هل تآمرت أكشنار وإمام أوغلو للإطاحة بكيليشدار أوغلو؟!

أكشنار وأوغلو يحتفلان بالحكم

عقب هدوء العاصفة السياسية والحزبية التي اندلعت جراء حكم الحبس الذي صدر بحق رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، على خلفية قيامة بإهانة أعضاء الهيئة العليا للانتخابات، اندلعت أزمة جديدة تنذر في حال تطورها، بانهيار تحالف أحزاب المعارضة، المنوط به مواجهة تحالف الشعب الذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.

العنوان الرئيس للأزمة الجديدة حمل في طياته الكثير من المفاجآت، وفضح العديد من الممارسات، التي مثلت صدمة حقيقية للقاعدة الجماهيرية التي تدعم أحزاب الطاولة الستة، وتطمح لإحداث تغييرات في الشكل العام للنخبة السياسية الحاكمة على يديهم.

فخلال الأيام القليلة الماضية تم الكشف عن الكثير من المعلومات التي تؤكد وجود مؤامرة ينفذها كل من ميرال أكشنار رئيسة حزب الجيد، وأكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول، بهدف الإطاحة بكمال كيليشدار أوغلو زعيم المعارضة، ورئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية في البرلمان.

لإفساح المجال أمام إمام أوغلو لقيادة حزب الشعب الجمهوري من جهة، والترشح لمنصب رئيس الجمهورية من جهة أخرى، في مقابل العمل على تغيير النظام الرئاسي المعمول به حاليًا في البلاد، والعودة إلى النظام البرلماني الذي تم إلغائه باستفتاء شعبي عام 2018، لتحقيق رغبة أكشنار في تولي منصب رئيسة الوزراء.

اجتماعات ثنائية وتوظيف لحكم المحكمة الابتدائية

وتشير المعلومات المتداولة أن أكشنار وإمام أوغلو اجتمعا بصورة منفردة بعيدًا عن باقي أحزاب المعارضة بما فيهم حزب الشعب الجمهوري نفسه، في مكتب الأخير، وأنهما خططا للانقلاب على كيليشدار أوغلو مستغلين صدور الحكم الأولي بإدانة إمام أوغلو، لاستثماره في رفع أسهم الأخير أمام رئيس الحزب، رغم أن الدوائر القانونية والسياسية كانت تعلم مسبقًا أن الحكم سيصدر بإدانته كإجراء تقليدي.

ومما يؤكد هذه الحقيقة قيام كيليشدار أوغلو زعيم الحزب بتنفيذ برنامجه السياسي بصورة معتادة، رغم علمه بموعد صدور الحكم، حيث توجه لزيارة ألمانيا ليفاجئ أثناء الزيارة بصدور الحكم، ودعوة إمام أوغلو لمؤيديه بالتجمع والتظاهر أمام مقر بلدية إسطنبول، عبر صفحته الرسمية على تويتر، لترد أكشنار سريعًا بأنها في طريقها من أنقرة إلى إسطنبول تلبية لدعوته، ليجد كيليشدار أوغلو نفسه في موقف لا يحسد عليه.

وفي محاولة منه لتدارك الأمر قام الرجل بقطع رحلته، والعودة بطائرة خاصة إلى إسطنبول، ليقف على حقيقة ما يحدث، وحتى لا يترك الساحة خالية أمام أكشنار وإمام أوغلو يفعلا فيها ما يحلو لهما، إذ يبدو أن ملامح المؤامرة كانت قد بدأت تتضح أمامه.

فيديو يكشف تفاصيل المؤامرة

وفي كلمتها أمام مؤيدي إمام أوغلو كشفت أكشنار عن جزء جديد من المؤامرة حينما صرحت: “أن التطورات التي تحدث الآن تثبت أنك لم تعد مدعومًا من جانب 16 مليونًا فقط هم سكان إسطنبول، لقد أصبحت الآن مدعومًا من جميع مواطني تركيا الـ85 مليونًا”، في تلميح واضح إلى أنه أصبح فعليًا ومنذ هذه اللحظة المرشح المختار للرئاسة، وهو التصريح الذي مثل صدمة لقيادات حزب الشعب الجمهوري، خصوصًا وأنه جاء في غياب كيليشدار أوغلو.

أما الفضيحة الأكبر فجاءت من خلال مقطع فيديو مصور نشره المتحدث الإعلامي لبلدية إسطنبول، يجمع كلًا من أكشنار وإمام أوغلو في مكتبه مع عدد من موظفي بلدية إسطنبول أثناء تلقيهم خبر صدور حكم الحبس الصادر بحقه، ويُظهر الفيديو ملامح الفرحة التي ارتسمت على وجهيهما وتبادلهما العناق، ليأتي صوت أكشنار قائلة له: “الأمر يبدأ الآن”، ويرد عليها إمام أوغلو مبتهجًا: “بالفعل نضالنا يبدأ الآن، شكرًا لكم”، وتتعالى أصوات تصفيق من كانوا حاضري الاجتماع.

