فانوس الصين العظيم
لماذا كل ما هو صيني أحمر!

الفوانيس – الأساطير – اللون الأحمر – التنانين
ربما يمكن لتلك الكلمات الأربع أن تصف ذلك البلد المعجز الأسطوري، فهو أسطورة حقيقية حية صنعها تراث زاخر بالأساطير لتتحول تلك الأساطير إلى حقيقة، تنين أحمر يغزو العالم بثقافته وقوته الاقتصادية المذهلة وطعامه التقليدي وخصوصيته الفريدة.
لماذا كل ما هو صيني أحمر؟
العلم، الفوانيس، مخلوقات التنين الأسطوري، حوافظ النقود، الملابس، حتى صورتها فوق خارطة العالم؟ ليس للأمر علاقة من قريب أو بعيد بالدم أو الحرب، كل ما في الأمر أن أساطيرهم حمراء وتاريخهم أحمر والأحمر لون له معنى خاص متأصل في الثقافة الصينية، فهو يرتبط بعنصر النار الذي يمثل الحياة والحيوية والضوء، وهو لون يرمز إلى الحب والحظ السعيد والازدهار، ولم تتغير معانيه على مر التاريخ، ولأنه لون يرمز للحظ السعيد فهذا يفسر سبب ارتداء الصينيين للون الأحمر كثيرًا وخاصة في احتفالات العام الجديد التي يتم الاحتفال بها هذا العام في الأول من فبراير، وتستمر مدة خمسة عشر يومًا، وتسمى هذه الفترة الاحتفالية أيضًا عيد الربيع وتنتهي في اليوم الخامس عشر بمهرجان يسمى مهرجان الفوانيس “يوان شياو”، ويعود هذا المهرجان إلى عهد أسرة هان الشرقية (202 ق.م – 220 م)، حيث تم تسجيله في التقويم الزراعي الذي كتبه المهندس الزراعي الشهير “شي شنغهان” للفلاحين.
التنين الصيني
مهرجان الفوانيس في الموروثات الشعبية
يرتبط هذا المهرجان بعدد من الأساطير الراسخة في الموروث الصيني الشعبي، ووفقًا لأحد الأساطير الصينية أن وحشًا شرسًا اسمه “نيان” له أسنان وقرون حادة كان يأكل الماشية ويهاجم القرويين ويخيف الأطفال.
وكان هذا الوحش يخاف من الضوضاء العالية والأضواء الساطعة واللون الأحمر. فقام الناس باستخدام هذه الأشياء لطرده بعيدًا عنهم، وهذا هو سرّ إطلاق الألعاب النارية؛ إذ لم تطلَق من أجل الاحتفال فقط وإنما من أجل “الضوضاء” ووضع الفوانيس الحمراء المعلقة على الأبواب والنوافذ أثناء الاحتفالات.
وقد ارتبط مهرجان الفوانيس الصينية ارتباطًا وثيقًا بالحب في الصين القديمة، ففي العصور القديمة، كان هناك حظر تجوال صارم يهدف إلى إبقاء الناس في منازلهم بعد حلول الظلام. أما النساء فكان مفروضًا عليهن البقاء في منازلهن في جميع الأوقات.
لكن خلال مهرجان الفوانيس، تم رفع حظر التجوال حتى يتمكن الناس من الخروج ليلًا لمشاهدة الفوانيس فخرج الجميع بما في ذلك النساء بعد أن سُمح لهنّ بالخروج فاختلطت الأجناس بعضها ببعض. وكان ذلك الوقت جيّدًا للقاء العشاق.
وقد انعكس هذا الجانب الرومانسي لمهرجان الفوانيس في القصائد والأوبرا والقصص.
ومهما كان أصل المهرجان، فإنه سرعان ما تطور عبر الزمن ليصبح عطلة صينية شهيرة ليس فقط في الصين بل في عدد من الدول الآسيوية مثل تايلند وسنغافورة وماليزيا وفيتنام واليابان والفلبين التي تأثرت كثيرًا بالثقافة الصينية.
أقدم حيّ صيني بالعالم
ومن بين العديد من الأحياء الصينية في العالم تحظى الفلبين بأقدم حيّ صيني ليس في الفلبين فقط بل في العالم أجمع. هذا الحي أو “بينوندو” كما هو معروف لدى السكان المحليين يقع في مدينة مانيلا، وقد أسّسه الحاكم الإسباني لويس بيريز داسماريناس عام 1594م، وكان الموقع في الأصل مستوطنة للمهاجرين الصينيين، وخاصة تجار الحرير الذين كانوا قد استقروا وصنعوا حياة جديدة في مانيلا.
ومع قدومهم قاموا بنشر ثقافتهم الجديدة بين الشعب الفلبيني، وقاموا ببناء منازلهم على الطراز الصيني حتى يشعروا بأنهم ما زالوا في الوطن، ليس هذا فقط بل قاموا أيضا بإنشاء المدارس الصينية، والمؤسسات التعليمة وما زال إرثهم الثقافي وعاداتهم موجودة حتى الآن بل امتزجت أيضا مع الثقافة الفلبينية ليصبح بينوندومركزًا اقتصاديًّا وثقافيًّا للجالية الصينية في الفلبين.
الحي الصيني في الفلبين