هنا القاهرة.. قناة إخبارية جديدة في ليلة القبض على “منال عجرمة”!

الصحفية المصرية منال عجرمة

ما كاد اليوم الأول من عمر القناة الإخبارية يمر حتى تعرضت القناة لأزمة كبرى بددت أحلام مؤسسيها وهددت مستقبل قناة القاهرة الإخبارية التي ادعت إدارتها أنها الأمل في تقديم إعلام إخباري جديد يطل من العاصمة العربية الكبرى ويعيد للشعار: “هنا القاهرة” بهاء الماضي.

حملة إعلانية ضخمة صاحبت الإعلان عن مولود إخباري جديد في منظومة الإعلام المصري بعد سنوات طويلة من إعلام الصوت الواحد، الذي يقوده النظام الأمني بيد من حديد، ومن خلال شبكة مراسلين في كل أنحاء العالم حسب تصريحات القائمين عليها. وبينما تتصاعد الأحلام لدي جمهور حُرِم سنوات طويلة من الإعلام الحر الذي ينافس الإعلام الذي نراه على شاشات إخبارية متعددة في العالم والوطن العربي، فماذا ينقص الدولة الكبرى والعاصمة التي كانت صانعة الإعلام وأخباره ليؤسس قناة تليق بها؟

مأزق اليوم الثاني

بينما تصل أحلام العاملين والقائمين عليها عنان السماء حتى وقع خبر القبض على الزميلة الصحفية منال عجرمة عصر ثاني أيام عمرها على رؤوس الجميع كالصاعقة، المقبوض عليها صحفية سابقة في مجلة الإذاعة والتليفزيون التي تصدرها الهيئة الوطنية للإعلام، وعضو نقابة الصحفيين المصرية، ولا تمارس أي نشاط بعد خروجها للمعاش العام الماضي سوى الكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي.

بمجرد وصول الخبر للقناة قرر رئيس القناة وفريق العمل التحريري أن يمارس عمله بمنتهى المهنية، وتصدّر الخبر نشرة القناة الرئيسة والنشرات التالية بمجرد وقوع الحدث، وسارع مندوبو القناة ومحرروها إلى كل الجهات التي يعنيها الأمر، للحصول على تفاصيل القبض على زميلتهم الصحفية الكبيرة، بل وصل الأمر بمذيعي القناة إلى ارتداء شارات سوداء احتجاجا على الأمر الجلل بالقبض على صحفية مصرية بلا جريرة قامت بها أو جريمة اقترفتها.

ما أحلى الحرية

تصاعدت الأمور، “فما أحلى الإحساس  بالحرية”، وفي تطور عاجل للأمور قام نقيب الصحفيين المصريين بدعوة مجلس إدارة النقابة لاجتماع عاجل لدراسة الأمر الجلل، وسارع مندوب القناة في النقابة التي تدافع عن حرية الصحافة والصحفيين ليحصل على تصريح من النقيب الذي أكد ضرورة الإفراج عن الصحفية المقبوض عليها، وأدلى أعضاء المجلس بتصريحات للقناة الوليدة التي ترفع شعار الحرية يطالبون فيه وزارة الداخلية وأمن الدولة بإصدار بيان فوري عما حدث، والإفراج الفوري عن زميلتهم، وتطرقوا إلى أكثر من 20 صحفيا لا يزالون قيد الحبس منذ سنوات، وأعلن المجلس أنه في انعقاد دائم حتى الإفراج عن زملائهم، ودعا إلى اجتماع عاجل للجمعية العمومية خلال أيام إن لم يفرج عن الصحفيين المحبوسين على ذمة قضايا متعلقة بمهنة الصحافة وحرية الرأي.

كانت اللجنة التي تدير نقابة الإعلاميين قد سبقت نقابة الصحفيين في إصدار بيان شديد اللهجة باعتبار أن الزميلة من الذين ناضلوا في أعوام كثيرة من أجل إنشاء النقابة، ولا ينسى الإعلاميون وقفتها معهم في مظاهرات مارس 2009 للمطالبة بنقابة للإعلاميين، وكذلك اعتصامها في بهو ماسبيرو بعد ثورة يناير لتحقيق مطالب إعلاميي ماسبيرو في الحرية الإعلامية وإنشاء نقابة لهم، بل إن النقابة طالبت كل القنوات التليفزيونية أن يخرج المذيعيون بالشارة السوداء، وعمل تغطية إعلامية تناسب الحدث الجلل الذي يهدد حرية الإعلام والإعلاميين خاصة بعد أن سبقت القناة الوليدة منذ يومين فقط الجميع بتغطية متميزة.