وهو الفيديو الذي كذب ادعاء أكشنار بأنها لم تكن في إسطنبول، وأنها أتت من أنقرة بعد أن علمت بالخبر، كما أن تصريحيهما يشير إلى وجود اتفاق مسبق بينهما على توظيف الحكم لتنفيذ مخططهما.

أكرم إمام أوغلو وإعجاب بخطاب ميرال أكشنار الداعم له

كمال كيليشدار أوغلو ومحاولة إفشال مخطط اغتياله

وفي محاولة من جانب زعيم المعارضة لإفشال مؤامرة اغتياله سياسيًا، سارع فور عودته إلى إسطنبول للتصريح بأن لا أحد يستطيع منع رئيس بلدية إسطنبول من مواصلة عمله في خدمة أهالي المدينة، وأنه إذا كان الحزب الحاكم يسعى إلى إزاحته عن رئاسة البلدية فإن حزب الشعب الجمهوري مستعد لخوض انتخابات بلدية جديدة سيكون أكرم إمام أوغلو مرشحًا وحيدًا للمعارضة فيها، في إشارة إلى أن حدود الأخير لن تتخطى رئاسة بلدية إسطنبول، وأن ترشحه لرئاسة الجمهورية مرفوض شكلًا وموضوعًا.

قيادات حزب الشعب الجمهوري واجهت بدورها مخطط أكشنار – إمام أوغلو، إذ سارع نائب الرئيس بولنت تاز جان للإعراب عن إيمان الحزب بأن كيليشدار أوغلو هو الأنسب لقيادة تركيا خلال المرحلة المقبلة، موضحًا أن الرئيس المقبل يجب ألا يكون طامحًا لسلطة، وأن يكون متوازنًا، ولديه القدرة على التسامح والتعامل مع جميع الشعب وتوجهاته السياسية، وجميعها تنطبق على كيليشدار أوغلو دون غيره من الأسماء التي تم طرحها خلال الفترة الماضية.

وهي صفات بعيدة تمامًا عن شخصية إمام أوغلو، المعروف عنه الغرور والنرجسية، والصدام مع كل من يخالفه الرأي، إلى جانب حبه للسلطة، وشهيته العالية لحب الظهور بسبب ومن دون سبب.

ما حدث وما تم الكشف عنه أدى إلى تراجع ثقة رؤساء أحزاب المعارضة الشركاء بالطاولة السداسية في ميرال أكشنار، ورفضهم لما أقدمت عليه، والتآمر من وراء ظهورهم، بل واستغلالهم من أجل استكمال باقي سيناريو مخططها.

حقيقة إصرار أكشنار على صعود إمام أوغلو لمنصب الرئاسة

لكن السؤال هل ينجح كمال كيليشدار أوغلو في رأب الصدع وإفشال مخطط أكشنار وإمام أوغلو، وإقناع شركائه بترشيحه لخوض الانتخابات الرئاسية كمرشح توافقي؟ أم أن الأمور ستأخذ منحى مغايرًا؟ ويتم فك الارتباط بين الأحزاب الستة لتدخل المعارضة الانتخابات بأكثر من مرشح، بينما تستمر أكشنار وإمام أوغلو في السير قدمًا من أجل الإطاحة بكيليشدار أوغلو، كما سبق وأن قام هو نفسه بالإطاحة بدنيز بيكال زعيم الحزب السابق، واستكمال خططهما لتحقيق حلم كل واحد منهما.

في أن يصبح إمام أوغلو رئيسًا للجمهورية، ويتم العمل على إعادة النظام البرلماني الذي يعني تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، وتحويله إلى منصب شبه شرفي كما كان عليه الوضع في الماضي، في حين تصبح السلطة الفعلية في البلاد من نصيب ميرال أكشنار بعد توليها رئاسة الوزراء.

أحلام أظهرت السبب الحقيقي وراء العلاقة الغريبة التي تربط الاثنين معًا، وذلك الإصرار العجيب من رئيسة حزب الجيد على صعود إمام أوغلو لمنصب الرئاسة، خصوصًا وأنها سبق وأعربت عن رغبتها في أن تصبح رئيسة للوزراء، وأنها ترى أن أكرم إمام أوغلو هو الشخصية الوحيدة القادرة على منافسة أردوغان، والإطاحة به من على مقعد الرئاسة، وهو الأمر الذي لم يلتفت إلى مغزاه أحد آنذاك، رغم أنها كررت الجملة نفسها أكثر من مرة، حينما سئلت عما إذا كانت تنوي الترشح لرئاسة الجمهورية، لترد قائلة: أنا مرشحة لرئاسة الوزراء ولا رجوع عن هذا القرار! رغم أن النظام السياسي المعمول به حاليًا ألغى منصب رئيس الوزراء.

أكشنار تهدي أوغلو وشاحا بمناسبة صدور حكم ضده
المصدر : الجزيرة مباشر