معركة الأهلي والزمالك المحرك والمستفيد!

 

يتظاهر الإعلام المصري بالبراءة وقلة الحيلة، عاجزاً عن التنبؤ أو التخمين للوصول إلى معرفة الجهة التي تحمي وتدعم وتحصن مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك!

الإعلاميون لا يتوقفون عن ترديد سؤال هم يعرفون إجابته: لماذا لا يتعرض مرتضى لأي ملاحقة أمنية أو مساءلة قانونية، فيما يرتكبه من فساد ويفعله من جرائم ويفتريه من كذب ويدعيه من باطل ويردده من سباب وشتائم للناس جميعا؟!

من يحمي هذا الرجل، من يسنده، من يقف ورائه، وغيرها من التساؤلات المندهشة التي تُشعر المتابع وكأن مرتضى منصور مسنود من قوى سفلية يصعب الوصول إليها أو إدراكها بالحواس البشرية، وليس بأجهزة معروفة تجهر بحمايته ودعمه!!

لست هنا بصدد كشف تلك الجهات، ولا بتقديم الأدلة التي تثبت دعمها له، لأنها معلومات يعرفها ويدركها كل المصريين الصغير قبل الكبير، وإنما ما أنا بصدده هو الأهداف والخطط المطلوب تنفيذها وتحقيقها باستخدام مرتضى منصور، ففي السابق كانت المهمة الموكول بها مرتضى هي شغل الرأي العام المصري عن قضاياه الحياتية وحقوقه السياسية، أما اليوم فتبدو الأهداف والأغراض أكبر وأبعد من مجرد شغل الناس واشتغالهم.. والمتابع للمعركة الطاحنة الدائرة الآن بين قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك يدرك مدى تطور مهمة مرتضى منصور من شغل الرأي إلى وهدم وتدمير أكبر وأهم مؤسستين رياضيتين في مصر والعالم العربي بل والقارة الأفريقية!

إفساح الطريق لأندية العسكر

أي مراقب لما يجري في الساحة الرياضية المصرية منذ انقلاب 30 من يونيو/حزيران ودخول العسكر مجال البيزنس الرياضي وسعيه الحثيث نحو التهامه بالكامل، يستطيع أن يلاحظ من دون جهد الرغبة الخبيثة للعسكر في القضاء على الأندية الكبيرة والشهيرة، ذلك حتى لا يكون هناك من يقدر على منافسته ولا مشاركته في هذا البيزنس، وهو أمر ليس سريا أو خفيا، بل معلنا وصريحا، فقد جهز العسكر أنديته الجديدة والبديلة التي سيدخل هذا السوق، حيث سيعلن خلال شهور قليلة عن إطلاق سلسلة أنديته الجديدة التي تحمل اسم سيتي كلوب، بالإضافة لمجموعة أخرى انطلقت بالفعل وتحمل اسم نادي النادي وقد تم إنشاء أول فروعه العام الماضي بمدينة 6 أكتوبر..

والآن تجري عملية تمهيد الطريق وتوسيعها أمام أندية العسكر بهدم أكبر وأعرق وأهم ناديين في مصر والقارة الأفريقية وهما الأهلي والزمالك، وقد أوكلت هذه المهمة لمرتضى منصور ويقوم بها الآن بنجاح منقطع النظير، فوجوده على سدة الحكم بنادي الزمالك كفيل بتدمير القلعة البيضاء وتخريبها، دعك من الدعاية الكاذبة التي يروجها بأن الزمالك أصبح في عهده ناديا أوربيا، لأن النجاح يقاس بالبناء وليس بالهدم، وهو هدم في الزمالك أكثر مما شيد، فضلا عن أن الزمالك يعد هو النادي الكبير الوحيد في مصر الذي لا يملك فروعا أخرى له، فيما أن الغالبية العظمى من الأندية لها فروع متعددة داخل العاصمة وخارجها، أما الزمالك فليس لديه غير فرع يتيم في ميت عقبة!

 أما بالنسبة لخطته لهدم الأهلي فهي متعددة الوسائل، فهو لا يدع مسؤوليه يهنأون بالراحة يوما، فإما يشغلهم بالشتائم والسباب اليومي على القنوات الفضائية، أو بإثارة قضايا جدلية لا جدوى منها ولا حلول لها مثل قضية نادي القرن، أو بالقضايا والبلاغات التي لا يتوقف عن تقديمها، وقد وصل عدد البلاغات التي قدمها للنائب العام في عهد محمود الخطيب الرئيس الحالي إلى 60 بلاغا ، وغير ذلك من الأزمات والمشاكل التي يصدرها يوميا للأهلي، وهي أزمات يرى مسؤولو الأهلي أن الرد عليها قد يكسبها الجدية والمصداقية، لذا فهم  يرفضون الرد عليها أو التجاوب معها، ليس خوفا أو ضعفا، إنما احتقارا وترفعا، خاصة وأن معظم أو كل البلاغات والشكاوى التي يقدمها مرتضى كيدية، والاتهامات دائما ما تكون باطلة وغير منطقية، وهو أمر يفهمه ويعيه جمهور وأعضاء النادي.

 لكن موقف الأهلي هذا لا يرضي أصحاب المصلحة من المعركة وهم العسكر، فالعسكر يريدها حربا مستعرة يخوضها الطرفان لا حربا من طرف واحد، لذا فقد تم إجبار الأهلي على نزول الميدان ودخول معركة معلوم مسبقا أنها خاسرة، وبالطبع لم يكن ذلك بشكل مباشر، إنما بالإيعاز إلى اثنين يعملان في مهنة المحاماة وهما صديقان لمرتضى منصور أحدهما هو محمد عثمان المستشار القانوني السابق للأهلي، والأخر هو محسن حافظ المستشار القانوني السابق للزمالك. عثمان أعلن منذ أيام قليلة استقالته من العمل بالنادي الأهلي بدعوى التفرغ لمواجهة مرتضى الذي أساء إليه أكثر من مرة، ولأجل ذلك قرر الاستقالة حتى يعفي مسؤولي الأهلي من الحرج، على اعتبار أن تقاليد وأعراف الأهلي تفرض على مسؤوليه وموظفيه عدم الدخول في أية معارك، وهو موقف يثير الشك والريبة خاصة وأن حروب مرتضى منصور ضد النادي الأهلي لم تبدأ اليوم فقط بل ممتدة منذ سنوات طويلة، فلماذا قرر الرد عليها الآن فقط؟

أما محسن حافظ والذي يقول إنه استقال من عمله بنادي الزمالك في 2015 بدعوى الاعتراض على تصرفات وفساد مرتضى منصور، وهذا أيضا موقف مشبوه ومثير للريبة، ولو أننا افترضنا صدقه وصحة كلام الرجل – الذي وصف نفسه بالبلطجي في أكثر من لقاء تليفزيوني – بأنه استقال انتصارا للحق والمبادئ، فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا: لماذا انتظر كل هذا الوقت ليعلن الحرب على مرتضى، في حين كانت الأزمة وكان الخلاف قبل خمس سنوات كاملة؟

عموما، ما يؤكد أن المعركة تتم بتدبير محبوك ومرسوم بعناية هو أن السجالات التي دارت بين مرتضى وهذين المحامين تمت عبر قناتي ناديي الأهلي والزمالك، وهما القناتان اللتان تديرهما شركة واحدة مملوكة لجهاز المخابرات، هي شركة إعلام المصريين، وإذا كان مألوفا عن قناة الزمالك خوض مثل هذه المعارك، فهو غير مألوف لقناة الأهلي، بما يعني أن دخول قناة الأهلي المعركة تم بناء على تعليمات حديثة، فرضت على القناة الحمراء النزول لمستوى مرتضى منصور ومواجهته بنفس أسلوبه وأسلحته حتى تتحقق الغاية الكبرى بهزيمة وسقوط الناديين الكبيرين!

دور تركي آل الشيخ

في التوقيت نفسه وفي خضم المعارك الدائرة بين الأهلي والزمالك ظهر تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه السعودي والرئيس الشرفي السابق للأهلي، فبدون مقدمات أطلق تركي تغريدة يهاجم فيها رئيس وأعضاء مجلس إدارة النادي الأهلي، يتهمهم فيها بأنهم ليسوا رجالا، وقد تسببت التغريدة في أزمة عنيفة بين الأهلي وتركي، كان من نتيجتها أن قرر مجلس إدارة الأهلي إلغاء قراره السابق بمنحه الرئاسة الشرفية، وهو القرار الذي جعل تركي يطلب من مجلس الإدارة رد كل التبرعات والهدايا التي قدمها للنادي وتحويلها إلى صندوق تحيا مصر، لكن وبعيدا عن التفاصيل العديدة المتعلقة بتلك الأزمة، فإن تزامن ظهور مع ظهور هذين المحامين،  وافتعال تركي لأزمة مع الأهلي من دون مقدمات ولا أسباب قوية، كان أمرا مثيرا للدهشة والتساؤل أيضا: هل تركي واحد ممن يتم توظيفهم للهدف سالف الذكر نفسه وهو إسقاط أكبر قلعتين رياضيتين في مصر؟

الأمر ليس بمستبعد أبدا، وقد طرحت التساؤل في أكثر من مقال ومناسبة، وهو تساؤل تفرضه المواقف الغريبة التي يفتعلها تركي مع الأهلي منذ بداية العلاقة في 2017، وكلها مواقف تكشف رغبة غير معلنة في إسقاط هيبة ومكانة الأهلي سواء بإهانة مسئوليه وفضحهم ومعايرتهم بالأموال والهدايا العينية التي قدمها لهم، أو بالتشكيك في سمعتهم وذممهم المالية.

لا أستبعد أن يكون هناك تنسيق وترتيب كبير بين أجهزة العسكر من جهة، ومرتضى وتركي من الجهة الأخرى والمحامين من جهة ثالثة!

من ينقذ مصر؟

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه


إعلان