هل تصل ألغام أوكرانيا إلى إسطنبول؟!

رئيس البحرية التركية السابق يكتب لـ“الجزيرة مباشر”

سفينة صيد الألغام التابعة للبحرية التركية تبحر في مضيق البوسفور بإسطنبول

1- هل تصل الألغام التي زرعتها أوكرانيا إلى مضيق البوسفور في إسطنبول والبحر الأبيض المتوسط؟

وفقًا لتقارير المعهد الهيدرولوجي الروسي، فإن الألغام التي زرعتها أوكرانيا في ميناء أوديسا وأوتشاكوف وتشرنومورسك ويوجني تخلصت من مراسيها بسبب العاصفة، وبدأت بالتحرك دون حسيب ولا رقيب. يُقدَّر عدد الألغام بنحو 420، وهي من نوع (YM) و(YRM). كما أصدرت روسيا إعلان “تحذير ساحلي” رسمي من خلال نظام (NAVAREA) الدولي لمواجهة خطر الألغام الضالة في مياه البحر الأسود.

هذه الذخائر التي تُسمّى الألغام الضالة في المصطلحات العسكرية، هي أسلحة خطيرة للغاية. لهذا السبب، حدد البروتوكول الثامن من اتفاقية لاهاي عام 1907 استخدام هذه الألغام، وحظر زرعها قبالة السواحل والموانئ. إن زرع الألغام يفرض مسؤولية كبيرة على الدولة التي تقوم به. الألغام التي قد تنفلت تشكّل مخاطر جسيمة على البحر الأسود والمضائق. هذه الألغام التي تُسمّى الألغام الضالة والمشردة أو المتشردة عمدًا، تشكل خطرًا كبيرًا في البحر الأسود ومضيق البوسفور، لأن التيار العام في البحر الأسود يتجه نحو مضيق البوسفور بتأثير نهر الدانوب، وهو ما يعني أن هناك احتمالًا كبيرًا لانجراف الألغام الضالة -إن وُجدت- نحو مضيق البوسفور وتشكّل خطرًا.

 

2- ما نوع الخطر الذي ينتظرنا في حالة حدوث مثل هذا الموقف؟

ستتعرض الحياة التجارية لضربة كبيرة، حيث يمر ما يتراوح من 40 إلى 50 ألف سفينة سنويًّا من مضيق البوسفور والبحر الأسود. ومن جهة أخرى، سيتعرض الأمن الإقليمي لخطر كبير، وسيعاني حوض البحر الأسود -الذي كانت العلاقات التجارية والدبلوماسية والثقافية قوية فيه منذ سنوات- من جرح كبير بسبب هذه القضية إن حدثت.

العلاقة بين الدول مبنية على التوتر، فالتقارير المتعلقة بهذا الأمر يجب أخذها على محمل الجد. وباختصار، فإن المخاطر الأمنية والاقتصادية والعسكرية تتعرض للخطر بسبب الألغام المحتملة في المنطقة. عندما يتضرر الأمن التجاري في البحر الأسود، ستتوقف أنشطتنا الاقتصادية في النقل البحري. تصورنا للتهديد سيتنوع وبشكل سلبي من الناحية العسكرية بسبب التوتر الناجم عن الألغام. ومن ناحية أخرى، ستتأثر علاقاتنا الدبلوماسية بشكل سلبي. انتهت استعداداتنا لحوض الطاقة الموجود في المنطقة.  ومثل هذا الشيء من شأنه أن يُلحق ضررًا أيضًا بحوض الطاقة.

 

3- هل يمكن الكشف عن هذه الألغام وإزالتها؟

بدأ الاتحاد السوفيتي إنتاج الألغام البحرية من نوع (YM) في الحرب العالمية الثانية، وجرى تطبيقه للمرة الأولى في خليج فنلندا. يحتوي اللغم الذي يبلغ وزنه 172 كيلوغرامًا على 20 كيلوغرامًا من متفجرات (تي إن تي). يتم وضعه في الماء على عمق يتراوح من متر إلى مترين. يعمل اللغم بمبدأ التلامس، فعندما ينفجر يُتلف السفن أو يُغرقها بتأثير الشظايا.

تُستخدم ألغام (YRM) لمنع الإنزال من البحر. تزن هذه الألغام المنتجة في فترة الاتحاد السوفيتي نحو 30 كيلوغرامًا، وتحتوى على 3 كيلوغرامات من المتفجرات النشطة. ينفجر اللغم عند التلامس بشكل جزئي، ويهدف إلى تدمير القوات الحية للعدو.

على الرغم من نجاح تحديد مواقع الألغام (YM) إلى حد ما مع أنظمة السونار، فإن تحديد مواقع ألغام (YRM) أكثر صعوبة نظرًا لصغر حجمها. يُعد تدمير اللغم أو العثور عليه وإزالته عملًا يستغرق شهورًا أو حتى سنوات. ولا تزال هناك ألغام بحرية من الحرب العالمية الأولى والثانية في أجزاء مختلفة من العالم، ويتم تدميرها حديثًا. هذه العملية تتطلب الكثير من الجهد، ويجب تنفيذ أنشطة الفرز بدقة. يجب على بلدنا أن يُظهر حساسية كبيرة، وأن يأخذ في الاعتبار جميع التحذيرات، لأن اللغم سلاح محفوف بالمخاطر بدرجة كافية لإغراق سفينة كبيرة.

من ناحية أخرى، تحظر اتفاقية لاهاي استخدام اللغم، وهو سلاح محظور في الموانئ والطرق التجارية، وعملية إزالته من مسؤولية الدولة أو الدول التي زرعته بالكامل.

 

الألغام البحرية

البروتوكول الثامن لاتفاقية لاهاي عام 1907:

(1) الألغام يتم استخدامها فقط لأغراض عسكرية مشروعة، مثل عدم إعطاء مناطق بحرية للعدو.

(2) لا تُستخدم الألغام إذا لم تكن هناك آلية تحييد فعالة تعمل عند ضياعها أو فقدان السيطرة عليها.

(3) لا يمكن استخدام الألغام العائمة (الضالة) ما لم يتم توجيهها نحو هدف عسكري، وتصبح غير ضارة خلال ساعة واحدة فقط من فقدان السيطرة عليها.

(4) يتم تسجيل الأماكن التي تُزرع فيها الألغام.

(5) يجب زرع الألغام بطريقة تسمح للسفن المحايدة بالإبحار إلى البحار المفتوحة، وأن تكون بطريقة تحافظ على فتح خط السير للطرق في المضائق الدولية والطرق البحرية.

(6) الغرض من إبطال الألغام هو التأكد من عدم تسبّبها بضرر للسفن بعد خروجها عن سيطرة المحارب، وهذا ضروري لعملية إزالة الألغام بعد انتهاء الأعمال العدائية.

إن الدول التي تستخدم الألغام ولم تستوفِ الشروط المحددة في هذه الاتفاقية، تُعد أنها ترتكب جريمة حرب. فإذا كنا نتحدث عن وجود ألغام ضالة، فهذا يعني أن أولئك الذين استخدموا اللغم ارتكبوا جرائم حرب. في هذه الحالة، تمتلك قوات البحرية التركية أنظمة وسفنًا لمسح الألغام وصيدها، تقوم بأنشطة الكشف عنها في المناطق التي توجد فيها مخاطر عالية، وحيث توجد حركة مرور كثيفة. وإذا لزم الأمر، فيمكن إنشاء ممرات آمنة عبر التأكد من عدم وجود ألغام باتجاه مدخل مضيق البوسفور، وعن طريق إجراء أنشطة البحث عن الألغام والمسح الضوئي والصيد بشكل متكرر، ونسمي هذا النموذج بالقناة الممسوحة ضوئيًا.

ومع ذلك، فإن أول شيء يجب القيام به هو أنه إذا كانت أي دولة قد زرعت لغمًا، فيجب عليها تفسير ذلك وإبلاغ الدول المشاطئة للبحر الأسود على الأقل بعدد الألغام الضالة ونوعها ومتى انفلتت، إن وُجدت.

4- كيف تشكّل الألغام خطرًا على الكائنات البحرية؟

كل هذه التدخلات التي تقوم بها الأيدي البشرية تسبب ضررًا كبيرا للطبيعة. البحر الأسود هو منطقة جغرافية طبيعية تتمتع بتنوع جيولوجي وبيولوجي كبير، وتحتاج إلى الحماية. من المحتمل أيضًا أن تتأثر أنواع الأسماك والكائنات الأخرى الموجودة في البحر الأسود بهذا الوضع السلبي.

في حالة حدوث انفجار محتمل، سيواجه الناس والسفن والتجارة والكائنات الحية التي تعيش في البحر الأسود كارثة كبيرة. المساحات المعيشية ومواسم التفريغ وتحركات القطيع لكل أنواع الكائنات التي تعيش هنا ستكون معرّضة لخطر التغيير المميت بسبب تأثير هذا الانفجار. من الضروري تقييم تأثير الانفجار على النظام البيئي، بجانب التلوث البحري والمخاطر التي سيشكلها.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان