم وسائل النصب التي استغلها لصوص كورونا شبكة الإنترنت، فقد أغرقوا البريد الإلكتروني لدى ملايين الناس برسائل ينتحلون فيها أسماء شركات كبرى، ومواقع معروفة، للنصب على كبار السن، والخائفين من الفيروس، وأصحاب النيات الطيبة. عرضوا مبيعات وهمية لمواد مطهرة وأقنعة طبية، وانتحلوا اسم منظمة الصحة العالمية وأرسلوا باسمها رسائل بريد إلكتروني لأفراد وشركات كبرى طالبوها بدفع التبرعات.
أكثر من 12 مليون يورو فقدها مواطنون أمريكيون نتيجة عمليات النصب باسم كورونا، وهناك أكثر من 18 ألف بلاغ بعمليات نصب واحتيال تحقق فيها لجنة التجارة الفيدرالية في الولايات المتحدة.
لكن كيف يقع الناس ضحايا عمليات النصب باسم كورونا؟ إن اكثر الخدع الشائعة هي إرسال فيروس داخل ملف في رسالة إلكترونية تحمل اسم هيئة محترمة، وعند فتح الملف يهاجم الفيروس حاسوب الضحية، ويستطيع المحتال السيطرة عليه، وسرقة محتوياته وكلمات السر وتفاصيل البطاقات البنكية.
قرصنة كورونا تتم عادة بإرسال رسائل تحمل اسم شركات كبيرة معروفة، يعمل موظفوها من داخل منازلهم بسبب الحجر المنزلي، تطلب منهم المشاركة في استقصاء رأي حول كيفية تأثير فيروس كورونا على الإجازة، وعلى الإجازات المرضية، ثم يطلبون منهم ملء البيانات في الملف المرفق، وعند فتحه ينشط فيروس جديد اسمهTrickbot ، يقوم علي الفور بتشفير كل البيانات على الحاسوب، وبعدها يتلقى الضحية رسالة من المحتال تطالبه بدفع المال من أجل إلغاء التشفير .
يعرف المحتالون حقيقة أن العديد من الموظفين يعملون حاليًا من المنزل، لذلك يقومون باستغلال هذه الظاهرة أفضل استغلال، فهم يرسلون رسائل تحمل اسم الشركة التي يعملون بها موقعة باسم أحد المديرين، يطلب فيها فتح الملف المرفق الذي يحتوي على فيروس بالطبع يتيح للمحتال الحصول على المعلومات المهمة والسرية في الشركة.
بالتأكيد الإنترنت هو أسهل الطرق للنصب باسم كورونا، حتي أن شركة “جوجل” خرج منها تصريح يقول إن الشركة تحذف أسبوعيا منذ بداية الجائحة حوالي 18 مليون بريد إلكتروني، وذلك عبر روابط التصيد التي تتعرف علي الإيميلات غير المرغوب فيها وتحذفها، ووصل إجمالي ما استطاعت التعرف عليه وحذفه من إيميلات النصب باسم كورونا حوالي 240 مليون أيميل حتي الآن.
انتقد باحثون عاملون في شركات الأمن الإلكتروني منظمة الصحة العالمية، لأنها تتجاهل فرض حماية على موقعها الإلكتروني، وهو ما أتاح للمحتالين أن يرسلوا رسائل تحت اسم البريد الإلكتروني للمنظمة، أيضا حذر الباحثون الموظفين الذين يعملون من داخل بيوتهم بعدم فتح ملفات البريد الإلكتروني، وتقديم شكوي للشرطة في حالة الشك دائما.
بما أن أغلب رسائل الاحتيال هذه مصدرها هو الصين، وكوريا الشمالية، وروسيا، فإن ثمة اعتقادا باستمرار هذه الهجمات السيبرانية المستهدفة في الأسابيع والأشهر المقبلة من دون توقف.
تاريخ عمليات الاحتيال بالبريد الإلكتروني ليست جديدة بل بدأت في سنة 1988 في نيجيريا، وساحل العاج، ودول أفريقية أخرى، وكان المحتالون وقتها يستغلون الأوضاع السياسية، والنظم الديكتاتورية، والفساد، والانقلابات العسكرية في تلك البلدان، ويقومون بإرسال رسائل إلكترونية إلى أشخاص يعيشون في أوربا، يطلبون منهم مساعدتهم في نقل أرصدة من تلك الدول إلى الخارج، مقابل أن يحصل المساهم على نسبة من استخدام حسابه البنكي كمحطة لنقل تلك الأرصدة إليها، التي غالبا ما تتراوح بين 10 ملايين إلى 30 مليون دولار، وهو رقم يغري الكثيرين، خاصة بعض كبار السن الذين يسهل الاحتيال عليهم، وهذا وفق ما جاء في تقرير لمعهد “أولتراسكان” الهولندي الذي أكد أن الاحتيال بهذه الطريقة وصلت خسائره إلى 6.7 مليار يورو في العام 2010.
هذه الخدعة يعرفها الكثيرون حول العالم ، وقد وصل لنا وللكثيرين رسائل قريبة من هذا المضمون، بعض الذين يقعون في شرك هذه العملية يجدون أنفسهم مطالبين بدفع نفقات محامين، ورسوم بنكية، مقررة وغيرها من أموال حتي تتم الصفقة كاملة، وطبعا بعد دفع هذه الأموال لن يحصلوا علي شئ .
في العام الماضي فقدت سيدة في مدينة سالزبورغ في النمسا 350 ألف يورو نتيجة وقوعها ضحية لعملية نصب منظمة من قبل نيجيريين استخدموا الطريقة نفسها، وفي مدينة إنيجيرلوه في شمال الراين ويستفاليا في ألمانيا دفع عجوز مبلغ 145 ألف يورو نتيجة وعده بالحصول علي مبلغ 30 مليون دولار.
في النهاية لايمكن وقف الاحتيال لاعبر الزمان ولا المكان ، وكما أن هناك إنسانا يعمل الخير، هناك أشرار لا يتوقفون عن فعل الشر، فقط كل المطلوب في الوقت الحالي هو اليقظة، ليس فقط من فيروس كورونا عبر الانتقال من البشر للبشر، بل أيضا من فيروسات اللصوص عبر شبكة الإنترنت.
المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه