لن أستعد لرمضان
نعم لن أستعد لرمضان على طريقتكم.
سئمت ما تكتبون ومللت مشاهدة ما تبثون.
أنا لا أعرف هذا الدين الذي أصبح كهنوتاً على أيديكم.
كلما فتحت قناة من قنواتكم أو وسيلة من وسائل تواصلكم أو مجموعة واتس أو غيره مما أدخلتموني فيه من غير إذن ولا رغبة منى وجدت طرائق الاستعداد لرمضان وتجهيز القلوب والأرواح لهذا الشهر الكريم، وبرامج تقسيم الوقت بين الذكر والتلاوة والتسبيح والتحميد، وكم ختمة قرآن سيختم هذا أو هذه بخلاف الدعاء غير المأثور، المهم أن يكون منسقاً وبليغاً تحت الأرض وفوق الأرض ويوم العرض ويتخاشع القائل أو القائلة ليتجهز غيره أو غيرها على سجادة الزووم في اليوم المشؤوم بعَبَرات مصطنعة وعبارات ركيكة أو دقيقة، كلها أشياء تستهلك الوقت والطاقة لا ترفع عن فقير فاقة، لا تكفل يتيماً، ولا ترعى أرملة ولا مسكيناً، لا ترد ظالماً ولا تنصر مظلوماً، ولا تغيث ملهوفاً، لا تنحاز إلى حق ولا تُعرض عن باطل، لا ترد مَظلمة ولا تحول بالعمل الواجب دون وقوع الأمور المحرمة، بل أعرف بعضاً من هؤلاء الكهنة يأكل مال الناس بالباطل ثم يشرب شاي السحت ومع ذلك يمس ما لا يمسه إلا المطهرون ويتبارى مع غيره في عدد الختمات فيقرأ حدراً سريعاً ولا يقف عند المعاني ليتدبرها لأنه إن فقهها صدمته بواقعه الذى لا يريد أن يبرحه، ومما يثير مواطن الآلام ويصيب المرء بالغثيان كتابة بعضهم أو نقل ديباجة غيرهم طلباً للصفح والمسامحة وحثاً على العفو والمصافحة دون تغيير شيء من واقعهم الأثيم بل وهو قائم على أكل الحرام آناء الليل وأطراف النهار وأحسن أحواله الدوران فى فلك الشبهات كأن بينه وبين الحلال خصومات!!
ولِمَ تسامحك زوجة مظلومة أو رحم مقطوعة أو جار جُرت عليه أو ضعيف دُست عليه أو جائع يتضور جوعاً وأنت ستموت من التخمة!!
لَمَ يسامحك من ظلمتهم أو أكلت بالباطل أموالهم!!
بل أنا أحثهم على الدعاء عليك فدعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام وأقسم بعزته لَيَنصرنها ولو بعد حين فما بالك لو كان صائماً فاجتمعت له أسباب إجابة الدعاء وقبول الرجاء.
وأيهما أقرب إلى الله هذا العبد الذى قال من شدة فرحه (اللهم أنت عبدى وأنا ربك) وهو يقصد خلافها أم هؤلاء المتنطعون؟
قد يفهم البعض كلامي على غير مرادي، فوالله وبالله وتالله إني لأعشق القرآن تلاوة وتدبراً ولا أنهى عن الذكر والاستغفار فهي مفاتيح الخير والبركة وفيها زكاة القلوب وسمو الأرواح، ولكن بحسبانها أفعال لازمة للمرء ولا خير فيها إن لم تدفع إلى أعمال متعدية بالخير إلى الغير وتكف صاحبها عن كل فعل أثيم أو خلق ذميم، وإلا قولوا لي بربكم ما معنى قول خير الأنام عليه الصلاة والسلام: رُب صائم لا يناله من صيامه إلا الجوع والعطش ورُب قائم لا يناله من قيامه إلا التعب والسهر!!!
وأيهما أقرب إلى الله هذا العبد الذى قال من شدة فرحه: (اللهم أنت عبدى وأنا ربك) وهو يقصد خلافها أم هؤلاء المتنطعون ؟
نحن بحاجة إلى برامج عملية فاعلة ومؤثرة في حياة الأفراد والأمم أما الركون إلى مالا يكلف مالاً ولا جهداً والتعامل مع الله على هذا النحو الساذج الذى لا يقدر الله حق قدره هو الذى يخرج كثيراً من الناس من رمضان كغيره من الشهور صفر الأيادي ولا يُحدث تغييراً في حياة الأفراد والشعوب والجماعات، وقد حسم ربك الأمر: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).