من غرائب الموازنة المصرية: 442 مليون جنيه لدعم الهيئة الوطنية للصحافة مقابل نصف مليون لصندوق رعاية المعلمين!

حفلت بيانات الدعم بالموازنة المصرية للعام المالي الحالي 2022/ 2023، بالعديد من المفارقات حيث حصلت الجهات التابعة لوزارة المالية على 681 مليون جنيه، مقابل حصول مديريات الصحة بالمحافظات السبع والعشرين على أقل من 24 مليون جنيه، وحصلت المحاكم على 303 ملايين جنيه مقابل 6 ملايين جنيه لمديريات الزراعة بجميع المحافظات.
وحصلت الهيئة الوطنية للصحافة على 442 مليون جنيه، مقابل حصول مراكز بنوك الدم بالمحافظات على 15 مليون جنيه، ونصف مليون جنيه لصندوق الرعاية الاجتماعية للمعلمين. ونال المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام من أموال الدعم 167 مليون جنيه، وهو مبلغ أعلى من قيمة مجمل دعم المساعدات التي تقدمها مديريات التضامن الاجتماعي بكل المحافظات البالغة 147 مليون جنيه للفقراء والمرضي وأسر المسجونين والمعاقين وحالات الكوارث.
وحصلت مراكز علاج الأورام بالمحافظات على 24 مليون جنيه، ومستشفيات جراحة اليوم الواحد بالمحافظات على عشرة ملايين جنيه، وخصص 75 مليون جنيه من الدعم لدار الأوبرا وصندوق تطويرها، مقابل 65 ألف جنيه لمستشفيات جامعة سوهاج الواقعة بجنوب البلاد الأكثر فقرا. وحصل جهاز التمثيل التجاري الذي تتبعه مكاتب خارج البلاد على دعم بـ28.5 مليون جنيه، مقابل 550 ألف جنيه حصل عليها المجلس القومي لشؤون الإعاقة الذي يتابع أحوال نحو 12 مليون معاق.
916 مليون للداخلية و624 للخارجية
وكانت وزارة المالية قد أفصحت عن تفاصيل موازنة العام المالي الحالي قبل أيام قليلة، رغم مرور نصف العام المالي، وجاء ذلك بعد حوالي عشرة أيام من طلب صندوق النقد الدولي -خلال موافقته على إقراض مصر- الإفصاح عن موازنات الشركات العامة، التي لا توجد أي بيانات عن أدائها خلال آخر عامين ماليين.
وكشفت البيانات التفصيلية عن وجود سطوة لبعض الوزارات في الحصول على نصيب كبير من أموال الدعم، رغم عدم تعلق أنشطتها بالمجالات المعتادة لأوجه صرف الدعم، حيث حصلت الجهات التابعة لوزارة المالية على نصيب كبير، باعتبار أنها الجهة التي تحدد مخصصات الدعم لكل الجهات الحكومية.
فقد حصلت مصلحة الضرائب على 289 مليون جنيه، ومصلحة الجمارك 165 مليون جنيه، ومصلحة الضرائب العقارية على 123 مليون جنيه، والديوان العام لوزارة المالية على 103 ملايين جنيه. وعادة ما تتجه تلك المخصصات إلى الأندية الاجتماعية الخاصة بالعاملين بتلك المصالح.
وتكرر ذلك في وزارة الداخلية التي حصلت على 916 مليون جنيه من مخصصات الدعم، سيتجه معظمها إلى النوادي الاجتماعية لضباط الشرطة، وقد خُصّصت 587 مليون منها للديوان العام للوزارة، و248 مليون جنيه لمصلحة الأمن والشرطة، و67 مليون لصندوق تطوير الأحوال المدنية و15 مليون جنيه لمصلحة السجون التي أصبح اسمها قطاع الحماية المجتمعية.
ونالت وزارة الخارجية 624 مليون جنيه، 587 مليون منها للديوان العام للوزارة، و37 مليون لصندوق تمويل مباني وزارة الخارجية بالخارج، وذلك فضلا عن 165 مليون جنيه للوكالة المصرية للشركة من أجل التنمية، وهو ما يمثل المعونات التي تقدمها مصر إلى الدول الأفريقية والدول الإسلامية بالاتحاد السوفيتي السابق.
وحصلت وزارة العدل على 303 ملايين جنيه من أموال الدعم، توزعت بواقع 225 مليون جنيه للديوان العام للوزارة، و30 مليون جنيه لصندوق أبنية المحاكم والشهر والعقاري، و16 مليون إلى القضاء والنيابة، كما حصلت وزارة الطيران المدني على 502 مليون جنيه منها 501 مليون لصندوق دعم وتطوير الطيران المدني، كذلك حصلت هيئة الرقابة الإدارية على 30 مليون جنيه ورئاسة الجمهورية على 17 مليون جنيه.
مبالغ ضئيلة لدعم المستشفيات
وهكذا تتفاوت حظوظ الوزارات وأنصبتها من الدعم، حيث كان نصيب وزارة الإنتاج الحربي 1.6 مليار جنيه، ووزارة التعليم العالي 561 مليون جنيه، بينما حصل التعليم قبل الجامعي الأكثر عددا والأكثر انتشارا الذي يتبعه حوالي 25 مليون تلميذ بربوع البلاد على 218 مليون جنيه، وحصلت وزارة الشباب على مليار و251 مليون جنيه، توزعت أساسا بين المجلس القومي للشباب بنصيب 657 مليون جنيه والمجلس القومي للرياضية بنصيب 473 مليون جنيه.
كما حصلت الجهات التابعة لوزارة الثقافة على 227 مليون جنيه، مع ملاحظة حصول دار الأوبرا وصندوق تطويرها على 75 مليون، بينما حصلت هيئة قصور الثقافة التي يمتد نشاطها إلى كافة المحافظات على 26 مليون جنيه، وكان نصيب قطاع الزراعة بكل الجهات التابعة له 83 مليون جنيه، منها 60 مليون لمركز البحوث الزراعية. واقتصر نصيب أجهزة حماية البيئة على 78 مليون جنيه، توزعت بين 44 مليون لهيئة نظافة الجيزة و25 مليون لهيئة نظافة القاهرة و9 ملايين جنيه لجهاز شؤون البيئة.
ورغم حصول قطاع الصحة على 7.8 مليارات جنيه فإن غالبية هذا المبلغ اتجهت إلى العلاج على نفقة الدولة بنصيب 7.3 مليارات جنيه، ولهذا تدنى نصيب العديد من الجهات العلاجية حيث بلغت مخصصات معهد تيودور بلهارس خمسين ألف جنيه، ومستشفى أسوان التعليمي 55 ألف جنيه، ومستشفيات جامعة قناة السويس مئة ألف جنيه، ومعهد أبجاث العيون 102 ألف جنيه، ومستشفى كفر الشيخ الجامعي 150 ألف جنيه، ومستشفى الفيوم الجامعي مئتي ألف جنيه، ومستشفى طنطا الجامعي ربع مليون جنيه، والمستشفيات الجامعية بالزقازيق ثلاثمئة ألف جنيه، والمستشفيات الجامعية بالإسكندرية أربعمئة ألف جنيه، ومستشفى الحسين الجامعي 671 ألف جنيه.
ويبدو التمييز لصالح العاصمة في إنفاق الدعم من خلال دعم هيئتي النقل العام بالقاهرة والإسكندرية، بنحو 1.8 مليار جنيه في حين لا يوجد مثل ذلك الدعم لمرافق النقل الداخلي بباقي المحافظات، كما حصلت بعض فئات ركاب مترو الأنفاق بالعاصمة على دعم بقيمة 400 مليون جنيه، وهو أيضا غير متكرر لعدم وجود خطوط مترو بباقي المحافظات، في حين خصص مئة مليون جنيه للتأمين الصحي للفلاحين البالغ عددهم أكثر من خمسة ملايين فلاح.
قيمة الدعم تحلّ خامسة بين أبواب الإنفاق
كما لوحظت قلة المبالغ التي حصلت عليها المراكز البحثية عموما بغض النظر عن الوزارات التابعة لها، ومن المراكز التابعة لوزارة البحث العلمي نال معهد بحوث الإلكترونيات نصيب 908 آلاف جنيه، وهيئة الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء 910 ألف جنيه، ومن المراكز التابعة لوزارة التعليم كان نصيب المركز القومي للبحوث التربوية 80 ألف جنيه، ومن الجهات التابعة لوزارة التخطيط نال معهد التخطيط القومي 145 ألف جنيه.
وكان نصيب هيئة الاستعلامات البالغ 4.2 ملايين جنيه أكبر مما حصل عليه صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ وهو 2.3 مليون جنيه، وكذلك هيئة الخدمات البيطرية التي تمتد فروعها بالمحافظات وكان نصيبها 2.7 مليون جنيه، ودعم هيئة حماية الشواطئ البالغ 75 ألف جنيه.
وكانت وزارة المالية قد أعلنت بلوغ مخصصات الدعم بموازنة العام المالي الحالي 356 مليار جنيه، إلا أن هذا الرقم تضمن مبلغ 127 مليار جنيه مساهمات في صناديق المعاشات، وهو ما يخص جانبا من القسط السنوي الذي التزمت وزارة المالية منذ عام 2019 بعد صدور قانون جديد للمعاشات، بسداده سنويا لهيئة التأمينات الاجتماعية مقابل استحواذها على أموال التأمينات قبل عدة سنوات.
وكان ينبغي أن يتم وضع ذلك القسط في الباب الثامن بالاستخدامات بالموازنة والخاص بسداد أقساط القروض، لكنه وُضع ضمن الدعم لتضخيم رقم الدعم حتى يسهل ذلك مهمة الوزراء في ذكر رقم كبير للدعم خلال تصريحاتهم الإعلامية، ورغم هذا التضخيم لرقم الدعم فإنه يأتي في المركز الخامس بين أبواب الاستخدامات الثمانية، أي أنه أقل من قيمة أقساط القروض البالغة 966 مليار جنيه، وفوائد الدين البالغة 690 مليار، ومن قيمة الأجور وهي 400 مليار، وقيمة الاستثمارات وهي 376 مليار جنيه.
ويعد دعم الخبز الرقم الأهم في الدعم لدى الجمهور، إذ يبلغ 49 مليار جنيه بنسبة 14% من مجمل مخصصات الدعم، يليه دعم سلع البطاقات التموينية البالغ 36 مليار جنيه بنسبة 10% من الإجمالي، ودعم المنتجات البترولية البالغ 28 مليار جنيه.
ثم يأتي بعد ذلك معاش التضامن الاجتماعي وتكافل وكرامة بـ22 مليار جنيه، و6 مليارات لدعم الصادرات، و5.3 مليارات للسكة الحديدية و5 مليارات لدعم الإسكان الاجتماعي و3.5 مليارات لدعم توصيل الغاز الطبيعي للمنازل، فضلا عن 40 مليار جنيه تمثل احتياطيات للدعم.