تصاعدت الأمور بشكل ينذر بأزمة كبيرة، وتوالت الاتصالات على إدارة القناة من أصحاب القرار، حاولوا الضغط بكل السبل على القائمين عليها من الإعلاميين، وجرت اتصالات مع نقيبي الصحفيين والإعلاميين من أجل تهدئة الأمور حتى الوصول إلى حل للموضوع وبحث سبل تحقيق طلبات المجتمع الإعلامي، وباءت الأمور بالفشل، فلقد صمم الجميع على مواقفهم، وكانت الجملة التي صدرها الجميع للمتصلين: “هذا هو الإعلام إذا كنتم تريدون أن تكون القاهرة عاصمة للخبر كما هو شعار القناة أو الإعلام الجديد الذي تنادون به”.

تهديدات ومقاومة

هدد الطرف الآخر الجميع فقال للجنة التي تدير نقابة الإعلاميين إنها لجنة عمرها ستة أشهر، وقد مر على تشكيلها أكثر من خمس سنوات وبالتالي فإن جودهم غير شرعي ويمكن صدور قرار الآن بإنهاء مهمتهم، وكان رد المجلس هو عدم التراجع عن القرارات، وهو ما حدث في نقابة الصحفيين بعد إشارة إلى فتح ملفات قديمة، ولكن بدا كل شيء ضئيلا بالمقارنة بالحرية التي استشعرها الصحفيون والقائمون على قناة القاهرة الإخبارية الذين صمموا على انتزاع حريتهم.

استشعرت الأجهزة خطرا كبيرا مع تصاعد الأحداث فبدأت في دراسة عواقب الأمور سواء بتنفيذ تهديداتها بفصل جميع القائمين على قناة لم يمر عليها سوى أيام، وماذا ستكون ردود أفعال العالم ونحن على بعد أيام من قمة المناخ التي وعد النظام العالم أن يسمح بالتظاهر أثناء انعقادها ويدعي أنه نظام يدعم الحريات، وكذلك ماذا سيحدث لو تم حل مجلس نقابة الصحفيين المصرية، وإنهاء مهمة اللجنة التأسيسية لنقابة الإعلاميين.. كل هذا يتم تدارسه وحساب العواقب له أو يتم الرضوخ للمطالب وتنفيذها، ومدى تأثير ذلك على مستقبل النظام.

بدأت منظمات حقوق الإنسان المصرية تندد بالقبض على الصحفيين وسجناء الرأي، فالحرية تولد حرية، ودعت أغلب هذه المنظمات والأحزاب السياسية إلى الإفراج عن كافة سجناء الرأي وليس الصحفيين فقط، بل دعت إلى تظاهرات واحتجاجات أمام مقارها، ودعت صحافييها العاملين في صحف الأحزاب والمواقع الإخبارية إلى الاعتصام بالمقار تحت حماية الدستور والقانون، وأكدت بيانات كل الأحزاب تضامنها ودفاعها عن كل سجناء الرأي، كل هذا ولا يزال مراسلو قناة القاهرة الإخبارية وكل القنوات المصرية تتابع كل الأحداث من خلال شبكة مراسلها المحليين!

الحرية تعيد المصريين للتليفزيون

كان الحدث الأكثر أهمية هو المواطن المصري إذ رصدت كل القنوات والمواقع الإخبارية أن الشعب المصري بكامله كان لا يشاهد إلا القنوات المصرية، بل إن الجمهور أعاد القنوات الإقليمية إلى الصدارة، وكانت شاشات ماسبيرو جنبا إلى جنب مع قناة القاهرة الإخبارية التي فتحت هويس الحرية، وأعادت الحياة للإعلام المصري بشقيه المرئي والمسموع، وبدأ عصر جديد للإعلام حر، وتنفس الشعب المصري معنى الحرية وعادت أحلام كبيرة تطل من السماء، خاصة مع الأخبار التي جاءت من البرازيل منذ أيام بفوز اليساري العجوز لولا داسيلفا بالرئاسة في البرازيل بعد معركة شرسة مع منافسه اليميني الذي كان يسمى ترامب البرازيل فهذه هي الحرية التي نحلم بها!

خاتمة

هذا مقال خيالي لا يمت للواقع بصلة!!!
وكل الأحداث والشخصيات فيه هي محض خيال الكاتب، وأي تشابه بينه وبين الواقع هو من أحلام الكاتب! ومع هذا أري كإعلامي عاش في كواليس معظم قنوات ماسبيرو والقطاع الخاص المصري فيه “روشتة” نجاح لأي قناة تليفزيونية مصرية سواء من قنوات ماسبيرو أو قنوات المتحدة أو قنوات الإعلام الخاص في مصر.

المصدر : الجزيرة مباشر