أمريكا الجنوبية تستعد ليوم انتخابي حاسم

رغم تدهور الأوضاع الصحية في القارة الأمريكية واتساع رقعة عدوى فيروس كورونا فيها، تخوض ثلاث بلدان لاتينية غمار انتخابات حاسمة، الأحد الموافق 11 أبريل، الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية في الإكوادور، والانتخابات التشريعية والرئاسية في البيرو والمحلية في بوليفيا، مع تأجيل الانتخابات البرلمانية والبلدية في التشيلي بسبب نتائج جائحة كورونا الحادة فيها. وهي أحداث على اختلافها، إلّا أن نتائجها ستكون ذات أهمية قصوى على المشهد السياسي في كل بلد منها وفي المنطقة عموما.

أمّا الإكوادور فتعيش لحظات حاسمة توحي بعودة تيّار الرئيس السابق، زعيم اليسار الاجتماعي رافاييل كوريا (2007-2017)، حيث فاز مُرشّحها أندراس أراوس في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، في 7 فبراير الماضي، بالمرتبة الأولى متقدما على خصمه اليميني غيارمو لاسو بفارق مُريح لكنه دون 40%.

ورغم هذا التقدم، فإن أنصار كورّيا غير مطمئنين تماما للفوز بهذه الجولة الثانية، ليس لضعف قواعدهم الانتخابية ولكن تخوّفا من ألاعيب المرشح اليميني الذي يمثل الرهان الأمريكي في الحالة الإكوادورية، وهي مخاوف تعود بالذاكرة لسيناريو الانتخابات البوليفية في 2019.

من جانب آخر، تُجمع لغة الأرقام من خلال مواقع استطلاعات الرأي على فوز واضح لأراوس على لاسو، وهو فوز يعزز ثقة أنصار الرئيس السابق كورّيا نظرا لفوزهم في التشريعية بأكثر من ثُلث مقاعد البرلمان، لكنه يبقى فوزا مُكبّلا بإيجاد حليف رصين ووفيّ لتحقيق الأغلبية.

أمّا البيرو، فتعيش انتخابات تشريعية ورئاسية غير مسبوقة في أمريكا اللاتينية بأكملها، حيث تشهد منافسة شديدة بين 6 مرشحين على رئاستها، ترجّح مواقع استطلاعات الرأي أن اقترابهم في النتائج يجعل الفارق بين صاحب المرتبة الأولى والسادسة لا يتجاوز ثلاث نقاط. وهي حظوظ تجعل التنبّؤ بالمؤهليْن للجولة الثانية صعبا جدا، وتؤكد أيضا أن الفائز النهائي سيواجه برلمانا منقسما جدا.

مهما كانت نتائج الانتخابات في هذه البلدان، فإن عودة حركات اليسار الاجتماعي والتخلص من النفوذ الأمريكي

جدير بالذكر أن المشهد السياسي البيروفي عاش مؤخرا حالة عدم استقرار حادة، انعكست على إدارة أزمة جائحة كورونا وأجّجت الغضب الشعبي أكثر من ذي قبل، حيث تداول على البلد أربعة رؤساء في الأربع سنوات الأخيرة، انطلقت بفوز بيدرو كوسينسكي بالرئاسة وخصمه فوجيموري بأغلبية البرلمان في انتخابات 2016، وأدّى هذا الانقسام الى تفجير قضية فساد كبرى أجبرت الرئيس على الاستقالة بالقوة في 2018 وتعطيل عمل البرلمان في 2019 لتنظيم انتخابات عاجلة قادت الى تشكيل برلمان جديد وانتخاب مارتين فيزكارا رئيسا للبلاد في 2020.

لكن مشكلة الصدام بين الرئيس والبرلمان طُرحت من جديد، وبأكثر حدّة إلى أن بلغت تعويض فيزكارا بمانويل ميرينو كرئيس جديد لم يصمد في منصبه سوى خمسة أيام بسبب الرفض الشعبي العارم، ليتمّ تعويضه بساغاستي الذي وفى بوعده في الوصول بالبلد إلى تنظيم هذه الانتخابات على أمل إيجاد حل نهائي لهذه الأزمة السياسية. مع الإشارة إلى أن أزمة الانقسام في البرلمان لا توحي بأي انفراج بسبب تشرذم الأصوات.

أما بوليفيا، فحاضرة هذا الأحد بالجولة الثانية لانتخابات رؤساء أربع محافظات أساسية ذات الاستقلال النسبي، من بين إجمالي تسع، حيث عجز جميع المرشحين لرئاسة هذه المحافظات الأربع في الجولة الأولى، على الفوز بالمرتبة الأولى بالأغلبية أو تحقيق فارق عشر نقاط عن صاحب المرتبة الثانية. وتعتبر هذه الانتخابات على أهمية كبرى في المشهد السياسي عموما لأنها تمثّل فرصة ضرورية لحزب الرئيس السابق إيفو موراليس لإثبات شعبيته بعد أزمة انتخابات 2019 واستكمال مشروع استرجاع نفوذه بعد فوز مرشحه لويس آرسي بالرئاسة السنة الماضية، وفي المقابل، تجنّد خصوم موراليس بكل قواهم لدحر شعبيته وطيّ صفحة انتصاراته منذ 2006.

مهما كانت نتائج الانتخابات في هذه البلدان، فإن عودة حركات اليسار الاجتماعي والتخلص من النفوذ الأمريكي، أصبحت ملامحها واضحة في هذه المجتمعات رغم هيمنة أصحاب المال والأعمال، حلفاء البيت الأبيض، على سلطة المال والإعلام في هذه البلدان.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان