هل يمكن إصلاح الأمم المتحدة؟ أردوغان يقدم إجابة جديدة!

أُنشئت الأمم المتحدة لتعبر عن عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، لكن هل ما زالت هذه المنظمة قادرة على القيام بدورها في القرن الـ21، الذي يفرض تحديات جديدة يجب مواجهتها بفكر جديد؟
القائد الوحيد الذي قدم رؤية جديدة لإصلاح الأمم المتحدة هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ففي كتابه “نحو عالم أكثر عدلا” يوضح أردوغان أنه يريد المحافظة على الأمم المتحدة، لكن بناء على فكر جديد يتناسب مع خطورة المشكلات التي يواجهها العالم.
إعادة هيكلة الأمم المتحدة!
تنطلق رؤية أردوغان من أن التعددية تشكل أساسا لبناء نظام دولي يقوم على مؤسسات متعددة الأطراف، قادرة على أن تكون مظلة شاملة للجميع. والبداية التي يقترحها هي إعادة هيكلة مجلس الأمن ليصبح أكثر فعالية وديمقراطية وشفافية وخضوعا للمساءلة، وتعزيز دور الجمعية العامة لتعبر عن الضمير المشترك للمجتمع الدولي.
كما يقترح أردوغان إنشاء خريطة طريق لتحقيق العدالة العالمية، وإحلال السلام والاستقرار والأمن العالمي، وذلك بأن تتخذ الأمم المتحدة خطوات لاستعادة فعاليتها وسلطتها المتآكلة، وإعادة الهيكلة الشاملة.. ولكن كيف؟
لا تستطيع أن تقوم بواجباتها!!
يرى الرئيس التركي أردوغان أن منظمة الأمم المتحدة عرفت نفسها في اتفاقية تأسيسها بأنها منظمة عالمية تهدف إلى تأمين العدالة والأمن والتنمية الاقتصادية والمساواة الاجتماعية لجميع البلدان، لكنها عجزت عن القيام بواجباتها.
لذلك فإن الأمم المتحدة وعلى رأسها مجلس الأمن معرضة لخطر فقدان وظيفتها ومصداقيتها بسبب عجزها عن مواجهة الصراعات، وحركات الهجرة الجماعية القسرية، واضطهاد الأبرياء في مناطق كثيرة من العالم في مقدمتها سوريا والعراق.
كما أن تجاهل الأمم المتحدة للمجازر التي شهدتها البوسنة، وعجزها عن الوقوف في وجه المذبحة الرواندية، سجل وصمة عار في تاريخ المنظمة.
ويضيف أردوغان: نحن في تركيا نعتقد أنه يجب ألا يستمر نظام الأمم المتحدة في شكله الحالي، بل يجب إعادة هيكلته، ونحن نعمل في سبيل هذا الهدف بكل قوتنا من أجل تأسيس بنية أكثر فاعلية من شأنها المساهمة في السلام العالمي والأمن والاستقرار.
لذلك يطالب أردوغان بتغيير جذري في هيكلة مجلس الأمن من أجل إحراز بنية تمثيلية أكثر عدلا. لماذا؟
يؤدي إلى دمار عظيم!!
يضيف أردوغان: كما أخفقت عصبة الأمم التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى في تأدية مهامها، ووقفت موقف المتفرج عندما كان العالم يتجه نحو الحرب العالمية الثانية، فكذلك يمكن أن تقودنا استمرارية البنية الراهنة لمجلس الأمن إلى معاناة جديدة ودمار عظيم.
إن مجلس الأمن لا يمكن أن يحقق أهدافه من دون تنفيذ إصلاح يدور حول إعادة هيكلته، لأن المجلس ببنيته الحالية أضحى يخدم سياسات الأعضاء الخمسة الدائمي العضوية فقط، متغاضيا عن السلام والعدالة العالميين.
فهذا المجلس لا يمكن أن يصدر قرارا إذا اعترضت عليه دولة واحدة فقط من الأعضاء الخمسة (حق الفيتو)، وهذا يؤخر حل الأزمات، ويسبب المزيد من المآسي العالمية.
لا يمثل العالم
إن مجلس الأمن -كما يرى أردوغان- لا يمثل العالم، فمن حيث القارات نجد أن الأعضاء الدائمي العضوية هم من آسيا وأوربا وأمريكا فقط.
أما من ناحية الديانات فهم مسيحيون، وليس للأديان الأخرى كالإسلام حضور في المجلس، كما أنه ليس لمنظمة التعاون الإسلامي التي تشكل ثلث سكان العالم، وتضم 57 عضوا أي مكانة أو تمثيل.
أما من ناحية الجذور العرقية، فإن دول العالم الرائدة مثل العربية والتركية والهندية والإندونيسية والأفريقية ليس لها تمثيل في المجلس، فضلا عن أنه ليس للأعضاء المؤقتين المنتخبين مدة عامين رأي مهم في قرارات المجلس.
عالم متعدد الأقطاب
يرى أردوغان أن تأسيس بنية تمنح جميع الدول والمجتمعات حق إبداء الرأي بوصفها أعضاء متساوين في المجتمع الدولي، وعدم حصره في الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، سيساهم في تحقيق السلام والأمن الدوليين؛ فهناك حاجة إلى أمم متحدة تعكس التعددية الثقافية، والتعددية القطبية، لضمان سلام عالمي عادل وأكثر ديمومة.
لذلك يجب إنشاء عالم متعدد الأقطاب ومتعدد الثقافات، وأكثر شمولية وعدلا. ولكن كيف يمكن تحقيق هذا الهدف؟
العالم أكبر من خمسة
يقول أردوغان: إن اقتراحنا للحل تمثله عبارة “العالم أكبر من خمسة”، ويرتكز بشكل أساسي على تغيير هيكلة مجلس الأمن بحيث يمثل القارات والمعتقدات والأعراق والثقافات بطريقة أكثر إنصافا. ويصف أردوغان هذا الاقتراح بأنه خطوة ثورية نحو إرساء العدل والسلام في العالم؛ لذلك يجب أن يكون عدد الأعضاء الدائمي العضوية عشرين بدلا من خمسة، كما يجب تحقيق التوازن من خلال زيادة سلطات الجمعية العامة.
لكن كيف يتم تشكيل مجلس الأمن؟ يقترح أردوغان أن تقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة بانتخاب عشرين دولة من الجمعية لإدراجها في مجلس الأمن، فهذا يضمن مشاركة جميع البلدان في هيئة اتخاذ القرار وإزالة نموذج العضوية الدائمة وحق الفيتو.
زيادة الاحترام العالمي للدور التركي
يقول أردوغان: إن دعوة تركيا إلى إعادة هيكلة الأمم المتحدة، تعبر عن رغبة غالبية البلدان المنضوية تحت مظلة الأمم المتحدة، وإننا نؤمن بأن تمثيلنا لضمير الإنسانية وصوتها من أجل عدالة وسلام عالميين لن يلحق الضرر بتركيا، بل سيزيدها قوة واحتراما. إن تركيا تعارض استمرار نظام دولي يحافظ على مصالح الدول الخمس، وترى أنه من الممكن إنشاء نظام دولي أكثر عدلا واستقرارا.
فهل يقود أردوغان شعوب العالم إلى مرحلة كفاح جديدة لتحقيق العدل والسلام في العالم بإصلاح الأمم المتحدة لتكون منظمة عالمية بدلا من أن تظل مجرد وسيلة لتحقيق مصالح خمس دول فقط؟!